د. رشا سمير تكتب: كلمة السر.. المسئولية
المسئولية فى المُعجم هى التزام الشخص بأداء العمل المنوط به طبقاً لما هو محدد..
المسئولية هى عبء يٌلقى على كاهل كل شخص فى موقعه.. وهى الاختبار الحقيقى لنجاح أو فشل المسئولين..
عقب حادث القطار الأخير الذى كان كارثيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تقدم السيد وزير النقل المحترم د.هشام عرفات باستقالته وهكذا تحمل المسئولية السياسية عن الحادث حتى لو لم يكن طرفا مباشرا فيه، فخرج من الوزارة محمولا على الأعناق.
هذه الصورة معتادة ومتكررة فى كل دول العالم المتقدمة أما فى مصر فالوضع مختلف..
العقدة المحكمة لدينا أن مصر تم تجريفها طويلا من المسئول القادر على الإنجاز والنجاح.. أصبح كل من يتولون الأماكن عاجزين أو غير قادرين على تحقيق نجاح بسبب عجز إمكانياتهم البشرية أو الإدارية أو كليهما، وفى الحالتين ما أراه واجبا هو تنحى من يجد نفسه غير قادر على الإدارة مع كامل التقدير له، المؤسف بحق أن الفشل فى دواوين الدولة له ألف صورة..
ما حدث منذ أيام فى الاختبار التجريبى لطلبة أولى ثانوى وهو أول تجربة على أرض الواقع للتابلت الذى تم إقحامه على التعليم وكأنه العصا السحرية لحل مأزق العملية التعليمية المتردية منذ سنوات طويلة دون النظر إلى عنصر الثقافة والعدد والإمكانيات..
المؤكد أن د.طارق شوقى له باع طويل بالتعليم وسيرته الذاتية تُبشر بالخير والمؤكد أيضا أنه يريد التغيير ومما لا شك فيه أن هناك فئة كبيرة داخل الوزارة لا تتمنى له إلا الفشل، إما لأنهم مستفيدون من الوضع الحالى وإما لأنهم ينتمون للجماعة المحظورة التى تعبث فى كل مصالح الدولة لإسقاطها.. وفى كل الأحوال لا يجب أن نُعطى لهؤلاء الفرصة لتحقيق أغراضهم ولا فرصة الشماتة..
ومن هنا يجب أن يعترف وزير التعليم بأن الاستعانة بفكرة التابلت كانت فكرة خاطئة منذ البداية لأن الاعتماد على الإنترنت فى دولة يعمل فيها الإنترنت المنزلى بنظرية (شيل الفيشة وجرب كده!) فكرة بائسة..
فما بالك بدخول هذا العدد الرهيب من الطلبة فى وقت واحد فى حين أن أى أسرة مكونة من أربعة أفراد يترددون على النت بنظرية (اللى يجى الأول يدخل!).. هنا يجب أن يعترف معالى وزير التعليم بأنه أخطأ والاعتراف بالحق فضيلة.
بالمثل يجب أن تعترف وزيرة الصحة بأنها أخطأت فى أكثر من موقف آخرها مع عميد معهد القلب الذى وقفت جحافل الأطباء فى صفه رافضين الطريقة التى تعاملت بها الوزيرة معه.. كما أن الصورة التى ظهرت بها أثناء وضع التطعيم فى فم الأطفال بالمدارس دون تغيير الجوانتى هى صورة خاطئة والخطأ لا يبرره المزيد من الأخطاء.. فكما اعترفنا بمجهود الوزارة فى القضاء على قوائم الانتظار يجب أن نهمس فى أذن الوزيرة بسرعة للتراجع.
بنفس المقياس وهو مقياس المسئولية ألوم الفنانة شيرين أجمل صوت فى مصر ابنة مصر القديمة والتى من المؤكد أنها تتحلى بأخلاق أهل البلد، ألومها على عدم تحمل مسئولية كونها سفيرة لبلدها فى كل العالم.. سيدتى، المبدع هو واجهة بلده ولسان حالها، ألوم عليك السقوط فى فخ التردى حتى لو لم يكن مقصودا.. فحاسبى نفسك قبل أن يحاسبك الآخرون.
ومن هنا يجب أن أشير إلى المسئولية التى تولاها اللواء طارق المهدى يوم أصبح على رأس مبنى ماسبيرو فى وقت حرج ويوم تولى شركة شرق الدلتا، والنجاح الذى حققه فى الارتقاء بالمكانين وعين العدل التى تعامل بها مع الصغير قبل الكبير، هذا النجاح هو أكبر نموذج لأن المسئولية فى ظل إمكانيات متعثرة لا تمنع النجاح لأن النجاح إرادة شخصية وتصميم حتى لو فى مستنقع من الفساد.. فالقضاء على الفساد إرادة شخص ناجح.. ونجاح هذا الرجل مازال حديث كل من عملوا تحت قيادته فى المنظمات المدنية وهى خير دليل أيضا على أن الإدارة لا علاقة لها بالتخصص..
الإرادة ذكاء وعدل وقوة فى اتخاذ القرار، أما سياسة الأيدى المرتعشة فنهايتها حتما الفشل.
مسئولية الإعلامى هى كلمة الحق والرسالة الصادقة.. مسئولية إمام المسجد هى تصحيح الخطاب الدينى.. مسئولية المعُلم هى خلق أجيال.. ومسئولية الأم هى التوجيه والقدوة..
لن تنهض مصر إلا لو أصبح كل منا على قدر المسئولية.. إلا لو تولى من يصلُح.. وإلا لو تنحى من يفشل.. وإلا لو تمت محاسبة المُخطئ وإلا لو لم يتم إقصاء أصحاب الضمائر..
إلا.. .. .. لو..