72 عامًا في خدمة التراث العربي المشترك.. معهد المخطوطات العربية في معرض مكتبة الإسكندرية: نريد استثمار التراث
يشارك معهد المخطوطات العربية المتخصص في خدمة التراث العربي المخطوط كضيف شرف أساسي داخل معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب بإقامة جناح خاص داخل خيمة معرض المكتبة، وذلك بمناسبة 72 سنة على إنشائه.
وقد حرص الجناح منذ افتتاح المعرض بتقديم تخفيضات 25% من قيمة الكتب، كما استعرض للزوار لوحات لمخطوطات تراثية في أدب الكتابة، الطب، الصيدلة، طلب العلم والاستماع.
التعريف
معهد المخطوطات العربية يعد الجهاز العربي القومي المتخصص في خدمة التراث المخطوط منذ إنشائه في عام 1946 في إطار جامعة الدول العربية، ثم ألحق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم"ألسكو" في مطلع السبعينات من القرن الماضي، وقد أسس مناهج العمل التراثي ورسخها نظريًا وعلميًا، كما قام بجمع المخطوطات، إتاحتها، وصيانتها وترميمها وفهرستها وتحقيقها ودرسها ونشرها، وذلك وفق حديث الدكتور فيصل الحفيان رئيس معهد المخطوطات العربية في ندوة عن التراث العربي المخطوط.
وقال إن المعهد أنشئ بإيعاز من طه حسين، وتوالى عليه علماء كبار، أهمهم الدكتور صلاح الدين المنجد، المعروف بـ "سندباد المخطوطات"، والذي يعد علامة فارقة في تاريخ المعهد، لأنه من وضع الأسس العملية لعمل المعهد، وخطة مجلته، وسيَّر البعثات، وأسس لما يمكن تسميته العمل التراثي العربي المشترك، وقد بدأ عمل المعهد بدار الكتب في مصر، ثم باق التراث العربي في الدول العربية.
أهميته
ولفت إلى أن أن الفارق بين معهد المخطوطات العربية وباق معاهد التراث القومية في أي دولة، هو النظرة الشمولية لأي نص تراثي بغض النظر عن موضعه، فهو لا يخدم تراث بعينه، إنما يخدم جميع أنواع التراث حتى الذي في خارج الدول العربية.
كما أنه هناك ثلاثة أنواع من التراث؛ وهي: المادي، واللامادي، والوثائقي، وأن الأخير هو أكثرهم ضعفًا وهشاشة وقابلية للضياع، نتيجة الكثير من العوامل منها الجو، والإهمال، والحروب، وحتى النُسَّاخ الذين قد يغيروا النصوص ويشوهونها.
أولوياته
وتحدث أن تغيير نظرة الناس للتراث تعد من أولويات عمل المركز، فيجب الفصل بين التاريخ والتراث، حيث أن التاريخ قد يموت لكن التراث حيٌ وباق، وهو وقود جديد نستعيده للانتقال للمستقبل.
وأضاف أن الحدود بين الأزمنة هي حدود وهمية، والحاضر هو الحقيقة الوحيدة، ولذا علينا الانتقال من مرحلة نشر النص إلى استبطانه واستثماره وتوظيفه في المستقبل، خاصة أن الأجيال الجديدة سرقت أعينها مواقع التواصل الاجتماعي، وقد انشغلوا عن التراث والقيم، وقد أصبح التراث بالنسبة لهم مخيف على الرغم من الباحثين في الصين والدول الأوربية يبحثون في نقاط صغيرة، ونحن ما زالنا منهمكين في القضايا العامة، ونحن في الدول العربية لدينا عقدة الخواجة وهي عقدة الغالب على المغلوب، على الرغم من ثراء التراث.
كما أكد على ضرورة إحداث صحوة من الدول العربية عن التراث، حتى يكون التراث حي ونستطيع أن نوظفه، وأن يثمر عمل الباحثين عن نظريات جديدة في التراث، مثلما يخرج الغرب يوميًا بنظريات جديدة في جميع العلوم، ويجب النظر إلى التراث باعتباره نص واحد، دون التمييز أو تجزئة المعرفة بين أنه تراث تاريخي أو فقهي.
وأضاف أن المعهد استحدث في مطالع القرن الحالي برنامجًا أكاديميًا للدرس التراثي جعلت من المخطوطات حقلًا معرفيًا مستقلًا، تمنح فيه درجات الماجستير والدكتوراه في فرعين رئيسين وهما، تحقيق النصوص "الفيلولوجيا"، علم المخطوط"الكوديكولوجيا"، كما استحدث دبلوم علوم المخطط.
ولفت إلى أن المعهد ارتبط بعلاقات قوية مع مراكز البحث التراثي العربية والعالمية، كما أنه له شراكاته مع دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة، مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، المكتبة المركزية في جامعة القاهرة، جمعية المكنز الإسلامي، مركز التوثيق الحضاري، بالإضافة إلى باق الشراكات مع الدول العربية.
النشر الرقمي
وتحدث الحفيان عن أحدث مشروعات المعهد وهو النشر الرقمي، والذي جاء بهدف مساعدة الشباب على نشر العلم والاطلاع عليه من دون تكلفة، مؤكدًا: "نريد أن نكون شركاء الشباب في مجال النشر". وأضاف أن مشروع النشر الإلكتروني بالمعهد نشر العام الماضي 40 عنوان، منها بحوث وكتب مُحكَّمة، ومقالات ثقافية، ورسائل جامعية معينة تستحق النشر.
وأوضح أن المعهد يسعى لأن يكون الدرس التراثي المتعلق بالمخطوطات درسًا أكاديميًا مستقلًا، وليس جزءً من حقل معرفي آخر كالآداب والتاريخ. كما أشار إلى إشكالية طغيان الجانب النظري على العمل التراثي، والتي يتصدى لها المعهد من خلال "دبلوم علوم المخطوط" الذي يجمع الدرس النظري والعملي.