رمضان وش الخير.. حكاية "أشرف" الذي طارده حلم اللعب للأهلي وحققه بـ"عربية فول"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عام مرّ ولم يخفت وهج حلم أشرف بأن يصبح في يوم لاعب كرة قدم، بعد اجتيازه اختبار الناشئين بالنادي الأهلي منذ ثلاث سنوات، متحديًا ظروفه الاقتصادية، ودَأَب على عمله بـ"عربة الفول"، لاسيما في الشهر الكريم، الذي يعد موسم لرزق وفير له يستطيع من خلاله تحقيق أمنيته باللعب، حتى انضم إلى إحدى مراكز الشباب لمُداوَمة تدريباته "مكنتش اتخيل أن المدمس فتحة خير عليه.. ونجده للفقير والميسور على الفطار في رمضان".  






ناءَ بصاحب الـ(16 عامًا) الحِمل، بعدما خرج من قريته الصغيرة بمحافظة المنيا؛ سعيًا لتحقيق حلم طفولته، باحثًا عن عمل جديد، في قاهرة المعز، لتحسين إمكانيّاته، فشرع في بعض الحرف، ولكنها كانت لا تتناسب مع ظروفه، فطرأتْ على بالِه فكرة بيع "الفول المدمس والبليلة"، مع أول رمضان يمر عليه بالمدينة، ونجح في مشروعه الصغير- المكون من عربة خشبية الصنع مزينة بألوان زاهية مدون عليها بعض الأدعية الدينية، و"قدرة الفول" بشكلها التقليدي وأكواب بلاستيكية-، حتى اِعتاد بعد ذلك على هذه المهنة طيلة الأيام "خطوة في أول الطريق"، تقاطعه فتاة في الخامسة من عمرها "عاوزة 10 أكياس"، يباغته العدد، متسائلاً عن سبب الزيادة، خاصة وأنها تشتري من بداية الشهر الفضيل كيسين مقابل (6 جنيهات)، تجاوبه وابتسامة فرح ارتسمت على شفتيها، بأن أشقاءها الأربعة يزورنهم اليوم.







صوت الابتهالات والتسابيح يعلو ويعلو، داخل مسجد عمرو بن العاص، بمنطقة مصر القديمة، يتمتم الصبي ببعض الأدعية، يكرر النداء الذي يتوقف كل بضع دقائق، ثم يعود من جديد "فول سخن وبليلة طازة"، يبدأ في إعدادهما من الساعة العاشرة صباحًا "بعمل 4 قدر فول في اليوم اتنين قبل الفطار ومثلهم في السحور والحمدلله بيخلصوا كلهم.. ومع مرور الأيام في رمضان بزود قدرتين كمان"، ليستهل عمله في تمام الساعة الرابعة عصرًا بالمنطقة التي اعتاد على الوقوف فيها كل عام وكون فيها زبائن كثيرة، أَتيًا من الجيارة. خَفف الوطءَ؛ لانتظار زبائنه "الفول أسعاره زادت بس الخامات اللي بنجبها بتكفيني وبكسب من 100 ل300 جنيه في اليوم". وباعتبار الفول من السلعة والغذاء الرئيسي الموجود بشكل أساسي والضيف الدائم الموجود علي موائد الإفطار والسحور للمصريين، يرتفع استهلاك الحبوب خلال شهر رمضان، بما يمثل استهلاك 3 أشهر مقارنة بأشهر السنة العادية، وفق ما أكد مجدي الوليلي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات.







ما لفت نظر صاحب الجسد النحيل، والكائن مع أبناء عمومته، الذين يماثلنه في العمر، خلال السنوات الماضية، إقبال جميع الطبقات عليه، والتي تتزايد  بشكل ملحوظ "أصحاب عربيات كتير وهما مارين بيوقفوني ويشتروا مني كنت بستغرب في الأول لكن دلوقتي خلاص.. وكمان الموظفين والطالبة المغتربين هنا.. لكن طبعا الفقير وخاصة اللي من الأهالي هنا أكترهم كده هما أول ناس بيستوني كل يوم"، يستوقفه أحد المارين بسيارة فاخرة "3 أكياس فول لو سمحت بسرعة"، لقرب رفع آذان المغرب. بينما توافد العديد من أصحاب الحوانيت المجاورة للمسجد الذي يعد من أقدم مساجد القاهرة "أنا كمان بفطر معاهم فول معظم الشهر وبتسحر كمان".






توارت الشمس، وطالب الصف الثاني بالثانوية التجارية، ما زال ممسكًا بمغرفته، ولكن هذه المرة يغرِف البليلة "الفطار والسحور مش بس فول"، فالبليلة تعد كنافة الفقراء بمصر القديمة، يقولها ويديه تُواصل تقليب القدرة "بابيعها قمح سادة..وجاهزة بلبن لأصحاب المحالات والعمال.. بيحلو بها بعد المدمس ويسعدوا نفسهم وعيالهم.. واهو رزق"، يسانده في دفع إيجار شقته، بالإضافة لتسديد رسوم مركز الشباب "مش هتخلى عن حلمي .. ولازم أكون لاعيب كبير زي محمد صلاح"، مثله الأعلى في رحلته لتحقيق حلمه، ولعب الكرة.