المتحدث باسم الخارجية العراقية في حوار مع "سبوتنيك": ملتزمون بالحياد الإيجابي

عربي ودولي

بوابة الفجر


قال الدكتور أحمد الصحاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، إن العراق لم يقدم الوساطة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية بالشكل المتناول إعلاميا.

وأضاف في حواره مع "سبوتنيك"، اليوم الاثنين، أن العراق يدرك جيدا أهمية تواجده في نسقه الاستراتيجي العربي، ويدرك المصلحة المشتركة بينه وبين مجموعة الأطراف في دول الخليج على وجه أخص، وأنه في ذات الوقت لا يرى أن إيران عدو للعراق… إلى نص الحوار:
إلى أين توصل العراق في الوساطة بين أطراف الأزمة والحد من تصاعد التوتر بين إيران من جانب والولايات المتحدة والخليج من جانب آخر؟
عمليا لا يمكن لنا الحديث عن مفهوم واضح للوساطة، في ظل التصعيد بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.

العراق لم يطرح مفهوم الوساطة كما تتداوله وسائل الإعلام، وإنما طرحت الرؤية وعبر وزارة الخارجية العراقية بتبنى جهود تعزيز التهدئة والتوازن والاستقرار في المنطقة، وندرك جيدا أن كل الأطراف في المنطقة ومساحات من العالم يشاركونا الرأي والقناعة بأن منطقة مستقرة في هذا الموقع الحساس من العالم من شأنها تنعكس على منظومة الأمن الشامل لكل الأطراف الفاعلة في المنطقة.

العراق بلد مهم يتمتع بعلاقات استراتيجية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، ويتواصل ويعزز مقتضيات بناء الثقة في العلاقات الثنائية بشكل دؤوب بين كل الأشقاء العرب، على مستوى حوض الإقليم المحيط بالعراق، والعمق الاستراتيجي العربي، وجيران العراق ومنهم تركيا، وهذا التنسيق والتواصل يدفع نحو بيئة مشتركة لمواجهة أهم المخاطر والتحديات التي تعصف بالمنطقة، ولذلك لا يمكننا الحديث عن وساطة بالشكل المعلن في وسائل الإعلام.

في ظل العلاقات العراقية القائمة بين جميع الأطراف برأيك من يتحمل نتيجة التصعيد الحاصل في المنطقة؟

نحن عبرنا عن موقفنا السابقة ولا نزال نعبر عن ذات الموقف، أننا نلتزم الحياد الإيجابي بين الأطراف، خاصة أن العراق يتمسك ويعمل على  تعزيز جملة المكتسبات التي تحققت طيلة سنوات مضت، وفي مقدمتها الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي (المحظور في روسيا)، واستعادة الأراضي العراقية، وتجاوز المحنة الاقتصادية الخانقة التي مر بها العراق، واستعادة الأمن والسلم الأهلي في العراق، ورابعا الحفاظ على جملة المكتسبات التي تحققت في مجال العلاقات الدولية والانفتاح على العمق الاستراتيجي العربي ودول العالم، وهو ما أنتج لنا التحالف الدولي لمناصرة العراق في حربه ضد داعش.

وأقول هنا أن الحياد الإيجابي يعني الدور الفاعل للعراق كمنصة متقدمة بوصف العراق محور اللا محاور، المحور الذي يعمل على تعزيز ذاته وفق قاعدة الشراكات المتعددة مع جميع الأطراف وبناء الدوائر الاقتصادية المتعددة مع كل الأطراف.

هذه الرؤية في ظل التصعيد نعتقدها هي الأسلم للحفاظ على موقع العراق، ومن جهة أخرى تحفظ للعراق علاقاته الاستراتيجية مع حوضه الإقليمي والحلفاء الاستراتيجية في العالم، وما بناه العراق طيلة السنوات الفترة الماضية لا يمكن التفريط فيه، وأن العراق يبحث عن إيجاد مناخات ومقاربات مشتركة في إطار التعاون مع كل الشركاء في العالم.
مع تراجع لهجة الحرب والحديث عن الاستعداد للحوار دون شروط… كيف تنظرون لإرتفاع أعداد القوات الأمريكية في منطقة الخليج وهل يؤثر على وضع الآمن في المنطقة سلبا أم إيجابا؟
أنا شخصيا أنظر إلى ما يحدث الآن بأن أفرق بين ما يقع في الإعلام وما يقع على أرض الواقع، خاصة أن ما يدور في الإعلام يشير إلى أن مسارات الصدام وشيكة جدا، لكن ما يحدث في الواقع، هو أن أنه يتم تحكيم مقتضيات قواعد المصلحة الجيدة عند الأطراف ذات المصلحة، وأخص منهما طهران وواشنطن، خاصة في ظل إدراك تحولات الصراع الأخيرة.

كما أن اليابان قد يكون لها خطوات خلال الفترة الحالية، خاصة أن الطرفين صرحا بعدم وجود نية للحرب، وإدراك خطورة الحراب يتيح بناء مقاربات لوعي المخاطر والتحديات من جهة، ويفرض لمسارات لقواعد مصلحة جديدة من شأنها أن تعيد معايير ومصادر القوة على مستوى المنطقة.

إلى أي مدى يؤثر موقف العراق في القمم الأخيرة بالسعودية على العلاقات بين بغداد ودول الخليج؟

العراق وعبر وزارة الخارجية العراقية يثمن عاليا مستوى ومعدلات الارتقاء الملحوظة بين العراق وأشقائه في دول الخليج، ومستوى العمق الاستراتيجي مع الدول العربي بشكل أعم، وفي الوقت الذي عبرنا في عن رفضنا و استنكارنا لأي اعتداء يقع على أي دولة عربية، ويهدد أمنها واستقرارها، لكننا في الوقت ذاته قلنا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست عدوة للعراق.

العراق يدرك جيدا أهمية تواجده في نسقه الاستراتيجي العربي، ويدرك المصلحة المشتركة بينه وبين مجموعة الأطراف في دول الخليج على وجه أخص، لكننا في الوقت ذات لا نرى أن إيران عدو للعراق، وهو ما يحتم ضرورة التعبير عن مدركاتنا الوطنية العراقية أمام الأشقاء العرب، وهو ما طرح فخامة رئيس الجمهورية العراقية في القمة العربية، ولذلك لم نشترك في إعداد الصيغة الختامية للبيان الختامي الذي أعلن.

البعض يفسر العلاقات الإيرانية العراقية بتعقيدات وتداخلات وصبغات أخرى تتابعونها… لكن كيف تراها السنوات الأخيرة؟

نحن ندرك أن الجمهورية الإسلامية قدمت للعراق الدعم اللوجستي والاستراتيجي خلال مواجهته مع عصابات داعش التكفيرية، ولن ننسى أي جهد قدم للعراق، كما نثمن الأشقاء العرب ودول الخليج بشكل أخص، بشأن اعتزامها الوقوف إلى جانب العراق في مرحلة ما بعد "داعش"، وهي مرحلة إعادة الاستقرار والإعمار والاستثمار، ونشير إلى أهمية الدور العربية الذي من شأن أن يلعب دورا بارزا في مقاربات عربية عربية تعزز الاستقرار في المنطقة، كما أن وزير الخارجية العراقي في تواصل دائم مع نظرائه العرب بشأن كل ما يخص المنطقة ويجمعنا كبيت عربي واحد.
بشأن العلاقات العراقية الروسية في الفترة الأخيرة… ما أبرز محطاتها وأهمية الدور الروسي في المنطقة؟
العلاقات العراقية الروسية حقيقة تتسم بنمو في معدلاتها وعلى مستوى مؤشرات متعددة، أخرها كانت اجتماعات اللجنة العراقية الروسية المشتركة التي عقدت في بغداد، وضمت  وفدا رفيع المستوى من الجانب الروسي، واتفقا على ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات السابقة للجنة، وأبرمت جملة من المذكرات للتفاهم على صعد متعددة منها ما يتصل بالزراعة والصناعة والتبادل الثقافي وتطوير القدرات الانتاجية النفطية، وملف الطاقة وبالتحديد على مستوى ملف الغاز.

العراق ينفتح على كل الشركاء في العالم ويستند إلى مبدأين أولهما أن العراق مع الشراكات الاستراتيجية المتعددة التي تتيح للعراق إمكانية بناء فرص التوازن والدعم المشترك والتبادل الثنائي والمتعدد مع الأطراف الاستراتيجية على مستوى العالم والدول التي تتمتع بالقدرات والإمكانات التقنية والعلمية والخبرات المتطورة.

ويسعى العراق عبر وزارة الخارجية إلى تعزيز مسار علاقاته الخارجية عبر بناء مسارات للاستثمارات مع كل الدول من خلال مبدأ الدوائر الاقتصادي المتعددة، ونشهد مقاربات اقتصادية متعددة مع كل جيرانه الفترة الماضية.

كيف تردون على مطالبات فرنسا بعدم محاكمة مواطنيها بالإعدام إثر انتمائهم لداعش في العراق؟

كل من ثبت عليه المشاركة مع تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا)، وقبض عليه من قبل القوات المسلحة العراقية متلبسا بأنه ألحق ضررا بأبناء الشعب العراقي وأسهم بالالتحاق بعصابات "داعش" الإرهابي، فإنه يقاضى طبقا للقوانين العراقية في مجال الأمن والإرهاب والقضاء العراقي له الفصل في ذلك.

فيما يتعلق بالعملية العسكرية التركية الأخيرة في شمال العراق… ما أوجه التنسيق فيها مع الجانب العراقي؟

من المؤكد أن أي عمل عسكري يتم بالتنسيق وتبادل وجهات النظر مع الجانب العراقي، وهناك بلا شك القيادة العسكرية ممثلة بقيادة العمليات المشتركة على تنسيق دائم بهذا الأمر.