كواليس جديدة عن حادث إمام مسجد فيصل المقتول.. ومفاجآت وأسرار بشأن زواجه من عربية وعلاقة الجريمة بـ"شيخ حلب" (صور)
خيوط كثيرة تشابكت ألغازها، وتعقدت حلقاتها، حول حادث مقتل محمد خالد العدوي، أو "نور خالد" كما يلقبه سكان المنطقة وأصدقائه، إمام مسجد الرحمة بمنطقة الهرم بالجيزة، تعددت الروايات، وتضاربت الأقاويل، حول الدافع الذي اتخذه أستاذا جامعيا لقتل إمام مسجدا في وضح النهار، بأحد مساجد الجيزة، على مرأى ومسمع من الجميع.
تواصلت "الفجر" مع أحد أقارب إمام المسجد- الذي فضل عدم ذكر اسمه، ونرصد تفاصيل وكواليس جديدة تنشر لأول مرة في حياة الإمام الشهيد، الذي أتى من أسيوط للقاهرة للدراسة، واستقر في منطقة الهرم، ليتخذ من بيت الله مقرًا ومن كتابه مذهبا ومنهجا، ومن كلماته عز وجل نورا للسامعين ودليلا للسائلين.
تمتع الشيخ "نور" بسمعة طيبة، وذاع صيته رغم حداثة سنه، فهو لم يتجاوز الـ24 عاما، ولم يتخرج بعد في كلية الشريعة والقانون يجامعة الأزهر، إلا أنه طيب اللسان، وحكمته البلاغية في تفسير علوم الدين، والفقه، وتبسيطه للعديد من الأمور، جعل منه علما ينتفع به الناس، وأصبح الإقبال على خطبته، في ازدياد ملحوظَا يوم بعد يوما- بحسب حديث أحد أقاربه لـ"الفجر".
لم تخلوا خطبة الإمام، من المعاملات اليومية، والحث على القيم الإسلامية السمحة، التي تربى عليها، كمعاملة الزوجة، معاملة حسنة، ومعايير الطلاق واستعدادات الزواج، ومفهوم الرفق بالمرأة، فضلا عن تبسيط الأوامر والنواهي، وحث المصلين على الاستذكار والزكاة، وعمل الخير، والمواظبة على الصلاة في المسجد، وكان دوما يدعوا لمصر بالاستقرار، والنصر، وأن يرد الله كيد الأعداء- وفقًا لما قاله أحد أقاربه.
وتزوج الشيخ "نور"، منذ عامين، من سيدة عربية، دون حفلا وصخبًا، لإيمانه بقدسية الزواج، وأعرافه الدينية الصحيحة، التي لا تلزم بالمظاهر، حتى أغلب سكان المنطقة، والمترددين على المسجد لم يكن لديهم علم بزواجه، ولم يمنحه القدر مالا ولا بنين، فكتب الله عليه أن يعيش فقيرا على خلق، وأن يتوفاه في أطهر بقاع الدنيا، وهو يؤدي أعظم الأفعال ساجدًا، إماما وشيخا وخطيبا لعشرات المسلمين- بحسب حديث المصدر المقرب من إمام المسجد.
وأوضح المصدر، أن القاتل تردد على خطبته، منذ فترة دون انتظام، حتى بادر بالتعرف إليه، وأبدى اعتراضه على الخطبة، التي تناقش المعاملات اليومية، والمعاملات، وتحسين السلوك، موجها النصح له بأن يغير مسار خطبته لانتقاد الدولة وأوضاعها، ودمجها بصبغة سياسية، وبعد الاستماع له أعرب الشيخ "نور" عن رفضه التام لكل ما قاله، مؤكدًا إمام المسجد له آنذاك أنه لن يخالف تعاليم الإسلام، ولم يتخلى عن وطنه في منحته، وأن الشباب بحاجة إلى تقويم وسطي وتدريجي، لنبذ العنف والرذيلة، وتجنب المخدرات، وحثهم على العمل والعبادة، وأن الوطن بحاجة إلى مساندة لا هجوم، مشددا على عدم تغيير منهجه- بحسب تعبير أحد المقربين منه، الذي فضل عدم ذكر اسمه.
أيام قليلة، وتردد عليه القاتل مرة أخرى، حتى أهداه "فلاشة" تحتوي على مقاطع فيديو لأحد مشايخ سوريا، ويدعى الشيخ عصام إبراهيم، أحد مشايخ حلب، والتي تناولت دروسًا عن الجهاد المسلح، والخروج ضد الحكام، ووفقا للمصدر، فإن والد الإمام قال من قبل، إن القاتل اتهم نجله بتأييد الدولة والنظام، متعجبًا، وكأنها تهمة- بحسب حديث أحد أقارب إمام المسجد.
وأضاف المصدر، أنه على الرغم من محاولات القاتل المستميتة لتغيير الخطبة، إلا أنه فشل في السيطرة على الشيخ نور وإقناعه بأفكاره المسمومة، حتى واجهه بكل الأسانيد الدينية التي تحث على حسن المعاملة، والرحمة، لا القتل وسفك الدماء، حتى توجه إليه صباح الجمعة، وحذره بلهجة حادة بأن يحول مسار الخطبة إلى الأوضاع السياسية، وبعد أن رفض الإمام، خرج القاتل، ودخل مرة أخرى ليطلب منه قراءة سورة الكهف، حتى رفض الإمام، مبررا له أنه ملتزما بخطبة وقراءات محددة، مرتبطة بشهر شعبان واستعدادات استقبال شهر رمضان المبارك، ليسدد له القاتل طعنتين نافذتين، ويترك السكين في ظهره، وهو ساجدا لله في بيت الله، ليوقع به المصلين قبل أن يلوذ بالفرار- وفقًا لحديثه.
ونفى المصدر، أن يكون القاتل مهتز نفسيا أو ممسوسا بالجن، كما تداول العشرات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنه يتمتع بكامل قواه العقلية، ويتخذ هذه الحيل أسلوبا للإفلات من العقاب- وفقًا لتعبيره.
وحمل الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، مسؤولية الحادث إلى قيادات الوزارة بالجيزة، حيث أقدم على إقالات ليست بالقليلة، لعدد من قيادات مديرية أوقاف الجيزة متهما إياهم، بالإخلال الوظيفي، بعد أن أكد في بيانا رسميا، أن الإمام القتيل، لم يكن مدرجا ضمن مشايخ أو خطباء الأوقاف، وأنه كان يخطب بالمخالفة للقانون.
وجاءت قرارات الوزير على النحو التالي:
أولا: إلحاق الشيخ محمد نور وكيل الوزارة بأوقاف الجيزة من العمل بأوقاف الجيزة وإلحاقه بمكتب رئيس القطاع الديني لحين انتهاء التحقيقات بمعرفة النيابة المختصة مع إحالته للنيابة.
ثانياً: تكليف الشيخ أمين عبد الواجد بالقيام بتسير أعمال مدير مدرية أوقاف الجيزة.
ثالثًا: إعفاء هيثم معوض مدير إدارة أوقاف الهرم وعلي موافي مفتش المنطقة التي تتبعها الزاوية من العمل القيادي وعودتهما كل منهما للعمل إماما وخطيبًا بأوقاف الجيزة وإحالتهما للنيابة للتقصير والإهمال في العمل والإخلال بأخص خصوصيات الواجب الوظيفي المكلفين به.
رابعًا: تكليف الإدارة المركزية للشئون القانونية بديوان عام وزارة الأوقاف بمتابعة التحقيقات الجارية في الحادث، ومعرفة أسباب ارتكاب الجريمة التي تمت اليوم بالزاوية المذكورة.
التنبيه على جميع وكلاء الوزارة ومديري العموم والإدارات بأن السماح لشخص غير مصرح له بالخطابة بصعود المنبر إخلال جسيم بالمهام المكلفين بها يستوجب الإعفاء الفوري من العمل القيادي والإحالة للنيابة المختصة، وذلك حفاظا على ما تحقق من إنجازات في منع غير المصرح لهم بالخطابة من صعود المنبر.
في السياق ذاته، أكد المصدر، أن المسجد ليس كبيرا، وإنما زاوية بأحد العقارات السكنية، التي يقصدها سكان العقارات المجاورة.
من جهته، أكد الدكتور عادل عبد الله، عميد كلية الزراعة جامعة المنيا، أنه لا صلة بين جامعة المنيا ممثلة في كلية الزراعة والدكتور أحمد محمد محمود حسين، المتهم بقتل إمام مسجد الرحمة، مؤكدًا تقدمه باستقالته منذ أكثر من عام بعد إنذاره بسبب الغياب المتكرر.
وأوضح عبدالله، في تصريحات صحفية، أن المتهم عين معيدا منذ 9 سنوات، وأصبح مدرسا بالكلية ولم يحصل على درجة أستاذ.
وتواصل النيابة العامة تحقيقات موسعة على قدم وساق، لكشف ملابسات الحادث والوقوف على دوافع ارتكاب الجريمة، والتحقق من المرض النفسي للمتهم من عدمه.