أحمد إبراهيم يكتب: فلسفة الأرض المحروقة

ركن القراء

بوابة الفجر


سياسة الأرض المحروقة: هي استراتيجية عسكرية أو طريقة عمليات يتم فيها «إحراق» أي شيء قد يستفيد منه العدو عند التقدم أو التراجع في منطقة ما.

المعنى من هذه الطريقة هي حرمان المنافس من أي فرصة لاستخدام أي شيء تتركه أو تخسره في الصراع !

بمعنى آخر "أنا ومن بعدي الطوفان".

لكن لحظة !

نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن حرب نظامية أو معركة عسكرية، أنها مبارا كرة قدم!
حتى وإن كان الديربي الأقوى والأعرق في المنطقة بل والقارة كلها، أنها القمة ال 117 بين الفريقين , الناديان اللذان يحملا تاريخ الكرة المصرية بأساطيرهم وبطولاتهم لعبا من قبل عشرات المباريات الحاسمة، وسيلعبان المزيد وسيتنافسان طالما كانت هناك كرة في مصر .
إذا ما المشكلة ؟
وما هذه الأجواء ؟ 
ما كلُ هذا الشحن؟
يعيش الشارع المصري حالة غير مسوقة من الاستقطاب على مدار تاريخه الرياضي,
اتهامات من كلا المعسكرين وتشكيك في النوايا وسب صريح في أحيانٍ أخرى وتوعد على مرأى من الجميع على شاشات الأعلام وصفحاته .
هذا هو بيت القصيد لكن القلق لا ينبع من هنا ...
فقد اعتدنا في مصر أن صراعات النخب ليست المقياس لحالة الشارع المصري ,
لكن الآن الاحتقان وصل لذروته ,الجماهير اصبحت سلاحاً يلجأ اليه الجميع كتهديدٍ للطرف الآخر ,
هذا الاستقواء ليس مقبولاً على أي حال ,
مصر التي تعاني على أصعدة عدة مقبلة على تنظيم كأس الأمم الإفريقية وتعول عليها الكثير في تحسين الأوضاع .
هل نريد أن نظهر أمام العالم بفضيحة تاريخية؟
هل سننتظر كارثة أخرى بين الجماهير؟
ألم نتعلم الدرس من مذبحة بورسعيد ومذبحة الدفاع الجوي؟
هل شُفيت قلوبنا من جراح الأمس القريب؟
لن أسرد تصريحات لأحد ولن ألقي باللوم على مسئول بعينه ولن أعدد أسباب الوصول لهذا الحال فهذا لن يجدي نفعاً ,
على الجميع أن يقدم التنازلات فالكل مخطئ .
أنا هنا لا أدعو لعدم التشجيع ولا لأن يبتعد أحد عن فريقه فأنا نفسي أشجع أحد الناديين وأنتظر المباراة بفارغ الصبر وأرجو أن يفوز فريقي ويقترب من تحقيق البطولة وبالتأكيد لن أنام ليلة المباراة إذا خسر فلن يزورني النوم كمداً وحسرة على تفويت فرصة الحسم وأيضاًإن فزنا من شدة سعادتي لن يزوروني النوم هذه الليلة حتى ساعات الصباح, وربما سأرسل بعض الرسائل لأصدقائي أداعبهم بعد هزيمتهم وهم أيضاُ سيكيلون لي الصاع بأضعافه إن كنت الخاسر.
جماهير الأهلي والزمالك اللذان يقوما بإحياء ذكرى شهداء الناديين في كل مباراة !
إلى أين يُراد أن يصل بهم الحال؟
ماذا يريد اتحاد الكرة الذي يقف منبطحاً أمام الجميع وينتظر أن تهدأ الأمور من تلقاء نفسها؟
احد أقوى مباريات الديربي في العالم تقام بحضور 15 مشجع لكل فريق! 
تلك حصائد ما زرعته أيديكم ,إن مقهى صغير في حارة لا يزورها أحد سيحوي عدداً أكبر!
لا يمكن أن تكون تلك بروفة لتنظيم بطولة الأمم ولا يمكن أن تنجح البطولة في هذه الأجواء, سننهي الاستادات والإنشاءات وأرضية الملاعب قبل موعدها وعلى أحسن وجه وأثق أن التنظيم سيكون مثالياً لكن هل ستكون المدرجات فارغة ؟
هل سنصنع احتفالية بلا محتفلين؟
أم سنرسم لوحة إبداعية في استضافة البطولة ونوجه رسالة للعالم؟
بالنسبة لي وللمصريين كل شيء سيكون  مقبولاً إلا الدماءنريد مشاهدة مباراة ممتعة بين فريقين في أتم الجاهزية الفنية الآن.
نريد منافسة شريفة في المستطيل الأخضر لا أن تسيل فوق عشبه الدماء ... !