"إضراب عام" و"رحيل النظام".. بدء العد التنازلي للإطاحة بالرئيس الجزائري
تظاهر مئات الآلاف من المتظاهرين في وسط العاصمة الجزائر، اليوم الجمعة، لتكثيف الضغوط على الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة كي يستقيل من منصبه، فيما يسعى الجيش لتنحيه مع تخلي حلفائه عنه، ولم يكتف الجزائريون بذلك بل طالبوا برحيل النظام وإجراء التغيير السياسي في البلاد، وسط دعوات للإضراب العام لتحقيق ذلك، في ظل خطوة مهمة وهي نقل التليفزيون الرسمي للتظاهرات، مما يؤكد أن الشعب الجزائري حصل على التأشيرة الخضراء للإطاحة بـ"بوتفليقة".
الشعب يطالب برحيل النظام
وفي البداية، تجمع المئات من المحتجين المتجمعين بساحة "أول ماي" وسط العاصمة ثم تزايد عددهم بسرعة وأصبح بالآلاف قبيل صلاة الجمعة.
وبعد الصلاة، اكتسبت الاحتجاجات زخما، وارتفع عدد المتظاهرين إلى عشرات الآلاف.
وأشارت وسائل إعلام جزائرية إلى توقف خدمات محطات المترو والترام في العاصمة.
وخرج الآلاف من الجزائريين حاملين شعارات مختلفة بينها "102، هذا الرقم ليس في الخدمة يرجى الاتصال بالشعب"، و"نطالب بتطبيق المادة 2019" وغيرها.
وتنص المادة 102 على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستورى وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع".
وتناقلت وسائل إعلام أنباء بأن مطالب الحراك تجاوزت تطبيق المادة 102 التي تحدث عنها قائد الجيش الجزائري، مطالبين برحيل بوتفليقة ونظامه بالكامل بما فيه رئيس البرلمان.
ولم تقتصر انتقاداتهم على بوتفليقة وحده، وإنما طالت أيضا النظام السياسي الذي تركز على مدى عقود حول قدامى المحاربين في حرب الاستقلال عن فرنسا، التي دارت رحاها بين عامي 1954 و1962، وضباط الجيش ورجال الأعمال.
إلا أن الإذاعة الجزائرية قالت إن المجلس الدستوري لم يعقد أي اجتماعات حتى الآن للبت في مصير الرئيس.
في خطوة غير مسبوقة.. التليفزيون الرسمي ينقل المظاهرات
وقام التلفزيون الرسمي الجزائري، الجمعة، بنقل مباشر للمظاهرات المناهضة لنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطوة غير مسبوقة منذ بداية الحراك الشعبي قبل أكثر من شهر.
وفي خطوة مفاجئة، قررت إدارة التلفزيون الرسمي بقنواته الثلاث القناة الأرضية والقناة الناطقة بالفرنسية والقناة الثالثة، نقل مظاهرات الجمعة السادسة للحراك عبر عدة مدن بالبلاد، مع استوديو استضاف محللين للحديث عن الأزمة الراهنة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إقالة المدير العام للتلفزيون توفيق خلادي، وتعيين المدير السابق للأخبار بنفس المؤسسة لطفي بوشريط خلفا له.
وخلال الأيام الماضية، شهدت تغطية التلفزيون الرسمي للحراك الشعبي المناهض لنظام بوتفليقة تطورا مضطردا؛ فبعد تجاهل المظاهرات في أيامها الأولى، أصبحت تخصص حيزًا كبيرًا لها في الأيام الأخيرة مع نقل شعارات المتظاهرين المطالبة بالتغيير.
وشهدت مؤسستا التلفزيون والإذاعة الحكوميين بالتزامن مع الحراك وقفات احتجاجية للصحفيين والتقنيين تطالب بالتعامل بمهنية مع الأزمة ورفع القيود عن تغطية فعاليات الحراك.
استقالة أبرز ممولي بوتفليقة من منصبه
وأعلن رئيس منتدى رجال الأعمال في الجزائر علي حداد، المعروف بقربه من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، استقالته من منصبه.
ويأتي ذلك بعد دعوة رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح إلى تفعيل إجراء دستوري، لتنحية بوتفليقة.
وجاء في رسالة حداد، "قررت مغادرة رئاسة منتدى رجال الأعمال ابتداءً من اليوم..
وأضاف: "حرصت على الدوام على أن لا أتخذ أي مبادرة شخصية يمكن أن تعرض للخطر وحدة منظمتنا".
ويترأس حداد هذا المنتدى الذي يمثل أصحاب العمل في الجزائر منذ نوفمبر 2014، وقد تحول أداة دعم سياسي لرئيس الدولة بعد ترشحه لولاية خامسة.
كما يُعتبر حداد من أبرز ممولي الحملة الانتخابية لبوتفليفة.
حلفاء يعلنون تخليهم عن "بوتفليقة"
وقبل ثلاثة أيام، دعا نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، إلى اللجوء إلى المادة 102 من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية.
وقال قايد صالح، خلال زيارة عمل وتفتيش بالمنطقة العسكرية الرابعة بورقلة، إن من الضروري تبنى حل مقبول من جميع الأطراف، شرط أن يندرج ضمن الإطار الدستوري.
وجدد تحذيره من مغبة توظيف الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، منذ الشهر الماضي، من أطراف معادية من داخل البلاد وخارجها.
وبعد بداية التحركات ضد الرئيس الجزائري في فبراير الماضي بدأت شبكة الدعم للرئيس تتفكك، وبات معزولاً في مواجهة تحرك شعبي يطالبه بالرحيل.
ويبدو أن مركز السلطة انتقل من رئاسة الجمهورية إلى قيادة الأركان، فمنذ يومين أصبحت صورة الفريق قايد صالح تتصدر الصفحة الأولى ليومية "المجاهد" الحكومية والتي عادة ما تلعب دور المتحدث باسم السلطة.
وبعد رئيس الأركان، جاء دور حزب التجمع الوطني الديموقراطي، للتخلي عن بوتفليقة بعد طلب استقالته الذي أطلقه أمينه العام أحمدّ أويحيى ورئيس الوزراء المقال قبل أسبوعين.
وقال الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي كان لفترة طويلة من أشد مؤيدي الرئيس، إنه يؤيد دعوة الجيش بشأن بوتفليقة.
وحظيت دعوة رئيس الأركان بدعم حزب جبهة التحرير الوطني، فيما يشير إلى أن حكم بوتفليقة الممتد منذ 20 عاما أوشك على النهاية.
وتعيش الجزائر مظاهرات شعبية سلمية منذ 22 فبراير الماضي مطالبة بمغادرة الرئيس بوتفليقة مع نهاية ولايته الرابعة، وعدم الاستمرار في ولاية خامسة، ورحيل كل رموز نظامه.
وهي الجمعة الخامسة على التوالي التي يخرج فيها الجزائريون إلى الشوارع منذ بدء الاحتجاجات ضد بوتفليقة على مستوى البلاد.