البابا تواضروس الثاني يلقي عظته من قداس تدشين كنيسة السيدة العذراء بالسادات
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته خلال قداس تدشين كنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة السادات.
وقال هذا اليوم أيها الأحباء هو يوم فرح نفرح فيه بتدشين الكنيسة ونفرح أيضًا في فترة الخمسين المقدسة بالقيامة والصعود ونفرح أيضًا بتذكار القديس العظيم الأنبا آبرام أسقف الفيوم القديس المشهور بأنه رجل العطاء.
وتابع نحن نفرح في هذا الصباح المبارك بثلاثة أشياء:
أولًا: بتذكار تدشين هذه الكنيسة المباركة بمذابحها وأيقوناتها ومعموديتها. فالتدشين بمثابة كتابة شهادة ميلاد الكنيسة. فهو العيد المحلي لكنيسة العذراء بمدينة السادات ١٠ يونيو من كل عام. وكما تابعتم صلاة التدشين التي تبدأ بصلاة الشكر ثم مجموعة من المزامير التي يذكر فيها اسم بيت الله كما في مزمور ٢٣ ثم نصلي ٧ أواشي نذكر فيها المرضى والراقدين والمسافرين والقرابين والموعظين والمسؤولين وأيضا المناخ والطقس.
ثم نستعير صلوات من تدشين المذبح وقت سليمان الحكيم. في الجزء الأول من الصلوات نطلب الرحمة من الله والجزء الثاني نرشم المذبح بعلامة الصليب دون الميرون ذاكرين الفوائد التي ننعم بها من المذبح هو مصدر للخيرات وطرد الخواطر الشريرة والمرد هنا يكون آمين ثم آخر مرحلة نضع زيت الميرون، زيت التقديس والتخصيص ويشترك جميع الآباء بمسح المذبح ويكون المرد الليلويا علامة الفرح. فالمرد يكون كيرياليسون ثم آمين ثم الليلويا أي نطلب الرحمة واستجابة الصلاة فيعطينا الله الفرح في قلوبنا. فيوم التدشين يوم فرح، بعد مجهود كبير فكنيستكم كنيسة جميلة تصميمها رائع… يعيش ويتعب الأنبا باخوميوس ويعمر ويتعب ويعمل كنائس حلوة وأعلم أن الكنيسة هنا لها تاريخ طويل وحكايات وكثير تعبوا في هذه الكنيسة إلى أن صارت واقعًا وحقيقة نتمتع بها وتصير علامة مميزة في كنائس البحيرة وكنائس الدلتا بصفة عامة.
وطبعًا الآباء الكهنة بتعبهم والآراخنة والشمامسة والخدام والأطفال الصغار الذين كانوا يصلون من أجل وجود كنيسة. مبروك عليكم تدشين الكنيسة وتحفظوا تاريخ تدشينها ١٠ يونيو من كل عام.
تم تدشين المذبح الرئيسي على اسم العذراء مريم والمذبح البحري على اسم الملاك ميخائيل والمذبح القبلي على اسم القديسة مارينا والقديسة مريم المصرية وإيقونة الشرقية وإيقونة البانطوكراتور والمذابح في الكنيسة السفلية والمعمودية تدشن على اسم القديس يوحنا المعمدان فكل هؤلاء صاروا قديسين معكم بالكنيسة تتمتعوا بصحبتهم وتتمتعوا بشفاعتهم وتعيشوا حياتهم النقية كأمنا العذراء مريم والقديس يوسف النجار وهكذا كل القديسن المحبوبين لدينا. هذا هو الفرح الأول.
ثانيًا: فرحتنا بالقيامة المجيدة فرحنا بالصعود ونحتفل بعيد العنصرة يوم الأحد القادم. القيامة ليست مجرد احتفال لكنها فرحة تسكن في قلب الإنسان فهي ليست حدث تاريخي لكنها في قلب الإنسان طوال العام لذلك نصلي صلاة باكر تذكار لقيامة المسيح. ويوم الأحد الذي نصلي فيه ونقول “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب” ونحتفل في كل ٢٩ من الشهر القبطي بتذكار للقيامة مع الميلاد والبشارة لذلك احفظ في حياتك فرح القيامة باستمرار ولا تنسى عند الاحتفال بعيد حلول الروح القدس نحتفل بثمر الروح في حياتنا كما قال معلمنا ماربولس الرسول في رسالة غلاطية “وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ” فأنت مطالب طوال العام أن تكون سبب فرح في كل مكان أنت فيه في بيتك في خدمتك في علاقاتك مع أصحابك لأن الإنسان الذي يغيب عنه الفرح يكون متعب وسبب للمشاكل، عكس من يعيش بداخله فرح القيامة.
لهذا السبب نقول بشارة القديس متى أي القديس متى هو الذي فرحنا بالبشارة السارة باسم ربنا يسوع المسيح. نفرح بالقيامة ليس كفرح وقتي لكن فرح دائم فالفرح هو علامة الصحة الروحية فهو يعيش المسيحية الصحيحة. أما الإنسان أو البيت أو الخدمة التي يغيب عنها الفرح فهذا مؤشر لوجود خطأ ما. لذلك نفرح دائما حسب الوصية “اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا.” (في ٤: ٤)
ثالثًا: فرح العطاء: نقول دائمًا المعطي المسرور يحبه الرب. الإنسان الذي يقدم أي شئ من قلبه يرد له دائمًا بصورة فرح فمثلًا الإنسان الذي يقدم أي خدمة للآخرين أو يسند الضعفاء، ومن يحاول أن يحل مشاكل الناس أو يسدد احتياج لآخر حتى وإن كان كلمة تشجيع أو مساندة يرجع له فرح. ومن كرس حياته وقدمها كلها ترجع له بفرح وتعزيات كل يوم. والقديس الأنبا آبرام الذي نحتفل بتذكاره اليوم تنيح سنة ١٩١٤ أي مر على نياحته ١٠٥ سنة أسقف الفيوم فهو رمزا للعطاء. فالفرح هو فرح العطاء النظرة المتسامحة النظرة تقديم المساندة.
الإنسان الأناني لا يستطيع أن يقدم شئ وأظن أن الأرملة التي قدمت الفلسين ليست بعيدة عن أذهاننا فقد كانوا يصنعون صناديق العطاء من المعدن والعملات من المعدن ويكون حجمها حسب قيمتها فكلما كانت ذات قيمة تكون أكبر فكانوا الفريسيون يجلسون بجوار صناديق العطاء ليستمعوا إلى صوت العملات فكلما كانت العملة كبيرة تصدر صوتًا عاليًا وحكموا على الناس من وضع كثير أو قليل لكن صاحبة الفلسين جاءت في منتهى الخجل ومن إعوازها تضع في الخفاء لولا أن السيد المسيح استوقفها ومدحها وشجعها وأشار إلى أنها وضعت من إعوازها.
كل أب وأم يقدمون من أجل أولادهم ولا أقصد العطايا المادية لكن تربية أولادهم واهتمامهم بيهم كل إنسان يرفع صلواته ويقدم مشاعره هذا كله عطاء مفرح. والكنيسة التي نقف فيها اليوم لم يقدمها شخص بل اشترك فيها مئات والكل شارك ليس فقط بالمال بل ربما بالجهد أو الفكر أو الوقت.
إذن أيها الأحباء نشارك ويشاركني جميع الآباء سيدنا الأنبا باخوميوس فرح التدشين. هذا يوم مفرح به فرح التدشين وفرح القيامة وفرح العطاء احفظوا هذا اليوم دائما.
ربنا يبارككم ويعطي الصحة والعمر الطويل لسيدنا الأنبا باخوميوس ويفرحه بتعبه في أماكن كتيرة وثمر كثير في البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وفي دير القديس مكاريوس. وكل الآباء الكهنة والآباء الحاضرين معنا. يعطينا الله أن نعيش في ملء الفرح فوصية الإنجيل لنا أن نصلي ونشكر ونفرح كل حين المسيح يبارككم جميعًا، ويعطي نعمة لأهل مدينة السادات. كنت أحضر هنا كخادم صغير ثم جئت مرارًا كثيرة مع سيدنا الأنبا باخوميوس وأعرف الآباء وأعرف خدام وخادمات كثيرين هنا وأعرف تاريخ هذه الخدمة ربنا يبارككم ويكون معكم لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.