عندما تعزف الموسيقي بلا نوتة بأوركسترا النور والأمل (فيديو)

بوابة الفجر


قاعة خاصة بهن للعزف والموسيقى يصدر منها نغمات وألحان أوركسترا سيمفوني، تسقط ظلام الأيام، التي يعزفها مجموعة من السيدات الموجودات، يتحسسن الآلات الموسيقية بأناملهن ويطلقن لخيالهن العنان ليخلقن من الظلام حالة فريدة من نوعها.

قلوب عشقت الموسيقى منذ الطفولة، لديها الإصرار على تحويل المستحيل إلى ممكن رغم فقدانها حاسة البصر، تحدت العديد من الصعوبات والعوائق، ومع ذلك استطاعت أن تبهر الجميع بروائع موسيقية كلاسيكية غربية وشرقية، حتى وصلت إلى شتى بقاع العالم، ورسالتها بعث موسيقاتها للعالم، وأن توضح لكل الشعوب رسالتها وأنها تستطيع فعل كل شئ.

تعتبر جمعية "النور والأمل" أول مؤسسة في الشرق الأوسط لتعليم ورعاية وتأهيل المكفوفات، أسستها السيدة استقلال راضي، بمساعدة عدد من السيدات المتطوعات في عام 1954م.

وتنوعت الأنشطة المختلفة داخل الجمعية، منها مركز التأهيل المهني، وقسم السجاد اليدوي الذي درب الفتيات على صناعته، وقسم لتعليم الكتابة على "الآلة الكاتبة"، وغيرها من الأقسام المتنوعة.

وتعتبر أوركسترا النور والأمل من أهم إنجازات الجمعية، إذ بدأ الأوركسترا بـ5 فتيات كفيفات ثم وصل للعشرات.

وتشمل الأوركسترا 4 أقسام منها الأوتار والآلات الخشبية والآلات النحاسية وآلات الإيقاع، جاب الأوركسترا دول العالم المختلفة، وكانت أول دعوة تلقاها من النمسا في عام 1988.

وحصل الأوركسترا على عدد كبير من الجوائز من مختلف الدول، منها درع "الجمعية النسائية الاجتماعية الثقافية" الكويتية، ودرع "المخيم العربي السادس للمكفوفين" بالإسكندرية، ودرع الإمارات العربية المتحدة، وكأس "التقدم الممتاز الألمانية".

وتحدثت "الفجر" مع شريفة أحمد فتحي الأنصاري، في أواخر العقد الخامس لها، تعمل بالمكتبة الخاصة للجمعية في إعداد النوت الموسيقية والمناهج للبنات الكفيفات، والعمل علي كتابتها باستخدام طريقة برايل، "طوال الأسبوع موجودة في مكتبتي ومع آلتي الموسيقية، بعد الانتهاء من التدريس للطالبات في المدرسة".

"أنا جيت وأنا في أولي ابتدائي" هكذا بدأت شريفة حديثها عند مجيئها للجمعية بعد أن أدرك الأب من انعدام القدرة على الرؤية، وذلك لوجود مرض وراثي بالعائلة يولد أفرادها مصابون بانفصال الشبكية وانحسار الرؤية مع تقدم العمر.

"إمتحان قدرات يوهل الأنصاري للمشاركة في عزف الموسيقي"، "لما كنت في تانية أبتدائي عملولنا إمتحان قدارت يشوفوا مين عنده حس موسيقي والحمدلله أتقبلت"، وقامت شريفة بإختيار ألة الكامنجا والتحقت بمعهد "الكونسرفتوار" وكانت في ذلك الحين في العشرين من عمرها، ظلت بالمعهد نحو ثلاث سنوات تمارس العزف على آلة الكمان، حتى عادت إلى معهد النور والأمل مرة ثانية، عملت بجانب عزفها على آلة الكمان في مكتبة برايل.

"صوت الفيولا شدني وحبيتها أوي" تعلقت روحي بآلة الفيولا، حيث تركت الكمان وبدأت تعلم العزف عليها بعد أن اشترى لها أحد أساتذتها واحدة خاصة بدلا من المملوكة للفرقة فتستطيع في أيام العطلات أن تصحبها معها إلى المنزل.

تتحسس شريفة الفيولا بأناملها حتي أضبح هناك حكاية "حب لا تنتهي" تمتد عمرها لنحو 25 عاما، وحصيلة مجهود أكثر من ثماني ساعات عمل دون انقطاع.

"لا نوتات أمام العازفات ترشدهن، ولا عصا مايسترو تقي من الحيرة، فقط حدس وإحساس وعالم ترسم خيوطه الموسيقى"، أحنا من حبنا في الفيولا حفظنا النوتة بتفاصيلها وأصبحنا نعزف بدون وجود مايسترو لتوجيهنا، كلمات تتفوه بها شريفة لتعبر بها عن شدة تعلقها بآلتها الوترية.

"إتقان الكفيفات عزف الموسيقى يمر بعمل شاق وفترات تدريب طويلة، تبدأ بترجمة النوتة الموسيقية على طريقة "برايل" ليقرأنها بأصابعهن قبل عزفها".

تبدأ المقطوعة الموسيقية بآلة الفيولا الوترية، ثم نسمع صوت الساكسوفون بحدته المعهودة، بينما تتحول حركات العزف على الفيولا إلى مداعبات خفيفة للأوتار، تتدرج بانتظام يقطعه الناي والبيانو.