متحدث "الرقابة النووية" يوضح معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لقبول موقع الضبعة النووي
أكد الدكتور كريم الأدهم الرئيس السابق لهيئة الأمان النووى، والمتحدث بإسم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية،أن محطة الطاقة النووية المصرية تطبق منذ البداية جميع مبادئ الأمان المقرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بصورة تامة، التى أكد عليها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لمصر في مطلع شهر فبراير 2019، وهذا ما أكده رئيس الجمهورية بأن مصر سوف تدخل أعلى المعايير الدولية في مجال السلامة في اطار تنفيذ مشروع بناء محطة الطاقة النووية في الضبعة وستتعاون بشكل كلي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف استخدام خبرتها في تدريب وتعليم الكوادر لدعم وصيانة المحطة تقنيا. وبالطبع فإن هذا هو القرار المصائب.
واستطرد الأدهم فى تصريحاته له، قائلا :"إنه فيما يتعلق بمبدأ الأمان الأخير أود الحديث عنه هذا اليوم، خاصة فيما يتعلق بمطلب الجاهزية للتعامل مع الحوادث الطارئة وسرعة رد الفعل، علما بأن توضع لهذا الغرض في جميع محطات الطاقة النوويةخطط عمل في حالات الطوارئ من خلال تدريب منتظم للعاملين فيها، وبإمكان فريق العاملين الذي يتمتع بتدريب جيد والمجهز بكافة الوسائل التقنية اللازمة التعامل مع أي حادث وتقليل تداعياته لحماية الإنسان والبيئة".
وأوضح أن محطات الطاقة النووية مثال على نجاح البشرية في استغلال الطاقة النووية لما يعود بالخير على الإنسان وتحقيق الرفاهية لبني البشر، وذلك شأنها أي فرع من التكنولوجيا لأن* هناك بعض المخاطر التي تصاحب التعامل مع الطاقة النووية، وأهم هذه الأخطار هو الإشعاع.
وشدد على أنه تصادفنا الاشعاعات بشكل يومي، بيد أنها تتواجد في محطات الطاقة النووية، إذا جاز التعبير، بشكل مكثف، ولهذا السبب بالذات يحظى معامل الأمان بإهتمام خاص، ومن هنا كان اهتمام خبراء الطاقة النووية في مختلف أرجاء العالم بوضع معايير للأمان النووي، ولايزالون يواصلون العمل علي تطويرها والبحث عن أفضل السبل للتوعية بها، ولقد اهتمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعد إحدى مؤسسات منظمة الأمم المتحدة، بإعداد وتطوير وإقرار هذه المعايير.
وأضاف أن مصر تعد عضوا مؤسسا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث انضمت إلى هذه المنظمة منذ تأسيسها في عام 1957، مشيرا إلى انها تعترف بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لجميع منشآتها النووية، بما في ذلك محطة الطاقة النووية المستقبلية في الضبعة، وذلك ليس لأنها عضو في الوكالة فحسب، بل لأن هذه المعايير جيدة حقًا، وهي تتميز بهيكل منطقي وشكل ومحتوى مدروسين، بالإضافة إلى نهج مرن ودوري لمراجعة المعايير، مع مراعاة الحقائق والمعرفة الجديدة الناشئة.
وأكد على أن حجر الزاوية الذي تضعه الوكالة الدولية للطاقة الذرية عند صياغة معايير الأمان في اعتبارها هو حماية الإنسان والبيئة من التأثيرات الضارة للإشعاع، ومن أجل ذلك تم تزويد جميع محطات الطاقة النووية في العالم بأنظمة دقيقة للمراقبة تتعقب الحالة الاشعاعية، وبإمكانها رصد تركيز النظائر المشعة مهما كان طفيفا في كل من الهواء والماء والتربة.
ونوه إلى أن هذا يتطلب من كافة محطات الطاقة النووية الحد بكافة الطرق الممكنة من احتمال وقوع عمليات يمكن أن تتسبب بوقوع حادث شديد، كما ينبغي على جميع محطات الطاقة النووية امتلاك مخططات دقيقة ومجربة لمكافحة الأخطار، فيما إذا وقعت، مشيرا إلى أنه إضافة الى أهداف الأمان، اقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عشرة مبادئ يتقيد بها في الوقت الحاضر جميع المختصين النوويين في كافة أنحاء العالم.
وأضاف أنه ينص أحد مبادئ الأمان الأساسية الهامة على أنه ينبغي أن تتخذ عند تشغيل المحطات النووية جميع الاحتياطات اللازمة كي لا يتعرض أي شخص إلى خطر غير مقبول نتيجة للإشعاع. وبمعنى آخر، يجب ألا يهدد تشغيل محطة الطاقة النووية صحة الأشخاص (سواء الذين يعملون في المحطة أو الذين يعيشون بالقرب منها) أو البيئة، مما يعني أن جميع محطات الطاقة النووية في العالم يجب أن تكون صديقة للبيئة وفقا للمعايير ذات الصلة.
أما فيما يتعلق بحماية البشر، فإن أحد مبادئ الأمان الأساسية الهامة الذي اقترحته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينص على أنه ينبغي أن تؤمن الحماية من الأخطار الاشعاعية ليس للجيل الحالي فحسب، بل وأيضا للأجيال اللاحقة، مشيرا إلى أن هذا المبدأيخص بصورة مباشرة مسائل التعامل مع النفايات المشعة، إذ تطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ألا تشكل هذه النفايات أي مشاكل لأجيالنا المستقبلية ؛ الأبناء والأحفاد وأحفاد الأحفاد، ونحن اليوم نعمل على التقيد بهذه المطالب بشكل صارم، ويتم التعامل مع النفايات النووية في كافة المحطات النووية في العالم بشكل وثيق وآمن بحيث لا يسبب تهديدات للجيل الحالي، وبالطبع لأحفادنا.
أما المبدأ التالي للسلامة الذي اقرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية خاص مباشرة بالمحطات النووية، إذ يطلب من مصمميها ومنفذيها ومشغليها اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب وقوع حوادث، أما في المشاريع الجديدة، التي يدخل في قوامها المشروع الروسي "في في أي ار-1200" يطلب بالضرورة استخدام عدد كبير من أنظمة الأمان، لأن ذلك يقلل من تأثير العامل البشري على معامل الأمان في المحطة (كأخطاء العاملين).
ونوه إلى إنه لابد من وجود وسائل مختلفة للحيلولة دون وقوع حوادث وتتمثل فى الحماية متعددة الطبقات أو الدفاع في العمق، ويعني ذلك أن لا تحتوي المحطة النووية على مستوى واحد للحماية فحسب، بل أيضا على العديد من مستويات الحماية، بحيث لا يحتوي كل مستوى على نظام حماية وحيد، وإنما على عدة أنظمة حماية مستقلة أو حواجز.
وأشار إلى أنه في حال تعطل أحد مستويات الحماية، فإن مستوى الحماية أو الحاجز التالي يبدأ بحماية الناس، وتضمن أنظمة الحماية هذه بأن لا يؤدي أي خلل تقني أو بشري أو تنظيمي وحيد إلى وقوع حادث أو إلى تأثير خطير للإشعاع، موضحا أن هناك اهتمام كبير للعامل البشري في مرحلة التصميم الذى يعتبر ضامنا لأمان مفاعلات "في في أي آر-1200"، حيث يتحمل مسؤولية أمان محطات الطاقة النووية كل من الأفراد والتكنولوجيا؛ وبالتالي، يضمن مصممو مفاعلات "في في أي آر" التوزيع الأمثل لوظائف التحكم بين المشغلين وأنظمة التشغيل الآلي.
وقال إنه من الأمثلة الجيدة على كيفية تطبيق معايير السلامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الممارسة العملية يمكن ذكر مشاريع المفاعلات النووية الروسية "في في أي ار" بأشكال وتعديلات مختلفة ، لقد تم بناء هذه المفاعلات في العديد من دول أوروبا وآسيا وتخدم أصحابها بأمان، ويعد التصميم الأكثر حداثة لمفاعلات "في في أي آر" هو "في في أي آر - 1200"، وقد تم اختياره لبناء محطة الضبعة.
وأشار إلى أن يعمل مشغلو "في في أي آر" في ظروف مريحة حيث اعتنى المصممون بذلك مقدمًا. ويخضع المشغلون بشكل دوري للتدريب على معدات تحاكي مكان عملهم، وهذا يتيح لهم الاستعداد للعمل في أي ظرف من الظروف، علاوة على ذلك، يتم إشراك المشغلين من ذوي الخبرة في عملية تصميم وحدات الطاقة النووية بحيث يكون هناك تقييم من قبلهم، وكل هذا يتم مع الامتثال التام لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقواعدها ومنهجياتها، حيث يعتبر العامل البشري أحد أهم العوامل لضمان أمان محطات الطاقة النووية.