العمل على إدراج الصيد بالساف في قائمة التراث الثقافي اللامادي العالمي
أعلن رئيس بلدية الهوارية من ولاية نابل، فهمي الأسطى، السبت، أن بلدية الهوارية ستعمل، بداية من اختتام الدورة 52 لمهرجان الصيد بالساف المنتظمة 7 الى 9 جوان الجاري، على ادراج الصيد بالساف ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي العالمي، وفق تأكيده.
وأبرز الاسطى، في تصريح لمراسل (وات) بنابل، أن العمل على تسجيل الصيد بالساف ضمن التراث الثقافي اللامادي العالمي سيساهم في حشد الجهود من أجل دفع جديد للتنمية الثقافية بمدينة الهوارية، وتعزيز قدراتها لتتطوّر الى وجهة متميزة للسياحة الثقافية والبيئية، خاصة وأنها تتزخر، بالاضافة الى تقاليد الصيد بالساف، بمواقع أثرية متميزة من بينها مغاور الهوارية وجزيرتي زمبرة و زمبرتة، فضلا عن كونها اخر نقطة لمراقبة الطيور المهاجرة قبل عبورها للمتوسط.
يقول رئيس بلدية الهوارية "رغم عراقته كثاني مهرجان في تونس بعد مهرجان قرطاج الدولي، ما يزال مهرجان الساف بالهوارية، الذي ينتظم في شهر جوان من كل سنة، يعاني من غياب الدعم خاصة من وزارتي السياحة والشؤون الثقافية، دعم يمكن أن يطوّر المهرجان الى منتوج ثقافي سياحي قائم بذاته قادر على استقطاب السياح الاجانب المتيمين بحب الطبيعة والسياحة البيئية، وخاصة السياح من بلدان الخليج التي تعد آلاف المولعين بالصيد بالجوارح".
ويؤكد الاسطى أن المهرجان الذي ألغي في دورتين سابقتين بسبب غياب الدعم وبسبب اشكاليات حول التنظيم والاشراف سيدخل باطلاق مبادرة تسجيل الصيد بالساف ضمن التراث اللامادي العالمي مرحلة جديدة في تاريخه، مرحلة ستمكن من إعادة بناء المهرجان وتأثيثه على أسس صلبة يمكن أن تصون هذا التراث وان تجعل منه عنوانا لتميز الهوارية "اكيلاريا" (أرض الصقور) الموجودة بشمال شرق الوطن القبلي ولا يفصلها عن جزيرة صقلية إلا 80 كلم وتبعد عن تونس العاصمة 110 كلم.
الصيد بالساف موروث ثقافي عريق توارثه ابناء اكيلاريا منذ عقود يصعب حصرها، تقليد يعتمد قواعد مضبوطة تمنع تملك الطائر، تقليد يقوم على اصطياد طائر الساف في شهر مارس من كل سنة لعدد مضبوط من الراغبين في تهجين الساف، وقبل شهر جوان، وفي فترة لا تتجاوز الثلاثة اشهر، يتولى "السياف" أو مروض الساف تربية طائره وتعويده على مرافقته الى الاماكن العمومية والبقاء فوق يده وعلى اصطياد الفريسة دون اكلها.
هي ايام معدودات تسبق المهرجان في شهر جوان ليفتح ابواب التصفيات في الصيد بالساف بين المربين من معتمديات قليبية، وحمام الاغزاز، والهوارية، ليسدل الستار في اليوم الختامي لمهرجان الساف بعروض شيقة للصيد بالساف، واخرى للصيد بطائر البرني، في اجواء احتفالية بحضور جموع غفيرة من أهالي الهوارية ومن الزوار والضيوف.
اختتام مهرجان الساف هو اعلان عن انقضاء فترة ترويض الطائر، حيث يتولى المربون منذ اليوم الموالي للمهرجان توديع طيورهم التي تطلق في الهواء بحضور ممثلي ادارة الغابات، وفق القائمات المضبوطة للمربين فيستعيد الطائر حريته ويبدأ في اعداد العدة ليواصل رحلته بعد ان نزل الساف "امير السماء" ضيفا مبجلا بين اهالي الهوارية.
الدورة 52 لمهرجان الساف لهذه السنة، تميزت بتنظيم يوم بيئي، في إطار المهرجان، بمبادرة من الصندوق العالمي للطبيعة الذي حرص على استغلال اقبال الزوار على مدينة الهوارية للتعريف بالاكلات التقليدية للمدينة، وعلى تحسيس أهاليها وضيوفها بأهمية الاستهلاك المستدام والمسؤول للأسماك، خاصة بالاقبال على الانواع غير المهددة بالانقراض.
وفي هذا الصدد، قالت منسقة يوم الاكلات التقليدية "قصص من اطباقنا"، منى عبعاب، أن التوعية بأهمية الاستهلاك المستدام والمسؤول للاسماك هو من بين البرامج الهامة التي يعمل عليها الصندوق العالمي للطبيعة بهدف تعميق الوعي باهمية المحافظة على الثروة السمكية، والتقليص من اصطياد الاصناف المهددة بالانقراض في المتوسط واستهلاكها ومن بينها "المناني" و "التن" وعدة انواع من غلال البحر.
ولاحظت أن تنظيم هذا اليوم البيئي، يعدّ مناسبة لاطلاع المشاركين على عينة اخرى من الاكلات التقليدية لمدينة الهوارية التي تعتمد الاسماك غير المهددة بالانقراض ومن بينها الكسكسي بالدرع، وبسمك الشلبة، وسمك السكمبري، والشورو المشوي، والزميمرة.
واضافت بان الصندوق اعد بالمناسبة دليلا تحسيسيا عنوانه " قصص من اطباقكم" بهدف تعميق الوعي بالاستهلاك المسؤول من اجل بحر مستدام يتضمن تعريفا بعديد انواع الاسماك التي تعيش في البحر الابيض المتوسط، وخاصة الانواع غير المهددة بالانقراض و مجموعة هامة من وصفات اعداد اكلات من هذه الانواع الاسماك.
مهرجان الساف بالهوارية هو مناسبة متجددة تروي قصص حب جديد لا تتجاوز الثلاثة اشهر يلتقي فيه الساف بالسياف ليعاودهما الحنين في السنة القادمة، وهي مناسبة للتنشيط الثقافي والسياحي والتحسيس البيئي بمبادرات مختلفة ومتنوعة تعمل على تثمين مخزون فريد من مدينة الهوارية مدينة الجبال، والمغاور، والبحر، والتقاليد العريقة.