إلغاء انتخابات إسطنبول يهدد بهزة سياسية واقتصادية في تركيا
قوبل إعلان حزب العدالة والتنمية تركيا،
إعادة الانتخابات المحلية التي فاز بها خصومه في مدينة إسطنبول، أمس الثلاثاء، ردود
فعل قوية في الداخل والخارج التقت في أغلبها على وصف ما جرى بأنه انقلاب على الديمقراطية،
محذرة من نتائج ذلك على وضع تركيا.
وتقول تقارير تركية، بحسب صحيفة "العرب"
اللندنية، إن إمام أوغلو، الذي يظهر الآن في الساحة المنافس الذي يهدد نفوذ أردوغان
في المستقبل، ويحوز على حظوظ كبيرة للفوز بنسبة أعلى من المرة الماضية، وهو ما تعكسه
أرقام معجبيه على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" وإنستغرام، وإن عدد
متابعيه تخطى بسهولة شخصيات كبيرة من حزب العدالة والتنمية الحاكم مثل وزير الخارجية
مولود جاويش أوغلو أو وزير المالية والخزانة بيرات البيرق، والرجل الذي هزمه ليصبح
رئيس بلدية إسطنبول، بن علي يلدريم ورئيس الوزراء السابق.
ووصف مراقبون أتراك إعادة الانتخابات بأنها
خطوة غير محسوبة من الحزب الحاكم، الذي بدا همه الوحيد منصرفاً لاستعادة نفوذه على
المدينة، ربما استرضاء لغرور أردوغان. لكن الحزب لم يقرأ حساباً لنتائج هذه الخطوة
على صورة تركيا الخارجية وعلى وضعها الاقتصادي المهزوز بسبب أزمات سياسية سابقة، خاصة
أن البلاد في حاجة إلى الاستقرار وتبريد الأزمات التي تورطت فيها.
وقال الكاتب التركي أرغون باباهان في تصريح
للصحيفة، إن الحزب الحاكم كسر عقداً بين الدولة التركية ومواطنيها يقوم على احترام
نتائج صناديق الاقتراع من الجانبين، محذراً من أن التحايل على نتائج بلدية إسطنبول
"قد يشير إلى نهاية العملية الانتخابية الشفافة والنزيهة في تركيا".
وأضف باباهان إنه وبسبب مشاكل تركيا الاقتصادية
والطريقة التي اختارها حزب العدالة والتنمية، "لن يفوز أردوغان في انتخابات أخرى..
وخياره الوحيد للبقاء يبقى التمسك بالقوة بكل الوسائل".
وصار واضحاً أن لجنة الانتخابات العليا
خاضعة لإرادة الحزب الحاكم ولا يمكن أن تكون الانتخابات التي تشرف عليها سواء التي
مضت أو التي ستجرى الشهر المقبل، وهو ما حدا بحزب الشعب الجمهوري إلى المطالبة بحل
هذه اللجنة.
وقال مركز صوفان للأبحاث ومقره الولايات
المتحدة إن قرار اللجنة العليا للانتخابات يؤشر إلى "مخاوف كبيرة" على مستقبل
الديمقراطية في تركيا.
وأضاف "نظراً للقيود على حرية التعبير
وعدم استقلالية القضاء المتزايدة في تركيا، فإن التلاعب الأخير في الانتخابات مؤشر
واضح للشعب التركي والعالم، بأن أردوغان مستعد للسعي إلى السلطة المطلقة مهما كلف الأمر".
وجاء إلغاء نتائج انتخابات إسطنبول تأكيداً
جديداً للخارج، وخاصة الدول الأوروبية التي تتفاقم الخلافات بينها وبين تركيا بشأن
حقوق الإنسان، على أن "الديمقراطية التركية" هي واجهة لبقاء حزب العدالة
والتنمية في الحكم، وأن عنوانها الأبرز هو "ادخل الانتخابات وشارك ولكن الفائز
يجب أن يكون دائماً منا".
من جهتها، نقلت الوكالة عن إيليا جوفشتاين
الخبير الاستراتيجي في "ستاندرد تشارترد"، في نيويورك قوله "تم تذكير
المستثمرين مرة أخرى بالحالة الهشة والمتآكلة للمؤسسات الديمقراطية في تركيا".
وتراجعت الليرة بأكثر من 3% بعد إعلان القرار،
ما قاد إلى تراجع العملة التركية إلى أدنى مستوى لها في سبعة أشهر. وتتعرض العملة التركية
بالفعل لضغوط، حيث تجاوز سعر صرف الدولار ست ليرات.
وقال جينز نيستيدت، الخبير بمؤسسة مختصة في إدارة الأصول بنيويورك "حالة الغموض المرتبطة بالانتخابات ستعود من جديد وسيتم إرجاء الكثير من التصويبات السياسية الضرورية حتى يوليو، وهو شيء مؤسف".