لقب بـ"قيثارة السماء".. ما لا تعرفه عن الشيخ "محمد رفعت" مفتتح بث الإذاعة المصرية
يحل اليوم، ذكرى ميلاد ووفاة أحد أشهر قراء القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والإسلامي، الشيخ محمد رفعت ابن محمود رفعت ابن محمد رفعت، فكان اسمه واسم ابيه وجده كلها مركبين، واشتهر بعدة ألقاب منها "بلبل الجنة"، والذى ولد يوم الاثنين 9 مايو عام 1882م، بدرب الأغوات بحي المغربلين بالقاهرة، وكانت وفاته فى ذات اليوم عام 1950، وهو أحد أعلام قراء القرآن المصريين البارزين ولقب بـ"قيثارة السماء"، لذا تقدم "الفجر"، أهم المعلومات عن الراحل الشيخ محمد رفعت، وذلك عبر السطور التالية.
من هو
الشيخ محمد رفعت؟
الشيخ
محمد محمود رفعت (9 مايو 1882- 9 مايو 1950)، وهو أحد أعلام قراء القرآن المصريين البارزين،
يلقبه محبوه"بقيثارة السماء"، وهو من افتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م،
واسمه بالكامل الشيخ محمد رفعت ابن محمود رفعت ابن محمد رفعت فكان اسمه واسم ابيه وجده
كلها مركبة.
نشأته
ولد
الشيخ محمد رفعت، يوم الإثنين 9 مايو عام 1882م بدرب الأغوات بحي المغربلين بالقاهرة،
وفقد بصره صغيراً وهو في سن الثانية من عمره.
وبدأ
حفظ القرآن في سن الخامسة، عندما أدخله والده كُتّاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا
بدرب الجماميز بالسيدة زينب وكان معلمه الأول الشيخ محمد حميدة وأكمل القرآن حفظا ومجموعة
من الأحاديث النبوية، بعد ست سنوات شعر شيخه أنه مميز، وبدأ يرشحه لإحياء الليالي في
الأماكن المجاورة القريبة.
بداياته
درس
الشيخ رفعت، علم القراءات والتجويد لمدة عامين على الشيخ عبد الفتاح هنيدي صاحب أعلى
سند في وقته ونال اجازته، وتوفي والده محمود رفعت، والذي كان يعمل مأموراً بقسم شرطة
الجمالية وهو في التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته المؤلفة
من والدته وخالته واخته واخيه "محرم"، وأصبح عائلها الوحيد بعد أن كانت النية
متجهة إلى الحاقه للدراسة في الأزهر، بدأ وهو في الرابعة عشر يحيي بعض الليالي في القاهرة
بترتيل القرآن الكريم، وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن في الأقاليم.
الحياة
الشخصية
تزوج
الشيخ رفعت، من الحاجة زينب من قرية الفرعونية بالمنوفية ، ولديه أربعة أبناء أكبرهم
محمد المولود عام 1909م ، وقد رافق والده فكان بمثابة سكرتيره ومدير أعماله، ثم أحمد
ولد عام 1911 م، وقد سار على درب والده فحفظ القرآن ودرس القرآءات ونال الإجازة فيها،
ثم ابنته بهية وولدت عام 1914 م تزوجت من الدكتور عبده فراج، ثم أصغرهم حسين وولد عام
1920 م وكان يقرأ لوالده الكتب، وقد توفاهم الله جميعاً.
قراءة
القرآن
تولى
القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب سنة 1918م حيث عين قارئا للسورة وهو في سن
الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه،
واستمر يقرأ في المسجد حتى اعتزاله من باب الوفاء للمسجد الذي شهد ميلاده في عالم القراءة
منذ الصغر.
وافتتح
بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري
عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بآية من أول سورة الفتح
(إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية بي بي سي العربية صوته أرسلت
إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام
المراغي فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.
خصائص
تلاوته
كان
الشيخ محمد رفعت، ذا صوت جميل ببصمة لا تتكرر ، وأسلوب فريد ومميز في تلاوة القرآن،
كان يتلو القرآن بتدبر وخشوع يجعل سامعه يعيش معاني القرآن الكريم ومواقفه بكل جوارحه
لا بأذنه فقط، فكان يوصل رسالة القرآن ويؤثر بمستمعي تلاوته.
كان
يبدأ بالإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو
صوته، فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا "عالياً" لكن
رشيداً يمسُّ القلبَ ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآي الذكر الحكيم.
اهتماماته
اهتم
رفعت، بمخارج الحروف كبيراً فكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى فقط بل لكي
يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس، وكان صوته حقاً جميلاً رخيما رنانا، وكان ينتقل
من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف.
امتلك
الشيخ محمد رفعت، طاقات صوتية هائلة، جعلته يستطيع الانتقال بسلاسة شديدة بين المقامات
في أثناء تلاوته للقرآن الكريم، ليس هذا فحسب، بل إنه امتلك القدرة على تراسل الحواس
لدى المستمعين، فيعلم متى يبكيهم، ومتى يبهجهم من خلال آيات الترغيب والترهيب في كتاب
الله عز وجل، فقد أوتي مزمارًا من مزامير داود، وإذا ما وضعنا جماليات الصوت جانبًا
لننتقل إلى قوته.
وكان
صوته كان قويًا لدرجة أنه يستطيع من خلاله الوصول لأكثر من 3 آلاف شخص في الأماكن المفتوحة،
وكان محافظاً على صوته يتجنب نزلات البرد والأطعمة الحريفة ولا يدخن ولا يتناول طعام
العشاء.
ويعد
الشيخ أبو العينين شعيشع، من المتأثرين بتلاوة الشيخ محمد رفعت، وصوته شديد الشبه به،
حتى أن الإذاعة المصرية، استعانت به لتعويض الانقطاعات في التسجيلات، كما يعد الشيخ
محمد رشاد الشريف، مقريء المسجد الأقصى من المتأثرين بقراءة الشيخ محمد رفعت.
الشيخ
رفعت والفقراء
ويروى
عن الشيخ رفعت، أنه كان رحيمًا رقيقًا ذا مشاعر جياشة عطوفًا على الفقراء والمحتاجين،
ويروى أنه زار صديقا له قبيل موته، فقال له صديقه من يرعى فتاتي بعد موتي؟ فتأثر الشيخ
بذلك، وفي اليوم التالي والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى، وعند وصوله إلى (فأما اليتيم
فلا تقهر) تذكر الفتاة، وانهال في البكاء بحرارة، ثم خصص مبلغًا من المال للفتاة حتى
تزوجت.
وكان
زاهدًا صوفي النزعة، نقشبندي الطريقة، يميل للناس الفقراء البسطاء أكثر من مخالطة الأغنياء،
فقد أحيا يومًا مناسبة لجارته الفقيرة مفضلاً إياها على الذهاب لإحياء الذكرى السنوية
لوفاة الملك فؤاد والد الملك فاروق، وكان بكّاءً تبل دموعه خديه في أثناء تلاوته حتى
أنه انهار مرة وهو في الصلاة عندما كان يؤم المصلين يتلو آية فيها موقف من مواقف عذاب
الآخرة.
مرضه ووفاته
أصابت
حنجرة الشيخ محمد رفعت، في عام 1943م زغطة أو فواق تقطع عليه تلاوته، فتوقف عن القراءة،
وقد سبب الزغطة ورم في حنجرته يعتقد انه سرطان الحنجرة، صرف عليه ما يملك حتى افتقر
لكنه لم يمد يده إلى أحد ، حتى أنه اعتذر عن قبول المبلغ الذي جمع في اكتتاب (بحدود
خمسين ألف جنيه) لعلاجه على رغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج ، وكان جوابه كلمته
المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان".
وفارق
الشيخ الحياة في 9 مايو عام 1950م وكان حلمه أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة حتى
تقرر منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليه، وقد كان من عادته أن يذهب
كل يوم اثنين أمام المدفن ليقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم .