مفتي الجمهورية: على صناع الدراما تقديم أعمال تحل مشاكل الأسرة.. والإسلام لم يحرم الفن الهادف (حوار)
مفتي الجمهورية: تدشين أول وحده للفتاوى الصوتية بالموشن جرافيك نالت إشادة عالمية
*التطرف لن يثنينا عن الاستمتاع بروحانيات الشهر الكريم وبهجته
*من يجاهر بالإفطار في رمضان خروج على الذوق العام وانتهاك لحرمة المجتمع
*نشرة " جسور" للتواصل بين كافة الهيئات والمؤسسات الإفتائية
*لا مانع من الفن الذى يرقق المشاعر ويهذب السلوك لأن الدين يهدف لبناء الإنسان
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن تدشين أول وحده للفتاوى الصوتية بالموشن جرافيك "وحدة الرسوم المتحركة" لاقت ترحيبا واسعا من العالم الإسلامي، خاصة أنها بأساليب تقنية تجذب المتابعين لمشاهدتها، معتبرا ذلك الأمر استمرارًا لمجهودات دار الإفتاءالمصرية في حربها ضد الفكر المتطرف بكافة الوسائل الحديثة .
وأضاف المفتي خلا حواره مع "الفجر"، أنه لا مانع شرعا من الفن الذى يرقق المشاعر ويهذب السلوك لأن الدين يهدف لبناء الإنسان، وكل فكرة تصب فى هذا الاتجاه تُحمد مهما اختلفت الوسيلة إذا كانت الوسيلة مشروعة والهدف منها التهذيب، مؤكدا أن الإسلام لم يحرم الفن الهادف الذى يسموبالروح ويرقى بالمشاعر بعكس الفنون التى تخاطب الغرائز والشهوات التى أجمع علماءالمسلمين على حرمتها.
وإلى نص الحوار:
هل التطرف أفقدنا بهجة دخول رمضان عن زمان.. أم ما السبب في ذلك من وجهة نظر فضيلتك؟
التطرف وليد المغالاة في فهم النصوص الشرعية للدين ، وانتشار الفكر المتطرف والأفكار الشاذة لن تثنينا عن الاستمتاع بروحانيات الشهر الكريم وبهجته، والأهم هو تعزيز المسئولية المجتمعية في مواجهة التطرف وهي مهمة يجب أن تقوم بها المؤسسات التثقيفية والتعليمية المسئولة عن تنشئة المجتمع وخاصة فئة الشباب.
ودارالإفتاء أخذت على عاتقها أداء هذه المسئولية المهمة، من أجل إرساء المفاهيم التي تزيد من التماسك المجتمعى، وتعززالمسئولية بين كافة أبناء الوطن، واعتمدت في ذلك على عدة آليات وطرق للوصول إلى أكبر قطاع من الناس، وتعاون كافةمؤسسات الدولة وأفرادها في نبذ الفكرالمتطرف ومحاربته هو واجب وطني وديني،وهي مسئولية تبدأ من الأسرة التي ينشأ فيها الأطفال والشباب وتعد المدرسة الأولى التي يتعلم فيها النشء تحمل المسئولية تجاه الوطن والمجتمع، وهي كذلك مسئولية المدرسة والجامعة والمؤسسات التثقيفية والدينية التي تغرس في النفوس الانتماء للوطن والدفاع عنه كل في موقعه.
ودار الإفتاء عملت على تفكيك الأفكار المتطرفة عبر الفضاء الإلكتروني وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يتابعها ما يزيد عن 7 ملايين ونصف متابع، وكذلك عبر إصدار الكتب ونشر المقالات وإصدار فيديوهات الرسوم المتحركة وغيرها من المجهودات، فضلًا عن التواصل المباشرمع الشباب من خلال المجالس الإفتائية التي تعقدها الدار بشكل دوري في مراكزالشباب على مستوى محافظات الجمهورية بالتعاون مع وزارة الشباب.
بخصوص مسلسلات رمضان.. متى يكون العمل الدرامي مقبول شرعا؟
لا مانع من الفن الذى يرقق المشاعر ويهذب السلوك لأن الدين يهدف لبناء الإنسان، وكل فكرة تصب فى هذا الاتجاه تُحمد مهما اختلفت الوسيلة إذا كانت الوسيلة مشروعة والهدف منها التهذيب، أما إذا كانت هذه الوسائل فقط للإثارة فنحن لا نقر بذلك وندعو لمكارم الأخلاق أسوة بالنبى الكريم فى قوله، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق،والإسلام لم يحرم الفن الهادف الذى يسموبالروح ويرقى بالمشاعر بعكس الفنون التى تخاطب الغرائز والشهوات التى أجمع علماءالمسلمين على حرمتها.
كيف نقدم محتوى ديني مقبول يصل للهدف المنشود في رمضان من برامج.. وما تعليقك على اختفاء المسلسلات الدينية؟ ومانصائحك للقائمين على ذلك؟
التبصر في معالجة قضايا المجتمع أمرهام، والإعلام والدراما عليهما عبء كبير في هذا السياق من أجل تقديم محتوى معرفى هادف يسمو بالاخلاق ويغذى الروح، وعلى صنًاع الدراما بأن يقوموا بدورهم في حماية الأسرة بتقديم الأعمال الدرامية التي تحث على الأخلاق والقيم والفضيلة، وتقديم أعمال تحل المشكلات الأسرية ولا تكتفي بالطرح والتوصيف فقط،حتى نصل إلى بر الامان فى الأمن الفكري والدينى وغيرهما، خاصة فى تلك الفترة الحرجة التى تمر بها البلاد، من خلال عرض العلماء المتخصصين المتعمقين فى الفكر فى الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة، وإلا فنحن نكون كمن يحرث فى الماء.
ما عقوبة الجهر بالإفطار خاصة عند الشباب نهارًا في رمضان؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلأمتى مُعافَى إلا المجاهرين»، ومن ثم فمن ابتلى بعدم صيام رمضان، سواء بعذر أوبغير عذر، فليستتر بستر الله، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله وبرسوله واليوم الآخر، أن يفطر في نهار رمضان جهراً لغير عذر شرعي مبيح للفطر أمام أعين الناس ومشهد منهم، والذي يفعل ذلك مستهترًاوعابثًا بشعيرة عامة من شعائر المسلمين،وووسيلة مواجهة من يجهر بإفطاره فيشهر رمضان دون عذر هي توجيه النصح له بالحكمة والموعظة الحسنة، ففي ذلك خروج على الذوق العام في بلادالمسلمين، وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته.
متى تصدر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم نشرة "جسور" ؟ ومامحتواها؟
العدد الأول من النشره صدر بالفعل قبل أيام وتحديدا فى الأول من رمضان، وجاءت النشره في إطار سعينا لأن تكون الفتوى لبنةً من اللبنات الرئيسية لبناء فرد ومجتمع ودولة وأُمَّة مستقرين وفاعلين بين الأمم، وستصدر النشرة بشكل دوري أول كل شهر، وتضم أبوابًا وموضوعات متنوعة تهم العاملين في مجال الإفتاء، وتسهم في إطلاع العاملين في مجال الإفتاء على كافة المستحدثات والإشكاليات الفقهية ومتغيرات العصر، حتى يكون القائم بالإفتاء قادرًاعلى إدراك الواقع وإنزال الحكم عليه بصورة صحيحة.
ويأتي إصدار النشره إيمانًا مننا بضرورةمد جسور التواصل بين كافة الهيئات والمؤسسات الإفتائية على مستوى العالم وتبادل الخبرات بين أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وإطلاعهم على مجريات الأمور، وطرح الإشكاليات والحلول للعديد من القضايا التي تهم الأمة.
ونأمل أن تكون هذه النشرة ترجمة عملية لكافة ما يواجه العالم الإسلامي منتحديات ومستجدات، فما أحوج القائمين على أمانة الإفتاء إلى منصة دينية رصينة تكون لسان حالهم، يجتمع أعضاؤها على كلمة سواء نواجه بها فوضى الفتاوى وخطاب الهيمنة والشذوذ الفكري والتطرف الفقهي.
هل ترى أن في فكرة فيديو الموشن جرافيك حققت الهدف المطلوب؟
بالطبع، وقد أشادت بها صحف ومواقع عربية ووكالات أنباء عالمية، ووصفها البعض بالخطوة الفريدة، وعلى المستوى المحلى رحبت أيضا الصحف المصرية "حكومية وخاصة" بتدشين أول وحده للفتاوى الصوتية بالموشن جرافيك "وحدة الرسوم المتحركة" مرحبة بجهود دار الإفتاء في هذاالصدد، كذلك أكدت التقارير الإعلامية تفاعل وترحيب المتابعون لأنشطة دار الإفتاءالمصرية مع الفيديوهات التي تم نشرها من قبل الوحده وخروجها للنور في هذا التوقيت الحرج الذى تشهده مصر وعددا من الدول العربية للرد على دعاة الغلو والتطرف بأساليب تقنية تجذب المتابعين لمشاهدتها، واعتبروه استمرارًا لمجهودات دار الإفتاءالمصرية في حربها ضد الفكر المتطرف بكافة الوسائل الحديثة .
بعض من يتحدثون في الدين يخفون آرائهم الفقهية.. هل يعتبر ذلك تعصب في الدين؟
الاختلافات الفقهية بين العلماء والمفتين-وليست الخلافات- تسهم بصورة كبيرة فيثراء الحقل الفقهي، والدليل على ذلك تعددالمذاهب الفقهية، بل وتعدد الآراء داخل المذهب الواحد، هذا بالإضافة إلى أن وجودأكثر من جهة للفتوى تعمل بمنهجية علمية منضبطة تحت مظلة الأزهر الشريف هو منباب الثراء الفقهي من جهة، وتيسير الأمرعلى طالب الفتوى للحصول على فتواه منالمؤسسات المعتمدة في الدولة من جهةأخرى.
والخلاف الفقهى جاء رحمة للعالمين لتحقيق المرونة للشريعة وتجديدها بما يجعلها على قدر المسئولية إزاء كافة التغيرات العالمية،والاختيار الفقهي هو اجتهاد الفقيه لمعرفةالحكم الشرعي الصحيح في المسائل المختلف فيها، وترجيح الفقيه قولًا من أقوال الأئمة أصحاب المذاهب والسبب الذي يؤدي بالفقيه إلى ترجيح رأي أو تبني مذهبيتقاطع مع أسباب الاجتهاد، كما يتعلق تعلقًا كبيرًا بباب التعارض والترجيح منأبواب الأصول.
وتأتي أهمية الاجتهاد في بيان أحكاما لنوازل المعاصرة من كونها: تبين صلاحيةالشريعة لتقديم الحلول في كل زمانومكان، وموقف الشريعة من مستجداتالعصر ومتغيرات المجتمع العالمي المؤثرةبالطبع في أصول المجتمع وقيمه، وتوضيحمدى موافقة المستحدثات للدين فتحثالناس على التمسك بها أو العدول عنها إلىما يوافق الشرع.
هل تستطيع الأمة أن تستكمل طريقها نحو الحضارة بدون تجديد الخطاب الديني؟ وما تعليقك على الجهود المبذولة في ذلك من قبل المؤسسات الدينية؟
تصحيح الوعي العام للأمة الإسلامية في قضية الخطاب الدينى والفتوى الشرعية امر في غاية الأهمية وذلك لبيان أهميتها وخطرها وضوابطها وضرورة صدورها من المتأهلين وتصحيح المسار الذي نسعى إليه دائمًا نحو المعاصرة والتطور والتجديد.