رامي المتولي يكتب: مهرجان الإسماعيلية السينمائى 21.. دورة التفوق والاحترافية..و"رمسيس راح فين" الأفضل
مرت فعاليات الدورة الـ 21 من مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة بأفضل نتيجة ممكنة وذلك لأنها من الناحية التنظيمية لم تواجه أى مشاكل كبرى لا من حيث انتظام العروض أو غياب الفعاليات الموازية، وعلى الرغم من كبر عدد ضيوف المهرجان إلا أن إدارة المهرجان المتمثلة فى رئيسه الناقد عصام زكريا ورئيس المركز القومى للسينما المنظم للمهرجان ومستشار وزير الثقافة لشئون السينما دكتور خالد عبد الجليل حرصت على أن تذلل كل العقبات وأن تمر كل الأمور باحترافية شديدة بداية من وصول المعلومات والمطبوعات للضيوف منذ اليوم الأول والإشراف على تنفيذ فريق عمل المهرجان لتعليماتهم وهو ما انعكس على أيام الدورة الـ 6، هذه السلاسة فى مرور أيام وفعاليات المهرجان الثرية ورائها جهد لفريق عمل من داخل المركز القومى وخارجه وقبل شهور من انطلاق المهرجان فى العاشر من الشهر الجارى.
فيلمان مصريان توجا بالجوائز الكبرى فى فرع الفيلم التسجيلى الطويل لهذه الدورة من المهرجان، «رمسيس راح فين؟» للمخرج عمرو بيومى حصد لقب أفضل فيلم، بينما ذهبت لجنة التحكيم المشكلة من قبل اتحاد نقاد السينما الأفارقة واللجنة المشكلة من قبل الاتحاد الدولى لنقاد السينما (فيبريسى) والذى يشارك أعضاؤه للمرة الأولى فى المهرجان بمنح جائزتهم لفيلم «تأتون من بعيد» للمخرجة أمل رمسيس، حصد الفيلم الإنسانى «مايكل ودانيل» إخراج أندريه زاجدانسكى على تنويه خاص من لجنة التحكيم الكبرى والتى منحت جائزتها الخاصة لفيلم «النسمة الزرقاء» إخراج رودريجو أرياس.
من بين 12 فيلمًا ضمتهم مسابقة الفيلم التسجيلى الطويل -الأهم فى منافسات المهرجان- منحت 3 لجان دولية على المستوى العالمى والإفريقى جوائزها لفيلمين مصريين، لم يحظا فقط باهتمام هذه اللجان فقط بل الجمهور أيضًا الذى حرص على مناقشة مخرجى الفيلم فى نقاط وتفاصيل دقيقة متعلقة بفيلميهما، وتتويجهما ليس إلا امتدادًا لحالة مطلوبة من قبل صناع السينما عمومًا وهى إثارة الأسئلة والمشاعر نتيجة التفاعل مع الأفلام، على الرغم من الحالة الخاصة التى يتمتع بها الفيلم الذى حصد جائزتى لجان تحكيم النقاد الأفارقة والعالميين «تأتون من بعيد» هو موضوعه كونه إنتاجًا مشتركًا بين مصر ولبنان وإسبانيا يجعله فيلمًا دوليًا ويعكس صورة لما كانت عليه الحياة فى القرن العشرين وكيف كان التعامل مع مشاكله السياسية؟ وكيف كانت تخاض المعارك؟
مواليد الألفية الثالثة لن يعلموا شيئًا عن شكل النضال السياسى فى القرن العشرين ولا شاهدوا زعامته الكبار بتأثيرهم الإيجابى والسلبى ولكن «تأتون من بعيد» يفتح نافذة على هذا الزمن ويبرز واحدة من قصصه الغريبة التى ستكون صعبة على التصديق لو كتبت فى رواية، رجل فلسطينى يسارى مناضل يدعى نجاتى صدقى خلفت حياته الفريدة 3 أخوة يعيش كل منهم فى بلد مختلف، يحملون ثقافات وملامح مغايرة حتى لو وضعتهم بجانب بعضهم البعض لن تتخيل أنهم أبناء لنفس الأب سيبدو الأمر غريبًا ومشكوك فيه، يبدو الحال الفلسطينى فى الشتات مثله مثل حال الإخوة التى فرقتهم الحروب ونضال والدهم عن بعضهم البعض، وجمعتهم المخرجة أمل رمسيس لتقدم تاريخًا مختصرًا لحال الأرض فى القرن العشرين بأكمله تقريبًا.
الفيلم الذى حصد الجائزة الكبرى وتوج بلقب أفضل فيلم «رمسيس راح فين؟» أكثر محلية يركز مخرجه عمرو بيومى على مصر، محمل بالمجد القادم من تاريخ ممتد لآلاف السنوات الماضية وهو ماض عسكرى قوى ممثل فى الحاكم المصرى القديم رمسيس الثانى الذى عكس قادرة ثورة 1952 صورتهم عليه، وقدم هو الآخر صورة لانحدار مصر على مدار أكثر من نصف قرن شهد عليهم تمثال رمسيس الثانى فى مكانه بالميدان الشهير.
سيرة ذاتية بالغة العذوبة لحياة شاب شهد تفاصيلاً متراكمة تختلط فيها صورة الأب المسيطر على العائلة والمقيد لحريته بصورة الحاكم الأب وتطورها فى الوعى الجمعى المصرى، سيرة تروى حياة هذا البلد وشبابه وتاريخه العريق بالشكل الذى يثير الفخر والحسرة معًا.