تعرف على يوم الشك وحكم صيامه
اختص الله عز وجل شهر رمضان وجعله محط اهتمام المسلمين عبر تعاقب الأيام والأعوام، ومن شدّة حرص المسلمين على صيامه فقد ظهرت عند أهل العلم مسألة صيام اليوم الذي يسبق هلال شهر رمضان؛ فهل يجوز صيام هذا اليوم، وما حكمه عند الفقهاء؟
يوم الشك وحكم صيامه
للوقوف على حكم صيام يوم الشك وآراء العلماء في المسألة؛ لا بدّ من تحديد المقصود من يوم الشك حتى تتضح المسألة ويُفهم حكمها.
المقصود بيوم الشك
بيّن العلماء المقصود بيوم الشّك، وفيما يأتي بيان ذلك:
يوم الشّك: هو اليوم المتمّم لشهر شعبان، ويوافق يوم الثلاثين منه، وذلك في حال تعذّر رؤية هلال شهر رمضان يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان إذ كان من المحتمل رؤيته، وعلى هذا الفهم فإنّ يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان لا يكون يوم شكّ بحالٍ من الأحوال، وفي هذا يقول الإمام النووي رحمه الله: (قال أصحابنا: يوم الشّك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا وقع في ألسنة الناس أنّه رؤي، ولم يقل عدل أنّه رآه، أو قاله وقلنا لا تُقبل شهادة الواحد، أو قاله عدد من النساء أو الصبيان أو العبيد أو الفساق وهذا الحد لا خلاف فيه عند أصحابنا).
ذهب طائفة من أهل الفقه إلى تحديد يوم الشّك بالليلة الصافية غير أنّ الناس في هذه الليلة لم يتراءوا الهلال، ونفوا أن يكون يوم الغيم يوم شكٍّ، ولكن خالفهم في ذلك بعض أهل العلم، وقرّروا أنّ يوم الغيم هو يوم الشّك، ولعلّ الأقرب للصواب، والأظهر في حسم المسألة أن تكون العبرة في تحديده باختلاف الناس عليه، فإن اختلفوا في هذا اليوم؛ فهذا هو يوم الشّك، سواءً كان هذا اليوم غيماً كان أو صحواً.
حكم صيام يوم الشك
تعدّدت آراء أهل العلم في مسألة صيام يوم الشّك، وبيان ذلك فيما يأتي:
نهى أهل العلم عن صيام يوم الشّك بنية الاحتياط لإدراك رمضان من أوّله، وقد ورد أنّ بعض الصحابة -رضي الله عنهم- قد فعلوه، لكنّه أُجيب عن ذلك بأنّ النهي لم يبلغهم حينها، لكنّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قد فرّق في حكم صيام الثلاثين من شهر شعبان بين كونه يوم غيمٍ أويوم صحوٍ، ووافقه في ذلك الإمام أحمد رحمه الله.
أجاز جمهور أهل العلم صيام يوم الشّك إذا كان الصيام مقترناً بنية قضاء صياماً واجباً، أو صيام كفّارة، أو صيام تطوّع قد اعتاده ووافق يوم الشّك، وعلماء السّلف نهوا عن ذلك؛ لما ورد من الأمر بالفصل بين شهري شعبان ورمضان بفطر يوم، وحُكيَ الحكم بكراهة صيام يوم الشّك عن الإمامين أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله.
ذهب الحسن -رحمه الله- وغيره ممّن تبنّوا الحكم بالفصل بين شعبان ورمضان بفطر يومٍ، ذهبوا إلى كراهة الصيام بنيّة التّطوع المطلق، وخالفهم في ذلك الإمام مالك، لكنّ كثيراً من أهل العلم؛ ومنهم: الشافعي وأحمد فرّقوا في أنْ يوافق صيام التّطوع عادةً عند صائم يوم الشّك أم لا يوافق؛ فأجازوه للأول دون الثاني.
ذهب أهل العلم إلى جواز صيام يوم الشّك لمن ابتدأ صيام التطوّع قبل النصف من شهر شعبان ثمّ وصله برمضان، وكرهوه لمن ابتدأ صيام التطوع بعد انقضاء النصف من شعبان.