الانشقاقات تهدد صفوف أكبر حلفاء إيران بالعراق
باتت بوادر انشقاقات جديدة تلوح في أفق حزب الدعوة العراقي الموالي لإيران، فالصراعات الداخلية بين قياداته التي أزاحته خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة من منصب رئاسة الوزراء أصبحت تهدد وجوده السياسي على الساحة العراقية بالكامل، وفقا لموقع 24.
وسلطت استقالة
رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي رئيس المكتب السياسي لحزب الدعوة من جميع
مناصبه داخل الحزب في ٣٠ مايو الماضي، الضوء على عمق الصراعات التي وصلت إليها قيادة
الحزب، الذي يحاول رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الأمين العام الحالي لحزب الدعوة
أن يفرض سيطرته الكاملة عليه بدعم من نظام ولاية الفقيه الإيراني ومحاولاته إعادة الدعوة
إلى قيادة الحكومة العراقية مجددا، من خلال إنهاء الصراعات الداخلية بين صفوفه.
وحالت الصراعات
بين قيادة حزب الدعوة خصوصا بين قياداته الخمس الرئيسيين المعروفين بالقادة التاريخيين
للحزب والأكثر تأثيرا عليه، وهم نوري المالكي وعبدالحليم الزهيري وحيدر العبادي وطارق
نجم وعلي الأديب من تنظيم الحزب لمؤتمره العام منذ تولي العبادي رئاسة الحكومة السابقة
عام ٢٠١٤، فرغم تحديد ١٤ يونيو الجاري موعدا لتنظيم المؤتمر إلا أن الحزب أعلن عن تأجيله
مجددا إلى الأيام العشر الأخيرة من الشهر نفسه.
وحزب الدعوة الإسلامي
هو أحد الأحزاب السياسية الشيعية الرئيسية في العراق، تأسس عام ١٩٥٧ من قبل مجموعة
من رجال الدين الشيعة، وبرز الحزب على الساحة العراقية خلال سبعينيات القرن المنصرم
من خلال تنظيم مظاهرات مناهضة لحزب البعث الحاكم آنذاك، وشن هجمات مسلحة ضده، وبعد
سيطرة نظام الخميني على الحكم في إيران عام ١٩٧٩ ارتبط الحزب بعلاقات وثيقة معه، وأعلن
عن تأييده الكامل لسياساته.
وكشف قيادي بارز
في حزب الدعوة لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه حفاظا على مركزه
داخل الحزب، عن محاولات يقودها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي لإزاحة المالكي من
قيادة الحزب.
وتابع القيادي
"حيدر العبادي وعبدالحليم الزهيري وعلي الأديب وقادة آخرون يعملون على إعادة نظام
القيادة الجماعية لحزب الدعوة، لكن نوري المالكي يقف في مواجهة هذه المحاولة، لأنها
تهدد منصبه الحالي وهو أمين عام للدعوة، ويحظى بدعم من إيران، خصوصا من المرشد علي
الخامنئي وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، لدوره في ترسيخ وتوسيع النفوذ الإيراني في
العراق خلال السنوات الماضية".
وكشف عن مساعٍ
يقودها سليماني حاليا لتوحيد قيادة الدعوة وإعادة هيكليتها بما يتناسب مع احتياجات
إيران في العراق في المرحلة الحالية، المتمثلة باصطفاف العراق إلى جانب إيران، وعدم
الالتزام بالعقوبات الأمريكية المفرضة على النظام في طهران.
وأكد القيادي أن
نجاح المشروع الإيراني في فرض المالكي على حزب الدعوة وتوحيد صفوف الحزب سيتبعه تنفيذ
مخطط إيران للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي، وتشكيل حكومة بقيادة
حزب الدعوة.
وفشل حزب الدعوة
خلال السنوات الماضية من إدخال قادة شباب في صفوف قيادته، الأمر الذي أدخل الحزب في
حال موت سريري أسفرت عن خسائر متتالية، تأتي في مقدمتها فشله في الحصول على ثقة الشارع
العراقي خصوصا الشباب، إلى جانب قيادته السيئة لحكومات ترأسها عقب عام ٢٠٠٣ وحتى
٢٠١٨، والتي أدخلت العراق في سلسلة من الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية وجعلته
خاضعا لإيران، وما زالت هذه الأزمات تلقي بظلالها على الحياة السياسية والاجتماعية
والاقتصادية في العراق.
وأشار الكاتب والصحفي
العراقي علي البيدر إلى أن الانشقاقات الواضحة والصريحة بين قيادات حزب الدعوة ليست
من أجل تقديم رؤى وأفكار ووجهات نظر تخدم مسيرة الحزب، بل من أجل مصالح شخصية.
وأضاف البيدر لـ"العين
الإخبارية" "كثرة التيارات داخل قيادة حزب الدعوة تشير إلى إمكانية انشطاره
إلى عدة أحزاب، أي ستكون هناك مسميات سياسية جديدة ربما قد تسهم في تبني أفكار ورؤى
تختلف عما قدمه الدعوة طيلة فترة وجوده في السلطة"، مشيرا إلى أن وجود هذه الصراعات
وتفاقم أزمات حزب الدعوة ناجمة عن استئثار شخص المالكي وتفرده بقرارات الحزب وسياساته
الخاطئة، ومن ثم أضعف مكانة الحزب سياسيا وشعبيا، ومنع الحزب من تأهيل قادة شباب في
صفوفه.
وشدد البيدر على
أن الصراعات لم تكن وليدة لحظة استقالة العبادي، بل إن استقالته كشفت الأزمات المتراكمة
داخل الحزب حتى وصلت إلى حد تكسير قادته عظام بعضهم.
ولجأ المالكي إلى
إنشاء تنظيم سياسي جديد تحت مسمى "حركة البشائر الشبابية"، كورقة احتياطية
له، فيما إذا أبعد عن الأمانة العامة لحزب الدعوة، ونصب صهره ياسر عبدصخيل المالكي
أمينا عاما للحركة، التي عرفت منذ تأسيسها بمواقفها المتطرفة والموالاة للنظام الإيراني
وتنفيذ المشروع الإيراني في العراق والمنطقة.
وتستعر الصراعات
بين قيادات حزب الدعوة مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات، الذي صوت مجلس الوزراء،
في ٢١ مايو/أيار الماضي على تحديد موعد إجرائها بعد إنجاز عمل مفوضية الانتخابات ومجلس
النواب، حيث تسعى طهران إلى إنهاء الخلافات داخل حزب الدعوة قبل الانتخابات للسيطرة
على غالبية المحافظات العراقية، خصوصا العاصمة بغداد وجنوب العراق، الذي شهدت شعبية
حزب الدعوة تراجعا ملحوظا فيها خلال السنوات الماضية.