'المشهد' تتقدم بأول طعن قضائي ضد 'جزاءات الأعلى للإعلام': غير دستورية
أقام طارق نجيدة وحامد جبر المحاميان، اليوم الأحد، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، بصفتهما وكيلين عن الكاتب الصحفي مجدي شندي، رئيس تحرير جريدة المشهد، طالبوا فيها بوقف تنفيذ وإلغاء قرار المجلس الأعلى للإعلام رقم 16 لسنة 2019 بشأن لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز تطبيقها على الجهات الخاضعة لقانون تنظيم الصحافة والإعلام؛ لتكون بذلك هي الدعوى الأولى التي تطلب بوقف وإلغاء تلك اللائحة منذ صدورها في 18 مارس الجاري.
وأكدت الدعوى نصوص الدستور الحصينة في شأن هذه الحريات لم تكن منحة أو منة ولكنها جاءت تتويجا لكفاح عتيد ضد مصادرة أو تقييد أو رقابة الصحافة أو الإعلام بكل صوره ومن بينها البث الفضائي للقنوات أو البرامج أو المواقع الالكترونية، فوضع الدستور نصوصا لطالما رددها الصحفيون المصريون في كفاحهم ضد تغول سلطات الدولة علي حرية الصحافة والصحفيين، وليس أبلغ مثال لهذا العدوان إلا ما حدث في العقد التسعين من القرن الماضي، وقد امتدت ثمرة هذا الكفاح لتحمى حرية الصحافة والإعلام بكل صورها، ولا زال أغلب أبطال هذا الكفاح من الأحياء الشهود، والذين لقنوا من أرادوا لهذه الحريات ان تتقوض وتنحسر في ذلك العصر، لقنوهم دروسا من الوطنية والتحرر والدفاع عن حريات الرأي والتعبير والاعتقاد والتي تعتبر الصحافة ووسائل الإعلام أبرز حصونها بل تكاد تكون الحصن الذي لابد وان يلتف حوله كل أبناء الوطن دفاعا ضد محاولات إسقاطه أو النيل من مكانته.
وذكرت الدعوى التي حملت رقم 39418 لسنة 73 قضائية، أن العاملين بمهن الإعلام والصحافة بجميع روافدها وصورها المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، بل وغيرهم ممن لديهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يزيد متابعيها على الخمسة آلاف متابع، فوجئوا بصدور تلك اللائحة التي اتسمت بانتهاك للدستور والقانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام، وبالمخالفة لهما على النحو الذي يصيب كل الجزاءات التي وردت بها بعدم الدستورية، حيث أنها اغتصبت سلطة التشريع وتعدت على اختصاصات القضاء في توقيع العقوبات.
وعددت الدعوى أسباب مخالفة اللائحة المطعون فيها لقانون تنظيم الصحافة الإعلام، والتي نصت المادة 3 فقرة أولى منه على أنه "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية ويحظر مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها"، في حين جاءت تلك اللائحة تقرر توقيع جزاءات ومنع نشر أو بث المواد الصحفية أو المادة الإعلامية أو الإعلانية أو حجب المواقع الإلكترونية للصحف أو الصفحات الشخصية التي يزيد متابعها عن خمسة آلاف شخص، وذلك بالمخالفة للقانون على اعتبار أن منع نشر المادة الصحفية وحجب المواقع الإلكترونية ما هي إلا صورة من صور المصادرة ووقف وإغلاق الصحف ووسائل الإعلام المحظور الاقتراب منها دستورياً وقانونياً.
كما أوردت الدعوى سببين آخرين لمخالفة اللائحة للقانون تمثلا في أنها تضمنت تجاوزاً لسلطات وصلاحيات المجلس الأعلى للإعلام وتجرؤاً على سلطة التشريع في شأن النص على جزاءات لم يقررها القانون في باب العقوبات، كما أن ما قررته من جزاءات هي في حقيقتها عقوبات جنائية لا يجوز تشريعها إلا بقانون، ولا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائي، ولا يجوز للمحاكم تناولها إلا بإحالتها ممن يملك ذلك وهي النيابة العامة دون سواها.
وأوضحت الدعوى أن اللائحة خالفت المبدأ الدستوري الخاص بألا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، فأجازت للمجلس الأعلى للإعلام بتوقيع عقوبة الغرامة المالية والمسماة بـ« الإلزام بإداء مبلغ مالي»، على الرغم من ان ذلك المجلس ليس من الجهات القضائية المخول لها إصدار احكام قضائية بتوقيع عقوبات.
وأكدت الدعوى على أن الدستور المصري حرص على أن يضع حزمة من الضمانات لحماية حرية التعبير وإبداء الرأي مقرراً أنها من القواعد الراسخة للدولة المدنية وأساساً من أسس وجود الدولة، وفي سبيل ذلك وضع النصوص الكفيلة بحماية حرية الصحافة والطباعة والنشر على نحو ما أورده بالمادتين 70 و71 منه؛ نظراً لخطورة المساس بهذه الحرية على المجتمع ذاته، غير أن تلك اللائحة أجازت حجب الصحف والمواقع الإلكترونية ووقف بث القنوات والبرامج الفضائية بالمخالفة لما نص عليه الدستور.