محمود فوزي يكتب :إشكالية الصراع الأخلاقي المهني للعلاقات العامة الإلكترونية

ركن القراء

بوابة الفجر


نجحت وسائل التواصل الاجتماعي أن تعيد لممارسات العلاقات العامة مباديء الاتصال الحواري الذي يتسق مع خدمة الصالح العام؛ كما في نموذج الاتصال المتناظر ذو الاتجاهينTwo-Way Symmetrical Modelالمعروف بنموذج أخلاقيات الحوار المدنيThe Civil Dialogue Ethics الذي استمد مبادئه من أدبيات الفلسفة الأخلاقيّة لكل من إيمانويل كانط وجون ستيوارت مل، وتنتهجها مدارس العلاقات العامة الغربية و الكورية؛ حيث إعلاء مباديء المصلحة العامة، والولاء للمجتمع، والمسئولية الاجتماعية، ورفاهية جميع المواطنين.

ويكمن التحدي في أن تكنولوجيا الإعلام الجديد تقدم في ذات الوقت آليات مبتكرة يوميًا؛ لخدمة المصالح الذاتية للأفراد والمجموعات والمؤسسات والشركات والحكومات، وما يمارسونه من تدخّلات في استقلالية الآخرين؛ أدت بدورها لطمس الحدود بين الحياة العامة والخاصة لدي الجمهور وممارسي العلاقات العامة، وتشكيل تنظيم اجتماعي غير رسمي بينهم؛ يسمح بتدخل وسطاء وأطراف غير معنية؛ تؤثر بالسلب علي العلاقات بين المنظمة وجمهورها.

كما فرضت منصات الإعلام الجديد تنامي كم التحديّات والمخاطر التي تواجه المنظمات في سبيل الحفاظ علي خصوصيتها وهويتها- هي وجمهورها الداخلي والخارجي- نتيجة لعدم إلمام ممارسي العلاقات العامة الإلكترونية بقواعد وأخلاقيات التعامل مع شبكات ومنصات الإعلام الاجتماعي، إلي جانب تأثير الاختلافات الثقافية والاجتماعية للممارسين علي مهامهم العملية، وعلي طبيعة تعامهم وإدراكهم لطبيعة القضايا والجماهير التي يتعاملون معه.

لتطرح الجوانب السابقة فلسفة فكرية حول الاتساق الوثيق بين الجوانب الإنسانية لأهداف ووظائف العلاقات العامة، وبين المعايير والمباديء الأخلاقية المستمدة بالأساس من قيم المجتمع وأعرافه وتقاليده وتراثه الثقافي وحضارته؛ مما أفرز مفهوم رأس المال الاجتماعي عبر الإنترنت؛ والذي يفرض علي ممارسي العلاقات العامة الإلكترونية التفاعل المتواصل بين المنظمة وشبكات جماهيرها المتعددة حول تجربة أو أيديولوجية مشتركة في أهدافها الإنسانية أو الاجتماعية أو السياسية.

كما وضع المفهوم أمام نصب أعين الممارسين الإلكترونيية مجموعة من الاعتبارات التي تنطوي علي تعزيز معاني التفاعل والتواصل والتفاوض بين المنظمة وجماعات المصالح المختلفة، ومخاطبتهم بما يتلائم مع أفكارهم ومعتقداتهم و واحتياجاتهم، والسماح لهم بانتقاد المنظمة،و توجيه استشارات تنظيمية لها.

وفي خضم هذا الزخم المتراكم من التحديات ثنائية الأبعاد التكنولوجية والثقافية؛ يواجه ممارس العلاقات العامة ضغوط الدفاع المستمر عن وجهة نظر المنظمة أيا ما كانت، علي نحو مواز من الحاجة المتواصلة للمنظمات إلي تقديم معلومات دقيقة ومفصّلة للجمهور عن مختلف أنشطتها الاتصالية؛وهو ما يمثل بدوره تحديًا متناميًا؛ في ظل غياب ترخيص مهني عالمي، و ميثاق أخلاقي رسمي وواضح أمام الممارسين؛ مما يفسح لهم مجالًا واسعًا للارتجال والعشوائية وعدم الانضباط المهني، و يفقد المنظمات أيضًا آليات المحاسبة والرقابة وتقييم الأداء؛ وفقا لمعايير أخلاقية ومهنية واضحة ومحددة.