أستاذ آثار يوضح كيف احتفل المصريين بعيد الفطر منذ 1100 عام
إن معرفة المصريين القدماء للعبادة استوجبت ضرورة القيام بتأدية الشعائر المفروضة عليهم والاحتفال بها واستخدموا لذلك مصطلح "الأعياد" التي تعددت في مصر القديمة كثيرًا وخاصة في عهد الدولة الحديثة.
وعن العصر الإسلامى يقول الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الاثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق، إن مظاهر الاحتفال بالعيد بشكل قوي ومؤثر كانت بداية ظهورها في العصر الإخشيدى (934 - 969م) أي منذ ما يقرب من 1100 عام.
وعن هذه المظاهر قال: كانت عبارة عن احتفالات كبرى يشترك في إحيائها الحكام والشعب وتمد الأسمطة – موائد الطعام الكبيرة – ويخرج الناس إلى المتنزهات وهم يرتدون ملابسهم الجديدة ولم يقتصر الأمر على الاحتفال بالأعياد الدينية الخاصة بالمسلمين وإنما شارك المسلمون المسيحيين في كثير من أعيادهم.
الفاطميون استغلوا العيد لنشر مذهبهم
وأضاف عبد اللطيف أن العصر الفاطمى (969 - 1171م) تم استغلال الاحتفال بالعيد كوسيلة من وسائل نشر الدعوة الفاطمية بين المصريين فتعددت الأسمطة وأنواعها وصنوف وألوان الأطعمة التى تقدم متمشية مع المثل الشعبى "أطعم الفم تستحي العين".
واعتاد الخلفاء الفاطميون في الأعياد أن يركبوا في مواكب فخمة يشقون فيها شوارع القاهرة وسط أفراح الناس ومظاهر الزينة وبعض هذه المواكب تسمى بالمواكب العظام وتقام أول العام وأول رمضان والجمع الثلاث الأخيرة من شهر رمضان وصلاة عيدي الفطر والأضحى ويشترك في هذه المواكب آلاف الفرسان وصفوف الجمال وعليها الهوادج المزركشة ويمشى إلى جانب الخليفة أحد كبار رجال الدولة يحمل مظلة.
مظاهر العيد في الدولة الأيوبية أكثر جدية
وأشار عبد اللطيف إلى أنه إذا كانت الحياة اليومية في أيام الدولة الفاطمية وصفت بالحياة الاجتماعية المترفة فأن الدولة الأيوبية (1171 - 1250م) التي غلبت عليها عقيدة الجهاد نجد المقريزي عندما يشير إلى بعض الاحتفالات في العصر الأيوبى لا يتعرض لألوان الإباحة والمنكرات التي انتقدها عند كلامه عن الاحتفالات في العصرين الفاطمي والعصر المملوكي.
وهكذا شهدت مصر في العصر الأيوبى اهتمام بالأعياد ولكن مع مراعاة الاقتصاد، ويجب أن نراعي أن الاحتفالات مرتبطة بالحالة الاقتصادية والرواج الاقتصادى الأمر الذى أدى إلى الاهتمام بالأعياد في العصر المملوكى (1250 - 1517م) على نحو أكبر.
عيد الفطر ومظاهره الحالية
وأضاف عبد اللطيف أن العيد من المناسبات الدينية الزاخرة بالعناصر الفلكلورية المميزة للمجتمع المصرى ويمكن القول أن الاحتفال بعيد الفطر يمس كل جوانب الحياة الاجتماعية في ذلك المجتمع في وحدة واحدة ويظهر ذلك في اهتمام الأفراد بمظاهر الحياة والابتهاج بها مع عدم إغفالهم ذكرى الموتى وزيارة قبورهم ويأتى العيد في بداية شهر شوال ويستمر لمدة ثلاثة أيام وهو بذلك يعد تتويجا لشهر رمضان شهر الصوم الحافل بالمأثورات الشعبية والرموز الفلكلورية.
ويبدأ الاحتفال بعيد الفطر أو العيد الصغير حسب التسمية المألوفة في الثلث الأخير من شهر رمضان ويتمثل ذلك في شراء الملابس الجديدة لأفراد الأسرة وبصفة خاصة الأطفال وصغار السن والبدء في عمل كعك العيد بأنواعه المختلفة ومعظم هذه المظاهر في العيد لها جذورها القديمة في الحضارة المصرية.