حل عاجل لضمان ضم كل الآثار المهربة في الخارج إلى الأموال العامة المصرية

أخبار مصر

رأس تمثال توت عنخ
رأس تمثال توت عنخ أمون


مدير عام بحوث أثار جنوب سيناء: استبدال عبارة "وكان خروجها بطرق غير مشروعة" بـ"بصرف النظر عن طريقة خروجها"، يحفظ كل الأثار المهربة

أثارت صالة كريستيز، جدلًا واسعًا في الأوساط الأثرية المصرية، بعدما أعلنت عرض رأس تمثال تخص الملك توت عنخ آمون بالمزاد العلني خلال شهر يوليو القادم، وهو ما دفع عدد من خبراء الآثار لوضع الحلول والروشتات العملية لمنع مثل هذه الممارسات مستقبلًا.

ومن ناحيته عقب الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي مناطق أثار جنوب سيناء، على بيع رأس توت عنخ آمون بصالة مزادات إنجليزية في لندن، قائلًا إن القضية لها عدة أبعاد قانونية وأثرية ولطالما استمرت دون حلول لن يتوقف نزيف استغلال الآثار المصرية بالخارج دون أدنى حقوق لأصحاب الحضارة الأصلية.

وأضاف "ريحان" في تصريحات إلى "الفجر"، أن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية "الويبو" هي أحد ملحقات اتفاقية التجارة العالمية "التربس" التي بدأ سريانها منتصف عام 1995، وهي اتفاقية وضعتها الدول المتقدمة تكنولوجيًا بحجة أن الدول النامية تستفيد من الاختراعات والاكتشافات الناتجة من البحوث العلمية دون أن تدفع ثمنًا باهظًا لهذا الاستغلال، ومن أجل ذلك تعمل الاتفاقية على تحقيق الحماية الفكرية بوسيلتين، الأولى تكون بالحصول على تصريح من مالك الحق الفكري، والثانية دفع ثمن الانتفاع بالاختراع، وذلك بهدف حماية حقوق المؤلفين والمخترعين والمكتشفين والمبتكرين.

تجاهل حقوق الحضارة

وأشار "ريحان" إلى أن هذه الدول تجاهلت حق أصحاب المنتج الحضاري، ولم تضع بندًا يخص الحقوق الحضارية في هذه الاتفاقية، إذا فهي دول تكيل الأمر بمكيالين، فهي تعرض آثارًا مصرية بمتاحفها تتكسب منها المليارات دون أن تدفع ثمنًا لاستغلال هذا الحق، حيث تجاهلت "الحق الحضاري" ضمن حقوق الملكية الفكرية، حيث تهدف من وراء ذلك غلق الباب في وجه الدول أصحاب هذا الحق بالمطالبة بحقوقها أو استعادة آثارها، هذا غير استنساخ التماثيل واللوحات والمقابر المصرية والمدن المصرية مثل الأقصر، والتي تدر الملايين على هذه الدول بما يخالف المادة 39 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018.

وأوضح "ريحان" أن هذه الدول تقوم بعرض الآثار المصرية في متاحفها، والتي تحقق أعلى إيرادات بوجودها في أي متحف بالخارج، كما تقوم بتأجير الآثار المصرية الموجودة بمتاحفها لتدر عليها الملايين، دون أي حق مادي لمصر نظير هذا الاستغلال لحين اتخاذ الإجراءات القانونية لاستردادها، والآثار المصرية تملأ متاحف العالم، ومنها متحف اللوفر، والمتحف البريطاني، ومتحف الأرميتاج في روسيا، ومتحف بوشكين في موسكو، ومتحف برلين، ومتحف تورونتو، ومتحف المتروبوليتان فى امريكا وغيرها.

عجائب الزمن

وتابع "ريحان" أنه من العجيب حين اكتشاف آثارًا مصرية مهربة للخارج نتيجة أعمال الحفر خلسة (باعتبارها آثارًا غير مسجلة لأنها لم تُكتشف بالطرق العلمية عن طريق المجلس الأعلى للآثار صاحب الحق الوحيد في أعمال الحفائر الأثرية على أرض مصر أو من يصرّح له سواءً كانت بعثات آثار من جامعات ومعاهد أجنبية معروفة أو بعثات آثار من الجامعات المصرية"

وأورد أن الجانب الأجنبي يطلب من مصر إثبات أن هذه آثار مصرية، وحين ترد مصر بأنها مصرية ولكنها غير مسجلة يعتبرها الجانب الأجنبي مسوغًا له لبيعها في المزادات العلنية وهذا ما يحدث مع الآثار المصرية بين حين وآخر حيث يعطي الجانب الأجنبي لنفسه شرعية زائفة بأحقيته في بيع هذه الآثار ناتجة عن عدم وجود حقوق ملكية فكرية للآثار في اتفاقية "الويبو".

وأكد "ريحان" أن السؤال الذي يجب طرحه على الجانب الأجنبي حين يطلب مستندًا لملكية مصر الآثار المصرية، هو هل تستطيع أنت أن تثبت لنا أن الآثار المهربة لديك هي آثار غير مصرية؟ وتحت أي عنوان ستبيع هذه الآثار؟ ستبيعها بالطبع على أنها آثارًا مصرية حتى تربح المليارات فهل يحق لك أن تسأل بعد ذلك مصر عن مصريتها؟.

تعديل المادة 8 من قانون الآثار

وطرح "ريحان" عدة حلول محلية ودولية منها تعديل المادة 8 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010، والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018، ونصها "تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة، عدا الأملاك الخاصة والأوقاف، حتى لو وجدت خارج جمهورية مصر العربية، وكان خروجها بطرق غير مشروعة، ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا وفقًا للأوضاع والإجراءات الواردة بالقانون ولائحته التنفيذية، والقرارات المنفذة له، وتنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون جميع إجراءات استرداد الآثار التي خرجت من مصر بطرق غير مشروعة والدعاوي التي تقام بشأنها"

وأكمل أن التعديل المطلوب هو استبدال عبارة "وكان خروجها بطرق غير مشروعة" بعبارة "بصرف النظر عن طريقة خروجها"، وبهذا تكون كل الآثار المصرية خارج مصر من الأموال العامة المصرية، وينطبق عليها ما ينطبق على الآثار المصرية، ولحين استرجاعها وجب دفع مبالغ نظير عرضها بالمتاحف المختلفة أو استغلالها بأى شكل ويدخلها ذلك ضمن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية العالمية ويمنع بيع أى آثار مصرية بالمزادات العلنية بالخارج باعتبارها ضمن الأموال العامة المصرية ويحق لمصر المطالبة بعودتها.

عيوب القانون رقم 82 لسنة 2002 والحل 

واستكمل "ريحان" أن قانون حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002، والذي وضع ضوابط لحقوق الملكية الفكرية تتضمن 206 مادة تشمل براءات الاختراع ونماذج المنفعة والتصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة والعلامات والبيانات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات والنماذج الصناعية وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والأصناف النباتية وتتجاهل الآثار ولم ينص عليها صراحة كما تجاهلتها الاتفاقية الدولية "الويبو" وهذا من عيوب القانون 82 لسنة 2002 ولكن هناك مواد يمكن أن تدخل تحتها الآثار مثل المادة 113 من هذا القانون التي تتضمن عقوبة لكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره ومن المعروف استخدام الآثار المصرية علامات تجارية فى كثير من الدول.

ونوه بأن الآثار بقيمتها الكبرى لا يصح أن تندرج تحت بند كشيئ هامشي أو فرعي كما نظرت إليها الاتفاقات الدولية بأنها كان يجب أن تندرج تحت مصنف فني حتى تضمن حقوقنا الحضارية فيها وكي لا يستمر نزيف استنزافها بكل الطرق سواء بالعرض في المتاحف أو البيع بالمزادات العلنية أو التأجير أو الاستنساخ.