بدأ العد التنازلي لسقوط "أردوغان"
رغم خسارة حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، العاصمة الإدارية للبلاد أنقرة وعددا من المدن الكبرى المهمة الأخرى، خلال الانتخابات المحلية الأخيرة، فإن هزيمته في إسطنبول بدت الأكثر إيلامًا، ما جعلته يخاطر بإسقاط قناع الديمقراطية الزائفة، ويخلع عباءة لم يتخل عنها طوال سنوات، متجاهلا أصوات الناخبين ومتشبثا باسترجاع المدينة من المعارضة، في ظل ظهور مؤشرات تؤكد أن هذه هي بداية العد التنازلي لسقوطه.
أردوغان يؤكد عزمه مواصلة الصراع
وفاجأ "أردوغان"، الخميس، الجميع بقوله إنّ حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه سيقاتل حتى يقول المجلس الأعلى للانتخابات كلمته الأخيرة بشأن انتخابات المجالس البلدية التي أجريت في 31 مارس، على الرغم من استلام مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو مهام منصبه رسميا كرئيس لبلدية إسطنبول.
وبعد 17 يوما من الاعتراضات وإعادة الفرز، تولّى أكرم إمام أوغلو منصبه الأربعاء رغم عدم البت في طلب قدّمه حزب العدالة والتنمية لإلغاء نتيجة الانتخابات في إسطنبول وإعادتها.
وقال أردوغان، إنّ على تركيا أن تستغلّ جيدا الأعوام الأربعة والنصف المقبلة لحين موعد الانتخابات المقررة، وأن تحل المشكلات الاقتصادية والأمنية، دعيا إلى ترك الجدال والسجال الحاصل حول الانتخابات المحلية، والالتفات إلى المسائل الاقتصادية والأمنية وتوطيد وحدة البلاد، في إقرار غير مباشر باستفحال الأزمة الاقتصادية في البلاد والتي كان ينكر وجودها في وقت غير بعيد.
وجاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مشاركته في مؤتمر “مستقبل العمل: التحديات والفرص” بالعاصمة التركية أنقرة.
وقال في هذا الخصوص: "علينا ترك الجدال والسجال الحاصل حول الانتخابات المحلية، والالتفات إلى المسائل الاقتصادية والأمنية، فالمصافحة والعناق وتوطيد وحدتنا سيكون عنوان المرحلة المقبلة".
وشدد على وجوب ترك الخلافات السياسية في المسائل المتعلقة بوجودية البلد جانبا، والتحرك في إطار "تحالف تركيا" مع 82 مليون شخص.
وأردف: "انتهى الجدل الذي ساد خلال فترة الانتخابات المحلية، الجميع الآن يتجهون إلى حياتهم اليومية ويركّزون على أعمالهم".
مؤيدون لـ"أردوغان": الفشل الاقتصادي وراء خسارة إسطنبول
وأقر مؤيدون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا وسببها سياساته الفاشلة هي السبب الرئيسي لخسارة إسطنبول لصالح المعارضة.
وفي ظل السياسات الاقتصادية الفاشلة للرئيس رجب طيب أردوغان، يعاني الاقتصاد التركي من أزمة حادة، في ظل تدهور العملة المحلية، ما انعكس بشكل كبير على ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية.
وقال أوموت أوزكان، رئيس منظمة إسنلر التابعة لحزب العدالة والتنمية، إن موعد الانتخابات كان غير موات.
وأضاف أنه لا ينبغي لهم إجراء الانتخابات في فصل الشتاء، بسبب أن أسعار الفاكهة والخضراوات ترتفع، وكذلك نفقات التدفئة تزعج الناس.
"أردوغان" لا يريد الاعتراف بالهزيمة
ولا يريد الرئيس التركي الاعتراف بأنه خسر في المدينة التي شهدت بداية صعوده، والتي تذكّره بمجد "الخلافة" ونجومية السلاطين الذين يعمل على أن يصير واحدا منهم عبر افتعال المعارك في كل اتجاه.
ومع رفض اللجنة العليا لمطالب الحزب الحاكم لإعادة العملية الانتخابية بأكملها في إسطنبول، قد ينتقل الرئيس إلى وضع خطط في الكواليس قد تصل إلى استخدام مؤيديه في مجالس البلديات كأداة لمنع رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة من تمرير قرارات للوفاء بوعودهما لساكني المدينتين الرئيسيتين.
وطبّق حزب العدالة والتنمية في حملته الانتخابية إجراءات تحفيز تستهدف الناخبين الفقراء؛ رفع الحد الأدنى للأجور وخفض بعض الضرائب على الواردات وإعادة هيكلة ديون بطاقات الائتمان، لكن أثر ذلك على النتائج كان محدودا، خاصة وأن الاقتصاد في طريقه إلى الركود.
الرئيس التركي بين نارين
و خسارة إسطنبول حشرت أردوغان في مفترق طرق، وهذا من بين أسباب حرقة الرئيس التركي، لإدراكه المسبق بتداعيات هزيمة حزبه بمدينة نشأته.
فالضربة وضعته بين نار القبول أو توخي نهج أكثر استبدادا، وفي الخيارين مخاطر مرتفعة للغاية، فضياع إسطنبول يعني الكثير بالنسبة إلى أردوغان، فهو دليل على أن سكان المدينة التي احتضنت انطلاقته السياسية، وترأسها لسنوات، لفظته، وقالت له "لا"، أي أنها صفعته بشكل مهين.
فإن قبل، فقد يخدمه ذلك بعض الشيء في عيون العالم الذي يراقب بصمت وخوف تفاقم ديكتاتورية الرئيس التركي، لكن حتى هذا الخيار، تقول الصحيفة، لا يبدو مستساغا بالنسبة لأردوغان الذي يعتبر أي نوع من الإذعان ضعفا، وإن كان ضمن المسار الديمقراطي.
وإن لم يقبل، فيخشى أردوغان أن يؤدي ذلك إلى إطلاق العنان للطاقة الكاملة لمنتقديه، ليقينه من أن السماح بثغرة صغيرة لمعارضة حقيقية سيدفع الناس للهجوم عليه بأقصى قوة لتوسيع قطر تلك الثغرة، وهذا ما فعله حتى جاءت لجنة الانتخابات وأعلنت بشكل رسمي خسارته للمدينة لصالح مرشح المعارضة.
ومما سبق، يؤدي إلى فرضية كبيرة، وهي أن يتصاعد نجم المعارضة التركية الفترة المقبلة، لتحل بديلا لحزب الحرية والعدالة، مما يعني سقوط "أردوغان" للأبد.
وعلى إثر ذلك تسلم أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض الفائز برئاسة بلدية مدينة إسطنبول التركية، المنصب رسميا، الأربعاء الماضي، بعد 17 يوما على إجراء الانتخابات المحلية بالبلاد والمراوغات المستمرة من أردوغان.