في الذكرى الـ 43.. كيف أحيا الفلسطينيون يوم الأرض؟
يحتفل الفلسطينيين بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام، في الثلاثون من مارس من كل عام بذكرى يوم الأرض، معبرون عن تمسكهم بأرضهم وهويتهم الوطنية، بالرغم من مرور سنوات عدة، إلا أن الشعب الفلسطيني لايزال يعتبر هذا اليوم حدثًا مهمًا في تاريخ فلسطين، ويحرصون على الاحتفال به أينما كانوا.
تعود أحداث هذا اليوم لعام 1976 بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين في الداخل المحتل، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة واعتقال المئات.
البداية
عقب النكبة عام 1948، ترك عدد كثير من الفلسطنيون أراضيهم، وهو ما استغلته إسرائيل في عام 1950، حيث أصدرت آنذاك قانون العودة الذي يتيح لليهود بالهجرة إلى الأراضي الفلسطينية. كما أصدرت قانون أملاك الغائبين، الذي سمح لها بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تم طردهم، حيث صادرت أراضي"عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد"، وغيرها العديد من الأراضي، بالإضافة إلى أراضي عرب الداخل من المناطق الإسرائيلية، كما صادرت أراضي مناطق الجليل، عن طريق إصدارها لمشروعٍ باسم "تطوير الجليل"، الذي كان هدفه الأساسي تهويد هذه المنطقة.
شرارة الإضراب
وأسفرت هذه القرارات عن إضراب بعد المدن، والقرى الذي استحوذت إسرائيل عليها إلى إضرابا عاما، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بشكل عسكري دموي إذ اجتاحت قواته مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينية والبلدات العربية وأخذت بإطلاق النار عشوائياً، فسقط الشهيد "خير ياسين" من قرية عرابة، وبعد انتشار الخبر صبيحة اليوم التالي انطلقت الجماهير في تظاهرات عارمة فسقط خمسة شهداء آخرين، أبرزهم "خضر خلايلة، إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين.
ومنذ ذلك الوقت أصبح الفلسطينيون يحيون ذكرى هذا اليوم بالقيام بزراعة أشجار الزيتون في الأراضي التي جرفتها على يد اسرائيل، بالإضافة إلى إحياء نشاطات مختلفة مثل افتتاح معارض تتضمن منتجات تراثية فلسطينية وأشغال يدوية وتنظيم حملات دعم واستذكار على مواقع التواصل الاجتماعي و إقامة المهرجانات المختلفة في كل أماكن تواجدهم.
85% من أراضي فلسطين محتلة
ونشر جهاز الإحصاء الفلسطيني بمناسبة "يوم الأرض"، إحصائية تظهر مساحة الأراضي التي يستغلها الفلسطينيون والأراضي المصادرة. فتبين أن إسرائيل تستغل أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية، والبالغة حوالي 27,000 كم مربع، ولم يتبق للفلسطينيين سوى نحو 15% فقط من مساحة فلسطين التاريخية، وتبلغ نسبة الفلسطينيين حاليا حوالي 48% من إجمالي السكان في فلسطين التاريخية.
تبلغ مساحة الأراضي المصنفة على أنها عالية أو متوسطة القيمة الزراعية في الضفة الغربية حوالي 2,072 ألف دونم، وتشكل حوالي 37% من مساحة الضفة الغربية، لا يستغل الفلسطينيون منها سوى 931.5 ألف دونم وتشكل حوالي 17% من مساحة الضفة الغربية، وتعتبر الإجراءات الإسرائيلية أحد أهم أسباب عدم استغلال الأراضي الزراعية في الضفة الغربية.
بينما بلغ عدد المواقع والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية عام 2017 في الضفة الغربية 435 موقعا، منها 150 مستوطنة و116 مركزا، وشهد العام 2018 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية حيث صادقت إسرائيل على بناء حوالي 9384 مستوطنة جديدة، بالإضافة الى إقامة 9 مراكز جديدة. وقامت إسرائيل خلال العام 2018 بهدم وتدمير 471 مبنى، منها حوالي 46% في محافظة القدس بواقع 215 عملية هدم، وتوزعت المباني المهدومة بواقع 157 مبنى سكنيا و314 منشأة.
تظاهرات وفعاليات
ودعت لجنة المتابعة العليا الجماهير العربية، إلى مشاركة وأسعه في مختلف نشاطات إحياء الذكرى، "لمواجهة سياسة التمييز العنصري، سياسة الحرب والاحتلال، وخاصة في هذه الأيام التي يشتد فيها العدوان على قطاع غزة".
وقالت اللجنة إنه سيتم تنظيم عدة فعاليات في مدن قلنسوة وجديدة المكر والروحة والطيبة وراهط حي العتايقة وكفر كنا وسخنين، والبطوف والنقب العراقيب. كما حث خالد البطش، القيادي في "الجهاد الإسلامي" ورئيس "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار"، على أهمية أن "يكون يوم الأرض سلميا، ليوصل للعالم رسالة مفادها أننا نقف صفا واحدا ضد صفقة القرن وللتأكيد على كسر الحصار"، مشيرًا إلى أن "المسيرات مستمرة وربما ستستمر لسنة حتى تحقق أهدافها بكسر الحصار كاملا".
"متجذرون بأرضنا كنخيلها وزيتونها"
كما أطلق رواد التواصل الاجتماعي، وسوم تحت عنوان "يوم الأرض"، تصدر قائمة الترند العربية، وتفاعل فيه العديد، مؤكدين أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأنهم سيظلون في أرضهم كأشجار الزيتون "نحن تراب الأرض واصل جذورها.. باقون هنا"، قالها حسين الحاج.
"سنعود ولن نخلِفَ الميعاد.. في يوم الأرض نجدّد العهد للقدس والأقصى أن نفديَه بكلّ غالٍ ونفيس".. بهذه العبارة أكد يوسف شرف، أنهم لن يتخلوا عن شبر في فلسطين مهما طال ظلم الاحتلال. وأشار حسين جمال، إلى أن فلسطين أكبر من جدران المحُتل "متجذرون بأرضنا كنخيلها وزيتونها".