خالد الزعتر لـ"الفجر": ثورة 30 يونيو كانت صفعة لقطر.. و"أردوغان" يسعى لإحياء الخلافة العثمانية (حوار)
هناك انشقاقات عديدة داخل الأسرة القطرية الحاكمة
ثورة 30 يونيو كانت صفعة لطموحات حمد بن خليفه السياسية
هروب تميم من القمة العربية به رسالة واضحة لتركيا وإيران
لا بد من فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على الدوحة
هذا هو سر توقيت قرار ترامب بشأن هضبة الجولان
أكد المحلل السياسي السعودي خالد الزعتر، اليوم، أن الحل الأمثل لأزمة قطر هو تنفيذ مطالب الرباعي العربي الـ 13.
وأضاف خلال حواره لـ"الفجر"، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم تنظيم داعش الإرهابي، عقب سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، موضحًا أن نظام "الملالي" في طهران ليس لديه حلول للأزمات الحالية التي تُواجه إيران.
◄ برأيك ما هو الحل الأمثل لأزمة قطر؟
الحل للأزمة القطرية هو تنفيذ النظام القطري للمطالب الـ13 التي قدمتها دول المقاطعة الرباعية، الحل الدبلوماسية مثل توقيع التعهدات كما حدث في العام 2014 لا تجدي نفعا مع النظام القطري الذي لا يحترم المعاهدات والاتفاقيات ويسعى للانقلاب عليها كما حدث مع اتفاقية الرياض 2014، ولذلك الحل الوحيد للأزمة القطرية يكون عبر الحل السياسي الجذري وهو ما نجدها في المطالب الـ13 التي تأتي لإحداث تغيير جذري في سلوك النظام القطري ووقف دعمه للإرهاب والفوضى ووقف العبث بأمن واستقرار المنطقة.
◄ هل اقترب سقوط تنظيم الحمدين.. ولماذا ؟
هناك حالة غضب وانشقاقات عديدة داخل الأسرة الحاكمة في الدوحة من السياسيات التي ينتهجها النظام الحاكم ، ومعارضة داخل الأسرة للسياسات القطرية التي أدت إلى عزل الدوحة عن محيطها الخليجي والعربي، وممارسات النظام في الارتهان للتبعية القطرية والتركية وتسخير ثروات الشعب القطري لخدمة ومعالجة الاقتصاد التركي والإيراني حتى أصبحت الدوحة كما قال أحد أفراد الأسرة عبدالله أل ثاني لقناة العربية أن الدوحة مديونة بأكثر من 700 مليار ريال قطري ، ولذلك ففي تقديري أن هذه المعارضة الواسعة وكسر حاجز الصمت داخل الأسرة الحاكمة واستمرارية السياسات القطرية التي تسعى لاستنزاف ثروات الشعب القطري سوف تلقي بظلالها على الشارع القطري وسوف تسعى إلى كسر حاجز الصمت الشعبي.
◄ لماذا يتمسك النظام القطري بدعم جماعة الإخوان وقيادتها ؟
يرجع تاريخ الإخوان في قطر إلى الخمسينات والستينات والتي تشكلت نتيجة هجرة كثير من أعضائها لدول الخليج، تغلغل الإخوان في القطاع التعليمي في قطر، ووصلوا إلى مناصب رفيعة في النظام القطري، ووجد حمد بن خليفه في الإخوان الفرصة نحو تحقيق ما كان يبحث عنه من صناعة زعامة إقليمية وأصبح الإخوان أحد أذرعة حمد بن خليفه لتحقيق طموحاته السياسية.
وتحول الإخوان في العقلية السياسية القطرية من تنظيم إلى مشروع استثماري سياسي، ولذلك في ظل حالة الذوبان لجماعة الاخوان في المشروع القطري وذراع رئيسي لطموحات حمد بن خليفه لم يعد هناك حاجة لوجود تنظيم للإخوان في قطر وهو ما يفسر حل هذا التنظيم في العام 1999 بعد أن أصبح الإخوان جزء من الدول القطرية، ولذلك كان التفكير لدى العقلية السياسية لحمد بن خليفه هو أن تسعى الدوحة لدعم الجماعة الإخوانية ماليا وإعلاميا لإيصالهم للسلطة كما حدث في مرحلة الربيع العربي، في مقابل الإستيلاء على القرار السياسي للدول التي يحكمها الإخوان وتوظيف لمصلحة قطر وهو ما يحقق للدوحة قوة سياسية إقليمية ، وهو ما يفسر حالة الغضب لدى الدوحة من سقوط الاخوان وكانت ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم الاخوان في مصر صفعة لطموحات حمد بن خليفه السياسية.
◄ لماذا تريد قطر هدم استقرار جيرانها العرب؟
هناك عقدتان تحكمان حمد بن خليفه "عقدة المساحة والبحث عن الزعامة" وهما يحكمان طموحاته السياسية ويشكلان ركيزة أسياسية في السياسية القطرية ، ولذلك فقد جاء "مشروع الفوضى الخلاقة" الذي وفرت له الدوحة الدعم المالي والإعلامي متطابقا تماما مع العقلية السياسية لحمد بن خليفه، هذه العقلية التي تسعى لتدمير كل شيء من أجل أن تصل إلى طموحها السياسية وأن ترضي بالتالي عقدتها النفسية.
◄ هل يتطور الأمر إلى لتشكيل تحالف عربي لضرب إيران؟
يعيش النظام الإيراني أزمة اقتصادية متصاعدة ولذلك يجب العمل على توظيف حالة الغليان المتصاعدة في الشارع الإيراني لإسقاط النظام الإيراني، فلو عدنا بالذاكرة إلى الخلف نجد أنه في العام 2009 تم حرق صور المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وصور آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية أثناء مظاهرات ما عرفت بالخضراء وهي تعكس بالتالي أن الشعارات التي يرددها نظام الملالي لم تعد ذات قيمة وأيضًا الغضب الشعبي لا يقف عند حدود سياسات الحكومة، بل يتخطاه لغضب شعبي تجاه ما سميت بالثورة الإسلامية عبر حرق صورة قائدها الخميني، لكن للأسف تعاملت معها الإدارة الأمريكية في عهد أوباما بالتجاهل لكن اليوم نجد أن استراتيجية ترامب تجاه إيران تشهد الكثير من المتغيرات هناك انتقال من سياسة الاحتواء إلى سياسة المواجهة.
◄ ما هو التصرف السليم حيال أفعال محور الشر (قطر وإيران وتركيا) ؟
التصرف السليم مع محور الشر ( إيران وتركيا بجانب قطر التي تعيشان أزمات اقتصادية متصاعدة) يكون عبر المقاطعة السياسية والاقتصادية، لكن للأسف الإدارة الأمريكية في مساعيها لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران تجاهلت الدور القطري الداعم للإيرانيين، لذلك فإن نجاح العقوبات الاقتصادية في إسقاط النظام الإيراني يجب أن لا تقتصر على إيران وحدها بل يجب أن تطال العقوبات الاقتصادية الدوحة التي تسعى لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات وكان أخرها ما نشرته قناة العربية قبل أيام من أن الحرس الثوري الإيراني يتجه بمساعدة قطرية نحو حقول الغاز وذلك للتعويض عن حظر صادرات النفط وانسحاب الشركات الغربية ما بعد عودة العقوبات الأمريكية.
◄ما تعليقك على هروب تميم بن حمد من القمة العربية؟
المغادرة المفاجئة لأمير قطر القمة العربية المنعقدة في تونس قبل إلقاء كلمته، هي خطوة يمكن النظر لها بأنها تعكس حجم الإحساس القطري بالعزلة التي تعيشها الدوحة عن محيطها العربي، وأيضًا في ظل التوافق العربي على إدانة ورفض التدخلات التركية والايرانية في المنطقة، نجد أن مغادرة أمير قطر للقمة العربية ، رسالة أرادت الدوحة التأكيد من خلالها لكل من تركيا و إيران بأن الدوحة لا تتوافق مع الإجماع العربي، وأن الدوحة ملتزمة بدعم السياسات الإيرانية والتركية.
◄ بعد مواقفه المثيرة للجدل.. هل يسعى أردوغان لإحياء حلم الخلافة العثمانية من جديد ؟
نعم يسعى أردوغان لإعادة إحياء الخلافة العثمانية من جديد ، منذ سقوط الخلافة العثمانية كان التوجه التركي نحو الدول الغربية ومحاولات الإنضمام للاتحاد الأوروبي، لكن بعد مشوار طويل بات واضحًا أن الإنضمام التركي للاتحاد الأوروبي أمر في غاية الصعوبة، ما بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة أصبح توجه تركيا الاستدارة نحو الشرق الأوسط.
ولا بد من الإشارة إلى ما نشرته " صحيفة يني شفق التركية " العام 2004 عن الاجتماع الذي حدث في البيت الأبيض (حيث عرض بوش على أردوغان أن تلعب تركيا دور محوري في مشروع الشرق الأوسط الجديد وأن تروج لنموذجها الديمقراطي واعتدالها الديني) فقد وجد أردوغان في مشروع الفوضى الخلاقة أو مشروع الشرق الأوسط الكبير الطريق نحو إعادة الخلافة العثمانية عبر السيطرة السياسية على الدول التي يحكمها الإخوان المسلمين، والتي جعلت منهم تركيا أحد أدوات قوتها الناعمة، كما صرح بذلك ياسين أقطاي مستشار أردوغان، وهو ما يفسر بالتالي حالة الغضب لدى أردوغان تجاه سقوط الاخوان في مصر وانتهاء مستقبلهم في العودة إلى الحكم وكذلك تضاءلت فرص وصول الإخوان إلى السلطة في سوريا
بعد أن سقط حكم الإخوان في مصر أدرك أردوغان أنه لم يعد الاعتماد على الإخوان، ولذلك بعد أن فشل في السيطرة السياسية على الدول والتي كان يمكن ذلك عبر وصول الجماعة الإخوانية للحكم، ذهب إلى توظيف تنظيم داعش أداة لتحقيق أطماعه العثمانية وتحقيق السيطرة الجغرافية كما يحدث في الشمال السوري والتي سعت تركيا لترسيخ احتلالها في الشمال السوري من السيطرة على الأرض لتمتد الهيمنة التركية لتشمل الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات العامة التي باتت تعج باللغة التركية.
◄ ما هي العلاقة بين تركيا وتنظيم داعش؟
ساهمت تركيا في تنامي تنظيم داعش فوفق مجلة فورين بوليسي أن المقاتلين الأجانب من جميع أنحاء العالم والذين شكلوا العمود الفقري والقوة الضاربة لتنظيم داعش سافروا أولا إلى تركيا وأنه في العام 2013 ، اجتاز نحو 30 ألف مقاتل الأراضي التركية، حيث أنشأت تركيا ما يسمى بالطريق السريع للجهاد وسهلت نقل العتاد والمعدات لتنظيم داعش، كما ساهمت تركيا في دعم تنظيم داعش ماديًا عبر شراء النفط من تنظيم داعش، وكذلك معالجة جرحى التنظيم في المستشفيات التركية.
◄ ما وراء دعم تركيا لتنظيم داعش؟
في دعم تركيا لتنظيم داعش كان اردوغان يرمي لتحقيق هدفين توظيف الإرهاب لخدمة أطماعه في إعادة الخلافة العثمانية وذلك عبر تدمير الاستقرار في المنطقة ما يمهد للسيطرة التركية كما حدث في الشمال السوري، ومن جهة تحريك المياه الراكدة في ملف انضمام انقرة للاتحاد الأوروبي وذلك عبر تقديم نفسه للدول الأوروبية بأن تركيا تعتبر قوة مساهمة في تحقيق للأمن والاستقرار الأوروبي وتعتبر بمثابة السد المنيع لمنع تدفق الإرهاب نحو الدول الأوروبية.
◄ حدثنا عن الصراعات داخل أروقة النظام الحاكم في إيران؟
منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وإيران تعيش تصاعدا في صراع الأجنحة بين الحرس الثوري وبين روحاني وحكومته، وبدا واضحًا أن هناك محاولات من قبل قاسم سليماني على إدارة دفة الخارجية الإيرانية ومحاولة تصدر المشهد السياسي، وهذا ما كان واضحاً خلال غياب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف وحضور قاسم سليماني أثناء زيارة الرئيس السوري إلى طهران، وكذلك ظهرت حالة الانقسام بين المرشد الإيراني وحكومة الرئيس روحاني فيما يخص السياسة الخارجية، وبينما يعول الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته على الاتحاد الأوروبي لتخفيف الضغط الأمريكي نجد أن المرشد الإيراني يدلي بتصريحات مغايرة تحث على عدم الثقة في الأوروبيين، ولا يمكن النظر لما قام به المرشد الايراني من تقليد قاسم سليماني "أرفع وسام عسكري" في ظال حالة الصراع المتصاعد للأجنحة في إيران إلا أنه يعتبر دعم من قبل المرشد الايراني لقاسم سليماني.
تراجع ظريف عن الاستقالة لا تغير من الواقع شيئاً، ولا تفند الحقيقة التي تؤكد أن هناك تصاعد في الصراع داخل أروقة النظام الحاكم، ولذلك ففي تقديري أن تراجع ظريف عن الاستقالة جاءت نتيجة ضغط من الرئيس روحاني الذي يدرك أن استقالة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف الذي يعد مهندس الاتفاق النووي وفي ظل الخسائر التي تجنيها إيران وفشلها الدبلوماسي في الحفاظ على الاتفاق وضبابية الموقف الأوروبي تجاهها سوف تفتح الباب أمام تكثيف الضغوط على روحاني والإطاحة به بخاصة وأن استقالة جواد ظريف سبقها حراك من قبل بعض النواب لتوقيع عريضة لعزل الرئيس روحاني.
◄ هل النظام الإيراني آيل للسقوط بعد الأزمات الأخيرة التي يتعرض لها؟
إيران تعيش حالة عدم استقرار داخل أروقة النظام الحاكم الذي يشهد تصاعد في صراع الاجنحة ، وكذلك تعيش تحت ضغط الشارع الإيراني الذي يشهد احتجاجات متواصلة بسبب التدهور الاقتصادي وغلاء المعيشة وتردي الخدمات، النظام الإيراني بات واضحًا أنه لا يمتلك حلولا لمعالجة الأزمة وهو بالتالي ما أدى إلى أن يخرج النظام الايراني بتصريحات تؤكد الضرر الذي لحق بإيران جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وبخاصة من قبل الرئيس روحاني الذي اعترف أن الحرب الاقتصادية أقوى من الحرب العسكرية، أن بلاده تواجه أصعب وضع اقتصادي منذ 40 عاماً، وهو بالتالي ما يعني سقوط لخطاب المكابرة الايراني الذي تضمن شعارات عديدة (بأن إيران لن تتأثر وأنها سوف تصمد) وهي التي كانت موجهة للاستهلاك الإعلامي وبمثابة "مسكنات " للشعب الإيراني، ما سوف يرفع من وتيرة الاحتجاجات في الشارع الايراني الذي أرسلت هذه التصريحات رسائل واضحة أن الحكومة الايرانية ليس لديها حلول لمعالجة لوضع الاقتصادي.
◄ ما تحليلك لقرارات ترامب الغير عقلانية بشأن القدس والجولان، وما وراء ذلك ؟
ما بعد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يواصل الرئيس ترامب قراراته التخبطية ومواصلة ضرب القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن عرض الحائط، بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة، والذي يمكن النظر لهذا القرار الأخير في توقيته أنه يأتي لكي يصب في صالح نتنياهو الذي يحاول البحث عن انتصار سياسي بخاصة مع اقتراب الانتخابات التي تشهد منافسة قوية، وكذلك ملفات الفساد التي تلاحق نتنياهو، وهو ما أدى بأحزاب إسرائيلية لأن تنظر لهذا القرار تدخل من قبل الرئيس دونالد ترامب لصالح بنيامين نتنياهو.
من جهة أخرى قبل أن يكون هذا القرار يصب في صالح بنيامين نتنياهو هو يأتي ليصب في صالح الرئيس دونالد ترامب فهو يأتي لحشد الدعم والتأييد من قبل المنظمات الصهيونية الفاعلة في الداخل الأمريكي لصالح ترامب الذي اقتربت نهاية ولايته الثانية، وأيضًا في ظل حالة الصراع التي يعيشها ترامب مع الديمقراطيين، وكذلك إنعاش شعبيته، فقد أكدت خبيرة استطلاعات الرأي كارلين باومان بحسب وكالة بلومبرج الأمريكية أن شعبية الرئيس ترامب تراجعت بشدة، كان من بين أولويات ترامب في الانتخابات الرئاسية هو استعادة مكانة الولايات المتحدة الأمريكية التي انحسرت في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، لكن هذا التخبط الحاصل في قرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة، هو لا يخدم استعادة امريكا مكانتها بل يؤدي إلى زيادة الانحسار فهذه القرارات من قبل ترامب وجدت رفضاً عربيا وإقليميًا ودوليًا وبخاصة من أقرب حلفاء واشنطن وهي بريطانيا ولذلك فهذه القرارات التخبطية التي تضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط هي لا تساهم إلا في زيادة تراجع مكانة الولايات المتحدة.