السلطة في الإسلام : مدة الرئاسة

إسلاميات



النظام السياسي و الإداري في الإسلام مبني على ما يحقق مصالح العباد في الدنيا والآخرة و هذه المصالح لا تتأتي إلا من معرفة حق الراعي والرعية وقيام كل واحد منهما بواجبهما على أكمل وجه و الشرع الإسلامي حريص غاية الحرص أن يكون رأس الدولة أكملها عقلا و أكثرها عقلا وأبعدها عن الخيانة والمعاصي فإن كان الحاكم كذلك فإنه ينجو من الخلع والخروج عليه بأي صورة .

ويقول الدكتور مصطفي مراد – أستاذ أصول الدين بجامعة الأزهر – أن من يخرج علي الحاكم إذا توافرت فيه الشروط السابقة فقد خان الله ورسوله والمؤمنين لكن قد تستجد أحوال وأمور متعلقة بالراعي والرعية تستوجب عزل الرئيس بنفسه أو بغيره و عندما ننظر في الكتاب والسنة لا نجد إشارة لهذه القضية وذلك لأنه تم إحاطة الدولة بسياج من العدل والصلاح والأمن و الشورى و إحقاق الحقوق وبالتالي فإذا قام الزعيم بواجباته العليا على أكمل وجه فلن يتم التفكير في عزله و لا يطلب تحديد لمدة رئاسته لأن المعني المطلوب من الأمير قد تحقق ولذا فتقدير مدة الرئاسة قد تحدث عنه الناس أواخر القرن ال 19 والقرن العشرين لما رأوا من استبداد و ظلم وفساد و إبعاد لحكم الله فمل الناس زعمائهم وكرهوهم و حاولوا بكافة الطرق أن يذهبوهم ولو رأوا فيهم عشر أعشار أقل أمير في الدولة الإسلامية إلي عهد قريب لم يفكروا في إزالته .

ويضيف أن الحجاج الثقفي كان يفتح الفتوحات وينشر الإسلام واسمه لا يزال كأحد الطغاة إلا أنه كان ينشر العلم الشرعي ويكرم العلماء ويقوم بواجبه إلي النهاية إلا في موضوع البطش ورغم هذا صار محل أحاديث الدول السابقة .

وقال : إن الشرع لم يحدد مدة للرئاسة على اعتبار أنها راجعة إلي رأي عموم المسلمين والمجلس الرئاسي أو مجلس الحل والعقد و إذا رأي الناس أن المدة الواحدة على اختلاف مسئولها ليس هناك مشاكل وإن رأوا مدتين يرجع ذلك إلي المصلحة والشعب لكن على اعتبار أن الأمة قد تغيرت للأبد فكريا ودينيا فالأحوط أن تكون محددة لا تزيد عن مدتين حتي لو وضعنا السدود والحدود التي تقيد سلطات الرئيس وذلك لانتشار الظلم والاستبداد وظهور أجيال كثيرة ناشئة على معني الجبروت كما أن الذي يرجح ذلك أننا لا نجد مرشحين للرئاسة في معظم بلدان العالم الإسلامي مؤهلين فكريا ودينيا وعلميا لتولي هذا المنصب ولذلك فالعلماء لم يقفوا عند مدة الرئاسة ولكن نظروا إلي خلع الرئيس فقد يخلع بعد تعيينه بدقيقة لأن مطالب بإقامة الشرع ولو تخاذل في أقل مسألة وجب خلعه ومن هذا يذكر العلماء أنه إذا ارتشي الأمير وجب بالإجماع عزله إما أن ينعزل بنفسه وهذا واجب وإما أن يعزل من الأمة أو من أهل الحل والعقد وفقا للمصلحة العامة وذلك بإجماع العلماء لأنه ارتكب معصية وهو القدوة فكيف يكون الوضع مع من يرتشي بالمليارات .