"اختصار ساعات العمل والاعتكاف ليلة الـ27".. مظاهر احتفال السوريين بشهر رمضان
شهر رمضان الكريم من الشهور التي تزدهر فيها روح العطاء والتعاون بين المواطنين؛ ويحرص المسلمون في سوريا في هذه الفترات على تبادل الزيارات من أجل تدعيم أواصر صلة الرحم، حيث يحظى شهر رمضان المبارك بمكانة خاصة عند السوريين، وتستعد له مختلف الأسر السورية الفقيرة والغنية على حد السواء قبل أيام من حلوله فى أجواء احتفالية، حيث تتزين واجهات المنازل، وتتلألأ الجوامع فى كل المدن بالمصابيح، وتدب حركة غير عادية فى الشوارع، كما تنشط المحلات التجارية والأسواق إلى ساعات متأخرة من الليل، وتستعيد العلاقات العائلية السورية فى شهر رمضان المبارك، الدفء الذى سرقته منها الحياة العصرية.
ويعتبر السوريون،
إن شهر رمضان هو شهر اللمة مع العائلة بالدرجة ألاولى، إذ يمثل فرصة نادرة للم شمل
أفراد الأسرة السورية حول مائدة إفطار واحدة، ويتبادل الأقارب والجيران الزيارات والمأكولات،
ويستضيف كل منهم الآخر لتناول الإفطار على مائدته، وترصد "الفجر"، أبرز مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم
في سوريا، فيما يلي.
التمر
واللبن
يفطر الصائمون في
سوريا على صوت المؤذن، وهو يرفع آذان صلاة المغرب معلنا موعد الإفطار، فيما يمثل التمر
واللبن، عنوان إفطار الصائمين وذلك قبل أداء صلاة المغرب في المساجد أو البيوت، حيث
تقام الصلاة في جماعة أسرية، ليلتقي الجميع بعد ذلك على مائدة الإفطار، التي تعدّ أحد
خصوصيات المواطن السوري خلال هذا الشهر الفضيل.
زيت الزيتون
وتتزين موائد الإفطار
السورية، بزيت الزيتون والبهارات التي يجري إعدادها خصيصا لشهر رمضان، فضلا عن أطباق
أخرى من أشهى المأكولات المحلية المكوّنة من اللحوم والدجاج والسمك والخضراوات.
دروس دينية
كما تخصص المساجد،
أوقاتًا فيما بعد صلاتي الفجر والعشاء للدروس الدينية، وكذلك بعد صلاة التراويح، وترسل
إدارة الإفتاء العام المدرسين الدينيين في مختلفِ المساجد على الأراضي السورية بالإضافة
إلى إرسالهم خارج البلاد من أجلِ الدعوة الإسلامية؛ وذلك في إطارِ اتفاقات التبادل
الثقافي مع الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
تعليق
الفوانيس
كما تتزود الأسواق
بالبضائع اللازمة لتلبية حاجاتِ الصائمين، ويتمُّ تعليق الفوانيس في الطرقات وعلى شرفات
المنازل وفي واجهات المحال التجارية تحيةً لشهر رمضان وتعبر عن احترامه وقدسيته.
التراويح
صلاة التراويح تشهد
إقبالاً من الناس، وأغلب المساجد لا تلتزم بقراءة ختمة كاملة من القرآن خلال صلاة التروايح،
لكن بعضها تلتزم هذه العادة وتحرص عليها، وبعضها الآخر - لكنه قليل - يقرأ ختمة من
القرآن في صلاة التراويح، وختمة ثانية في قيام العشر الأخير من رمضان.
ومن العادات المتبعة
أثناء صلاة التراويح عند أهل الشام أنهم بعد السلام من الترويحات الأربعة الأولى يصلون
على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على أبي بكر رضي الله عنه، وبعد الترويحة الثامنة
يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على عمر رضي الله عنه، وبعد الترويحة
الثانية عشرة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على عثمان رضي الله عنه،
وبعد الترويحة السادسة عشرة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على عليٍّ
رضي الله عنه.
وبعد تمام الترويحة
العشرين يقولون بعض الأذكار ومنها: يا حنان يا منان ثبت قلبنا على الإيمان، نرجو عفوك
والغفران، وأدخلنا الجنة بسلام. ثم يصلون الوتر.
السحور
وجبة السحور تعتمد
على اللبن المصفى والزيتون والبيض والجبن والشايو المربيات والزعتر وبعض المعجنات وغيرها.
المسحراتي
من عادات وتقاليد
الشعب السوري أن المسحر، هو الذي يقوم بإيقاظ النائم للسحور وهي ظاهرة عامة منذ العصر
الأموي بواسطة الضرب على الطبلة وهو ينادي على الناس "قوم يا صائم وحد الدائم
يا أبو احمد وحد الله" ... وغيره، والمسحر من المنطقة ويعرف كل الناس، أما العادة
الثانية فهي إطلاق مدفع السحور أول وهناك بعدها بمدة قصيرة مدفع ثانٍ حتى يتم استيقاظ
الجميع لتناول طعام السحور.
المعروك
ومن الأطعمة التي
تصنع خصيصًا في شهر رمضان طعام يسمى (المعروك)، وهو نوع من أنواع المعجنات، يتناوله
الناس مع طعام السحور، وهو عبارة عن عجين من القمح، مضاف إليه قليل من السكر والخميرة،
ثم يخبز ويوضع عليه قليل من السمسم.
وهناك طعام آخر لا
يُصنع إلا في شهر رمضان يسمى (ناعم) وهو أيضًا من طائفة المعجنات يباع قبل الإفطار،
وهو عبارة عن عجين الطحين بعد أن يرقق عجينه ويقلى بالزيت ثم يوضع عليه مربى الدبس.
الاعتكاف
ليلة الـ27
ومن العادات عند
أهل الشام إحياء ليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث يعتكف كثير من الناس في المساجد
تلك الليلة لإحيائها، ويتناولون طعام السحور جماعة في تلك المساجد.
أما الاعتكاف في
باقي أيام العشر، أو باقي ليالي رمضان فقل من يفعل ذلك، ويقتصر أغلب الناس على إحياء
ليلة السابع والعشرين، والتي تتولى الإذاعة الرسمية نقل بعض وقائعها.
اختصار
ساعات العمل
غالبا ما تختصر ساعات
العمل في القطاع العام والخاص و حتى الدوام في المدارس والجامعات، ويعود الناس إلى
بيوتهم وينشغلون إما بتلاوة القرآن الكريم أو تحضير طعام الإفطار أو حتى أخذ قسط من
الراحة قبل حلول موعد أذان المغرب.
وتقلص أوقات الدوام
الرسمي خلال شهر رمضان بمقدار ساعة ونصف يوميًّا، ويمارس الناس أعمالهم بشكل طبيعي،
ويلاحظ قلة الحركة في الأسواق في الفترة الصباحية أيام رمضان، لكن سرعان ما تبدأ الحركة
تنشط وتدب بعد الظهر والعصر، حيث يذهب الناس للتزود ببعض الحاجات التي لا غناء لهم
عنها ليومهم.
مدفع الإفطار
مدفع رمضان في كل
المدن والقرى السورية ومدفع رمضان رمز من رموز رمضان وكان في دمشق مدفع واحد يوضع على
جبل قاسيون، ولكن مع التوسع العمراني أصبح في دمشق 17 مدفعاً والناس التي تحافظ على
مدفع رمضان سكان الأحياء القديمة في دمشق وقد ترى عدداً من الأشخاص المتجمعين بالقرب
من هذه المدافع لرؤيتها لحظة أذان المغرب.
ويحرص السوريون،
على إطلاق مدفع الإفطار كتقليد مستمر عبر التاريخ للإعلان عن حلول موعد الإفطار، كما
يمر المسحراتي من أجل إيقاظ المواطنين لتناول طعام السحور أيضًا تقوم المؤسسات الخيرية
والأفراد بتوزيع الأطعمة على الفقراء، وتنتشر في هذا الشهر الفضيل موائد الرحمن التي
تُقام من أجل إطعام الفقراء وعابري السبيل ممن يأتي عليهم وقت الإفطار وهو في الطرقات،
وكل هذه المظاهر تعبر عن روح التعاون التي تسود في أوساط المجتمع السوري في الشهر الكريم.
العرقسوس
والتمر هندي
ومن أشهر المشروبات
في شهر رمضان العرق سوس والتمر الهندي والقمر الدين (عصير المشمش) ولا تكاد تخلو مائدة
الإفطار من هذه المشروبات وخاصة بعد الصيام الطويل.
فيما يتعلق بالمائدة
الرمضانية الشامية فإن الناس يولون عناية خاصة بالمشروبات والمرطبات فتضم مائدتهم شراب
(العرقسوس)، وهو من الأشربة المفضلة للصائمين عند أهل الشام، وخاصة أيام الصيف؛ وأيضًا
شراب (قمر الدين) ويصنع من المشمش المجفف حيث يُغلى وينقع بالماء الساخن ثم يضاف إليه
السكر؛ وأيضًا هناك شراب (التمر هندي) وهو شراب مرغوب ومطلوب في هذا الشهر الكريم.
تحضير
حلوى العيد "المعمول"
وفي الأيام الأواخر
من رمضان تستعد العائلات الشامية لتحضير حلوى العيد، ومن أنواع الحلوى المعهودة في
هذه المناسبة ما يسمى (المعمول)، وهو عجين يدعك بالسمن ثم يحشى بالفستق أو الجوز أو
التمر.
وقد كانت العائلات
تقوم بصنع هذه الحلوى بنفسها، غير أن الكثير منهم الآن بدأ يتخلى عن هذه العادة، ويسعى
لإحضارها من المحلات المتخصصة بصنعها.