مؤسسة النقد العربي: القطاع المصرفي السعودي يتمتع برسملة عالية
قالت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، إن القطاع المصرفي السعودي يتمتع برسملة عالية، وقادر على تحمل الصدمات الخارجية، متوقعة مواصلة النظام المصرفي تلبية الطلب على الائتمان، مع استمرار النمو الاقتصادي.
وأكدت "ساما" في تقرير الاستقرار المالي لعام 2019 الصادر أمس - اطلعت "الاقتصادية" عليه - أن مؤشرات الربحية والسيولة للقطاع المصرفي تظهران قدرته على تحمل الصدمات الخارجية، حيث يتمتع برسملة عالية رغم ارتفاع نسبة القروض المتعثرة التي لا تزال أقل بكثير من الاقتصادات الأخرى.
وتوقعت المؤسسة تحسن اقتصاد المملكة في عام 2019، لكنها أشارت إلى أن التباطؤ الاقتصادي العالمي وتأثيره المحتمل في سوق النفط العالمية قد يؤثران في النمو.
ولفت تقرير الاستقرار المالي إلى أنه، وعلى عكس التطورات العالمية، انتعش الاقتصاد السعودي 2.2 في المائة عام 2018 بعد الانكماش في عام 2017.
ويعزى هذا الانتعاش بشكل رئيس إلى تحسن العائدات النفطية والقطاع النفطي الذي زاد بنسبة 2.9 في المائة.
وذكر التقرير أن المخاطر السلبية على الاقتصاد السعودي تأتي من التباطؤ الاقتصادي العالمي وتأثيره المحتمل في سوق النفط العالمية.
وحسب التقرير، شهد التضخم قفزة كبيرة خلال عام 2018 إلى 2.5 في المائة، ويرجع ذلك أساسا إلى تطبيق عديد من التدابير المالية، مثل إصلاح ضريبة القيمة المضافة وإصلاح أسعار الطاقة.
وحذر التقرير من دلائل تباطؤ النمو العالمي التي ظهرت في الآونة الأخيرة. ورجح أن تفرض الإصلاحات الهيكلية المستمرة بعض الضغوط على النمو الاقتصادي في الأمد القصير.
وتوقع أن تحفز السياسة المالية التوسعية النمو، إذ تظهر ميزانية عام 2019 زيادة كبيرة في الإنفاق الرأسمالي بواقع 245 مليار ريال "65.3 مليار دولار".
وحقق القطاع غير النفطي نموا بلغ 1.7 في المائة في 2018، مقابل 1 في المائة في العام السابق.
وأوضحت "ساما"، أن عجز الميزانية المتوقع بلغ 136 مليار ريال بما يعادل 4.6 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 مقارنة بعجز قدره 9.3 في المائة في العام السابق.
ولفتت إلى أن الإيرادات الحكومية نمت إلى 895 مليار ريال في 2018 بارتفاع 30 في المائة عن العام السابق.
وبلغت الإيرادات غير النفطية 287 مليار ريال، بزيادة 90 في المائة عن العام السابق، إذ يأتي أكثر من نصفها من الإيرادات الضريبية، بينما زاد الإنفاق الحكومي 11 في المائة، إلى تريليون ريال في 2018.
وساعد الانتعاش الطفيف في النشاط الاقتصادي على تعزيز مرونة النظام المصرفي، الذي شهد طفرة في عام 2018. وكان نمو الأصول مدفوعا بشكل رئيس بالتوسع في ائتمان القطاع الخاص.
وقال التقرير، "اتجه الناتج الاقتصادي العالمي إلى الانخفاض بحلول نهاية عام 2018. تقاربت كل من الاقتصادات الناشئة والمتقدمة إلى تباطؤ النمو، وهذا ما يؤكده التباطؤ الكبير في النشاط التجاري العالمي بنهاية العام. تميز عام 2018 أيضا بنمو حالة عدم اليقين العالمية، التي تجسدت في تقلبات السوق قصيرة الأجل بنهاية العام".
وأضاف، "على عكس التطورات العالمية، انتعش الاقتصاد السعودي إلى 2.2 في المائة من النمو بحلول عام 2018 بعد انكماش في عام 2017. ويعزى هذا الانتعاش بشكل رئيس إلى قطاع النفط، الذي ارتفع بنسبة 2.9 في المائة. ونما القطاع غير النفطي بنسبة 1.7 في المائة في عام 2018 مقارنة بـ1 في المائة في العام السابق".
وبحسب التقرير، فإن آفاق الاقتصاد السعودي تحسنت، ومن المتوقع أن تتحسن أكثر خلال عام 2019، نظرا إلى السياسة المالية التوسعية. ومع ذلك، فإن المخاطر السلبية على الاقتصاد السعودي تأتي من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثيره المحتمل في سوق النفط العالمية.
وقال التقرير، "تم إدخال عدد من الإصلاحات التنظيمية في سوق التأمين خلال عام 2018، شملت تطبيق إطار الرقابة على المخاطر لجميع شركات التأمين، وتحسن كبير لإطار الخصم دون مطالبات لبوليصات التأمين على المركبات، وإصدار لائحة للسماح لشركات التأمين الأجنبية لدخول سوق التأمين السعودية من خلال عمليات الفروع، وتعزيز كبير من الإطار الإشرافي لمراقبة البنود الفنية التي تضعها شركات التأمين".
وأكدت أن سوق التأمين تقلص بنسبة 4.6 في المائة خلال عام 2018؛ وعلى الرغم من ذلك، بلغ معدل النمو على مدى السنوات الخمس الماضية 6.8 في المائة سنويا.
وكان الانخفاض مدفوعا بشكل أساسي بالتأمين على المركبات من إجمالي أعمال التأمين، حيث انخفض متوسط تكلفة بوليصة التأمين على النحو المقصود من الإصلاحات التنظيمية.
وتوقع التقرير، انخفاض تكلفة التأمين على المركبات، وأن التأكيد التنظيمي على التسعير العادل، يشجع على زيادة استيعاب التأمين مستقبلا. وبحسب "ساما"، فإن الانخفاض في قسط التأمين على المركبات تم تعويضه جزئيا بزيادة في أقساط التأمين الصحي، التي كان سببها أساسا تضخم تكاليف الرعاية الصحية، وتعزيز الحد الأدنى من الفوائد من طرف الجهة المنظمة، وتحسين نظام التأمين استجابة للمراقبة التنظيمية.
من ناحية أخرى، أظهرت السوق احتياطيات فنية ووضع ملاءة مالية قوية في نهاية عام 2018. إضافة إلى ذلك، فإن سوق التأمين أظهرت اعتمادا أقل على خدمات إعادة التأمين وعلى خدمات الوساطة التأمينية في عام 2018.
وأكد تقرير "ساما"، أنه في ضوء الإطار التنظيمي المعزز، وإمكانية دخول الفروع الأجنبية لشركات التأمين المتعددة الجنسيات الكبيرة المتطورة، والإنعاش المتوقع للأنشطة الاقتصادية التي تعزى إلى تحسن أسعار النفط، والزخم الذي تقدمه "رؤية 2030"، فإن من المتوقع أن يتحسن أداء قطاع التأمين مستقبلا.
وأضاف، "قطاع الشركات المالية لم يشهد أي تغييرات كبيرة في عام 2018، مقارنة بعام 2017، واستمر الإقراض من جانب شركات التمويل في التراجع على عكس اتجاهات إجمالي الائتمان، وأشار الائتمان العقاري إلى بعض التطورات الإيجابية. وفي عام 2018، سجلت الربحية نموا".
وفيما يتعلق بسوق الأسهم المحلية، ذكر التقرير أن السيولة لا تزال منخفضة مقارنة بالأرقام التاريخية، مع ذلك فمن المتوقع أن تتحسن السيولة في سوق الأسهم مع استمرار الإدراج التدريجي في المؤشرات العالمية.
ولفت التقرير إلى أن أرباح النظام المصرفي حافظت على ثباتها في عام 2018، وشهدت الإيرادات كذلك نموا قويا، ومع استمرار نمو الائتمان وإعادة تسعير القروض، ينبغي أن يترجم ذلك إلى ربحية أعلى على مدار الأعوام المقبلة.
وأضاف، "تحسن وضع رأس مال المصارف في عام 2018، وبلغ معدل كفاية رأس المال 20.5 في المائة بنهاية العام مقارنة بـ20.2 في عام 2017. وتؤكد المستويات القوية للرسملة قدرة النظام المصرفي على مقاومة الصدمات.
علاوة على ذلك، فإن مستويات رأس المال الوفيرة تعني أن المصارف مستعدة للاستفادة من الزيادة المحتملة في الطلب على الائتمان خلال السنوات المقبلة".
ووفقا لـ"ساما"، فإن نتائج اختبار التحمل تظهر أن المصارف السعودية يمكنها بسهولة تحمل سيناريوهات مختلفة لصدمة اقتصادية.
وأضافت، "في السيناريو الأساسي، ستنخفض مبدئيا نسبة القروض المتعثرة إلى 1.6 في المائة بحلول نهاية عام 2019، ثم ترتفع تدريجيا لتصل إلى 1.7 في المائة بحلول نهاية فترة الضغط (بحلول نهاية عام 2021). نتيجة ذلك، سترتفع نسبة تغطية القروض المتعثرة من 168 في المائة إلى 195 في المائة في الربع الثاني من عام 2019 ثم تنخفض تدريجيا حتى تصل إلى 175 في المائة في الربع الرابع من عام 2021".
وقالت، "تراوح نسبة القروض المتعثرة للمصارف الفردية من 2.55 في المائة (النقطة المئوية الأعلى) إلى 0.69 في المائة (النقطة المئوية الأدنى) اعتبارا من الربع الرابع من عام 2021. يظهر متوسط معدل كفاية رأس المال انخفاضا تدريجيا يصل إلى 20 في المائة بنهاية عام 2021".
وأوضحت أنه في ظل السيناريو الخفيف للصدمات، من المتوقع أن ترتفع نسبة التغطية المتوقعة في الربعين الأولين لتصل إلى مستوى 191 في المائة ثم تنخفض تدريجيا حتى تصل إلى 175 في المائة بنهاية الربع الرابع من عام 2021.
وذكرت أن معدل القروض المتعثرة المتوقع سيصل إلى مستوى منخفض بحلول الربع الثاني من 2019 بنسبة 1.7 في المائة وسيرتفع بشكل طفيف إلى 1.8 في المائة بحلول نهاية فترة الضغط، وسيراوح معدل القروض المتعثرة للمصارف الفردية من 2.5 في المائة "النقطة المئوية الأعلى" إلى 0.62 في المائة "النقطة المئوية الأدنى".
وأضافت "في ظل السيناريو الحاد للصدمات، ستنخفض القروض المتعثرة إلى 1.7 في المائة خلال الربعين الأول والثاني، وبعد ذلك تزيد تدريجيا حتى تصل إلى 2 في المائة بحلول نهاية فترة التوقعات البالغة ثلاث سنوات؛ أي بحلول الربع الأخير من عام 2021. تراوح نسبة القروض المتعثرة المصرفية الفردية من 2.9 في المائة "النقطة المئوية الأعلى" إلى 0.69 في المائة "النقطة المئوية الأدنى".
ومن المتوقع أن تصل نسبة التغطية إلى أعلى مستوى عند 188 في المائة في الربع الثاني من عام 2019، ثم تنخفض تدريجيا وتصل إلى أدنى مستوى عند 165 في المائة في الربع الأخير من عام 2021. ومن المتوقع أن يتراجع معدل كفاية رأس المال بموجب هذا السيناريو إلى 14.71 في المائة في الربع الأخير من عام 2021".
وتشير نتائج اختبار التحمل باستخدام جميع سيناريوهات الجهد الثلاثة إلى أن القطاع المصرفي سيستمر في التمتع برسملة عالية في ظل الصدمات الكبيرة.
وأوضح التقرير أن معدلات كفاية رؤوس أموال المصارف لا تزال فوق مستوى متطلبات بازل البالغة 8 في المائة وأعلى من متطلبات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" لمعدل كفاية رأس المال.
وبالنظر إلى المستقبل، توقع التقرير أن تتنوع مصادر أموال قطاع شركات التمويل، حيث كانت هناك عديد من المبادرات الحديثة التي من المتوقع أن تنشئ قنوات تمويل إضافية للشركات المالية، بما في ذلك أنشطة تمويل الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، والاستحواذ على المحافظ، وبرنامج كفالة، ومبادرة الإقراض غير المباشر للشركات الصغيرة والمتوسطة ومعايير إصدار الأوراق المالية لشركات التمويل "السندات / الصكوك" التي تمت الموافقة عليها في (أبريل) 2018.
إضافة إلى ذلك، إصدار التعميم "المساهمة غير المباشرة لصناديق الاستثمار في القطاع المالي" في شباط (فبراير) 2018 سيمكن شركات التمويل من بيع محافظها إلى صناديق الاستثمار وإبرام اتفاقيات مع صناديق الاستثمار لتوفير التمويل المشترك.
وأكد تقرير "ساما" أن النمو في العام المقبل يتوقف على الحل الناجح للنزاعات التجارية والتأثيرات الجيوسياسية الأخرى، كما أن مصدر القلق الرئيس هو التباطؤ المحتمل في النمو الصيني، الذي سيكون له تأثير أكثر وضوحا في الاقتصادات المعتمدة على السلع الأساسية، مثل السعودية.
وأضافت "أظهرت مختلف القطاعات الخاصة معدلات نمو متباينة في عام 2018. على سبيل المثال، نما التمويل والتأمين والتصنيع بمعدلات جيدة، بينما استمر قطاع البناء في التقلص. وقد ترافق ذلك مع انخفاض الاقتراض من قبل المطورين، ربما بسبب عوامل العرض والطلب، حيث يسود عدم اليقين حول إمكانات النمو في القطاع".
وأشار التقرير إلى ارتفاع المعدل الرئيس للفائدة بين البنوك في السعودية خلال عام 2018، حيث بلغ متوسطه 2.45 في المائة، ما يعكس الارتباط في السياسة النقدية مع الولايات المتحدة.
وأضافت، "ومع ذلك، لا تزال معدلاته أقل بكثير من المتوسطات التاريخية. علاوة على ذلك، قد لا يكون للزيادات الإضافية خلال عام 2019 سوى تأثير محدود في النمو المحلي بالنظر إلى المستوى المحدود للديون في معظم الشركات المدرجة في البورصة".
ولفت إلى تحسن توقعات النمو المحلي على المدى المتوسط، مرجحا ارتفاع النمو الاقتصادي خلال عام 2019، حيث انخفضت أسعار النفط بشكل حاد في الربع الأخير من عام 2018، لكنها انتعشت في الأشهر الأولى من عام 2019.