د. محمود فوزي يكتب: أنين ستاد بورسعيد ..إلى متى؟!

ركن القراء

د. محمود فوزي
د. محمود فوزي


كتبت مقالًا في ديسمبر 2016 ؛ بعنوان " ألم يأن الوقت لتدارك أزمة ستاد بورسعيد" انتقدت فيه بشدة مسلسل القطيعة المستمر لستاد بورسعيد المتوقف عن استضافة أي نشاط رياضي؛ منذ  وقوع ما يعرف بـ "مذبحة ستاد بورسعيد" في فبراير 2012، والتي راح ضحيتها 72 مشجعًا عقب مبارة كرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري، وذلك على الرغم من الأحكام القضائية الصادرة على الجناة منذ عام 2015.

وتفاءلت خيرًا باستضافة ستاد بورسعيد لمباريات النادي المصري في مشاركاته القارية- العامين الماضي والحالي-  ببطولة الكونفيدرالية الأفريقية، واحتضانه لنحو أكثر من 30 ألف مشجعًا في بعض مباريات المصري ؛ التي وصل فيها الفريق للدور نصف النهائي ببطولة العام الماضي؛ دون وقوع أية مخالفات جماهيرية. 

لكنني فوجئت بقرار اللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2019 ؛ باستبعاد ستاد بورسعيد الذي كان مرشحًا لاستضافة مباريات البطولة؛ نتيجة وجود توصية من لجنة هندسية بضرورة استبعاده لوجود شرخ ضخم في المدرج البحري؛ يحتاج وقتًا طويلًا لإصلاحه؛ ليثير قرار الاستبعاد  عدة تساؤلات شديدة الإلحاح؛ أولها: لماذا لم تفطن اللجنة المنظمة لهذا الشرخ منذ الإعلان عن فوز مصر بشرف تنظيم المونديال الأفريقي في 8 يناير الماضي؟ أي منذ أكثر من شهرين من قرار استبعاد الملعب الصادر في منتصف مارس الجاري.

أما التساؤل الثاني فهو لماذا لم يفطن المسئولون لهذا الشرخ الموجود بستاد بورسعيد خلال مباريات المصري الأخيرة ببطولة الكونفيدرالية منذ بضع شهور، والتي استضاف فيها  الملعب لنحو أكثر من 30 ألف متفرج ؟ وماذا سيكون الوضع إن كان هذا الشرخ قد تسبب في كارثة جماهيرية أخري تقف بجوار قرينتها التي وقعت في ذات الملعب في فبراير 2015؟.

ألم يكن لدي مصر فرصًة سانحًة لتدارك أزمة ستاد بورسعيد؟؛ بأن يكون في مقدمة الملاعب الستة المجهّزة لاستضافة فعاليات المونديال الأفريقي؛ علمًا بأنه كان ضمن الملاعب الأربعة التي استضافت ذات الكرنفال الأفريقي في عام 2006 ،كما كان أحد الملاعب الستة التي استضافت منافسات بطولة العالم للشباب دون الـ20 عامًا التي احتضنتها مصر في عام 2009 .

ويبقي الآن التساؤل الأهم الذي مازلت لا أجد إجابة عليه طيلة سبع سنوات؛ وهو متى سيعود ملعب بورسعيد لاستضافة الأنشطة الرياضية؟، ولماذا لم يتبنَ الإعلام المصري ومسئولو الرياضة أية مبادرات اجتماعية وإعلامية لوقف هذه الاحتقان الذي يمس مواطني وأرض مدينة مصرية باسلة؟؛ ألا يدرك المسئولون أن الصورة الذهنية السلبية ستظل هي السائدة محليًا وعالميًا عن مدينة بورسعيد؛  طالما اقترن اسمها بلفظ "المذبحة".

نحن بحاجة إلي تخطيط حملة إعلامية متكاملة عبر الوسائل الاتصالية الحكومية والخاصة بشتي صورها ؛كي تعيد ترويج الصورة الذهنية للمدينة الباسلة؛ التي ينبغي أن يقترن اسمها عالميًا بالبطولات الرياضية والمبادرات الاجتماعية العالمية والفعاليات السياحية الدولية التي تستضيفها مصر؛ أسوةً بشرم الشيخ المقترن اسمها بمؤتمرات الشباب، والجونة المقترن اسمها بالمهرجانات الفنية والثقافية، ولنا في مدريد الأسبانية مثلًا أعلي؛ حيث ما زال اسمها مقترنًا بالسلام منذ مؤتمرها الدولي في 1991.

أتحدث عن حملة إعلامية ومجتمعية ضخمة؛ ترعاها وزارة الشباب والرياضة، وتدعمها هيئات المجتمع المدني، و يشارك فيها نخب مصر وصفوة أبنائها بكافة المجالات؛ تقدم موادًا إعلامية متعددة الوسائط الاتصالية، وأفلامًا تسجيلية وموادًا درامية عن مدينة بورسعيد وشعبها الباسل؛ حملة إعلامية متعددة اللغات،  ومتنوعة الاستمالات العقلية والعاطفية؛ حملة إعلامية تقوم ركائزها علي أن قيمنا الدينية وأعرافنا الاجتماعية تنبذ العنف والإرهاب،وتدعو إلي التسامح والتحلي بالأخلاق الرياضية.

يقول تعالي: بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ] (الرعد:11[
صدق الله العظيم.