الصين تضع بدائل google وface book وandroid.. وواشنطن تستعين بالأقمار الصناعية لإلغاء الإنترنت الأرضي
بدء الحرب العالمية الثالثة وكلمة السر "هواوي"
تتوالى القرارات من كلا الطرفين وكأنها تدق طبول حرب باردة جديدة، فهذا الأسبوع أعلنت شركة جوجل أنها ستحد من خدمات البرمجيات التى تقدمها لهواوى بعد أن طلب البيت الأبيض الأسبوع الماضى تقييد وصول الشركة الصينية إلى التكنولوجيا الأمريكية.
تعمل برامج جوجل على تشغيل الهواتف الذكية من هواوى، ويتم تحميل تطبيقاتها مسبقا على الأجهزة التى تبيعها هواوى فى جميع أنحاء العالم.
بالنسبة إلى هواوى، سيكون التأثير محدودا فى الصين نظرا لأن العملاء الصينيين لديهم بالفعل وصول محدود إلى خدمات جوجل، لكن سيكون لخطوة جوجل تأثير كبير فى أماكن مثل أوروبا، وفى الواقع تمارس هذه الخطوة ضغطا على أحلام هواوى التوسعية الدولية.
تواجه هواوى ردة فعل متنامية من الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، بشأن المخاطر المحتملة التى تشكلها باستخدام منتجاتها فى شبكات الجيل التالى من الجيل الخامس، وكانت هذه الإجراءات الأخيرة سببا فى إطلاق شرارة حرب تكنولوجيا جديدة بين أمريكا والصين قد تتصاعد فى شكل مزيد من القرارات.
1
حرب باردة جديدة
نشرت جريدة نيويورك تايمز تقريرا حول هذه الحرب التكنولوجية الجديدة بين الصين وأمريكا واصفة إياها بالحرب الباردة الجديدة.
أمضت الصين ما يقرب من عقدين من الزمن فى بناء جدار رقمى بينها وبين بقية العالم، وهو حاجز أحادى الاتجاه مصمم لإبعاد الشركات الأجنبية مثل فيسبوك وجوجل ومنعها من العمل فى الصين مع السماح للبدائل الصينية بالتوسع فى جميع أنحاء العالم.
على سبيل المثال فى الغرب، يتسوق الناس فى مختلف أنحاء العالم عبر موقع الأمازون، بينما يتم استخدام موقع على بابا فى الصين وبدلا من استخدام جوجل محرك البحث الأشهر هناك بايدو.
يغلق الموقف الأمريكى الأكثر تشددا العديد من الطرق التى تبادلت بها الولايات المتحدة والصين الأفكار وتم من خلالها ممارسة الأعمال على الرغم من نظام الرقابة الصينى الصارم، يمكن أن يكون لهذه الأبواب المغلقة آثار عميقة ليس فقط على التكنولوجيا، ولكن أيضا على كيفية استخدام وفهم العالم للأجهزة والخدمات فى المستقبل. وأدت الرقابة الصينية والسيطرة الصارمة على حياة مواطنيها الرقمية إلى عزل فعليا خمس سكان العالم الذين يستخدمون الإنترنت، مما أدى إلى جيل لا يعرف معنى كلمة جوجل أو الاشتراك فى قناة يوتيوب.
إن الموقف الجديد المتشدد من جانب الولايات المتحدة لن يؤدى إلا إلى تسريع هذه العملية، مما يفتح نافذة محتملة ليوم لا يستطيع فيه الصينيون سوى استخدام الهواتف والأدوات الصينية فقط التى تدعمها شرائح وبرامج محلية. كل هذا يحدث بسرعة صدمت الكثيرين فى الصين.
2
اعتبارات أمنية وعسكرية
تأتى هذه الحرب فى الوقت الذى تعمل فيه الصين بقوة من أجل توسيع نطاق مبادرة الحزام والطريق. تهدف الخطة، التى تم إطلاقها فى عام 2013، إلى إنشاء شبكة بنية تحتية مركزها الصين فى جميع أنحاء أوراسيا من شأنها أن تعزز التواصل عبر القارات والتعاون الاقتصادى عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا. يعتمد المكونان الرئيسيان للمبادرة (الحزام الاقتصادى الأرضى والطريق البحري) بشكل فضفاض على طريق الحرير القديم، ولكن فى السنوات الست الماضية، امتد نطاقه إلى حد كبير. الآن، انتشرت مئات من مشاريع البنية التحتية التى تقودها الصين، اسميا تحت مظلة الحزام والطريق، فى كل مكان من بحر الصين الجنوبى إلى المحيط الهندى، ومن إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية.
بين عامى 2013 و2018، استثمرت الشركات الصينية 90 مليار دولار أمريكى فى البلدان الموقعة على الحزام والطريق، حيث قدمت بنوك الدولة الصينية قروضا بقيمة 300 مليار دولار أمريكى.
بالنظر إلى أن 126 دولة و29 منظمة دولية قد وقعت اتفاقيات تعاون مع الصين فى مجال الحزام والطريق، فليس من المستغرب أن تحظى المبادرة باهتمام كبير على مستوى العالم.
لقد أصبحت شركة هواوى المزود الرائد فى العالم لمعدات شبكات محمول الجيل الخامس. من المسلم به أن البنية الأساسية للجيل الخامس تعتمد على المعايير الدولية، على الرغم من ذلك كافح البيت الأبيض لإقناع الدول الأخرى بالتوقف عن شراء معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية من هواوى، مستشهدا بمخاوف التجسس المحتملة، وتنكر شركة هواوى أنها تتجسس لصالح الحكومة الصينية، لكن فى واشنطن، والكونجرس، ومجتمع الاستخبارات والأمن، يشير الكثير من الخبراء إلى أن شركة هواوى هى شركة صينية، لذلك قد تسمح لبكين باستخدام الشبكات للتجسس على العالم.
3
اعتبارات تجارية
يقع الهجوم على هواوى أيضا على خلفية حرب تجارية متفاقمة بين البلدين، مما يجعله بمثابة جزء من صورة أكبر. تماما كما كان الحال فى العام الماضى، عندما اعتمد البيت الأبيض على أمر مماثل أدى إلى شل شركة الاتصالات الصينية زد تى إى التى تعد المنافس الرئيسى لشركة هواوى، يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على هواوى لتخفيف التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. حسب تقرير لسى إن إن، على الرغم من ارتفاع التعريفات الجمركية التى تم الإعلان عنها فى الأسبوع الماضى وتراجع الثقة، فإن المفاوضات التجارية بين أكبر اقتصادين فى العالم لم يتم التخلى عنها بالكامل. قد يلتقى ترامب مع الرئيس الصينى شى جين بينج فى قمة مجموعة العشرين الشهر المقبل. لكن الصين لا يمكنها فقط تجاهل التصعيد الحاد فى الهجوم ضد هواوى. فالصين لديها طرق عديدة للرد من خلالها على التحركات الأمريكية. حسب تقرير سى إن إن، من غير المرجح أن تواصل بكين مفاوضات تجارية جادة عندما تشعر أن الولايات المتحدة تبتزها.
وأضاف أنه إذا تحركت المفاوضات إلى الأمام، فمن غير المرجح أن تقدم بكين تنازلات مهمة للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بقضايا التكنولوجيا المتواجدة فى قلب النزاع. لقد طالبت الولايات المتحدة الصين بإنهاء النقل القسرى للتكنولوجيا من الشركات الأمريكية، وضغطت على محاولة بكين للسيطرة على تقنيات المستقبل. وفى ظل التطورات الأخيرة زادت احتمالية قيام الصين بالرد على القرارات الأمريكية بقرارات تستهدف على الشركات الأمريكية العاملة فى البلاد يمكن أن تجعل الصين الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الأمريكية التى تعانى من عقبات مثل التأخير الجمركى والتدقيق الشديد من جانب المنظمين. العلامات التجارية الكبرى مثل بوينج، نايكى، تسلا، جنرال موتورز وغيرها الكثير تعتمد جميعها بشكل كبير على السوق الصينية.
واشنطن تدعم الآن مشروعات طموحة لإطلاق أقمار صناعية حول العالم لبث الإنترنت على هذه الأقمار، قد تؤدى إلى إلغاء الإنترنت الأرضى، وبالتالى يستطيع أى مواطن فى العالم استقبال الإنترنت الأمريكى دون رقابة الدول وتحديدًا الصين وروسيا.