بعد هروب الأجانب.. "الحرس الثوري" يسعى للسيطرة على ما تبقى من نفط إيران
في خطوة للقبض
على ما تبقى من مفاصل قطاع النفط الإيراني، يتطلع الحرس الثوري الإيراني إلى أن يحل
محل الشركات الغربية التي انسحبت من إيران في أعقاب فرض العقوبات الأمريكية، وفقا للعين
الإخبارية.
نقلت صحيفة
"فايننشال تايمز" البريطانية تصريحات لسعيد محمد، قائد "مجموعة خاتم
الأنبياء"، الذراع الاقتصادية للحرس الثوري، قال فيها إن مجموعته مستعدة لتحل
محل شركة توتال الفرنسية في أعمال تطوير المرحلة الـ11 بمشروع حقل "بارس"
الجنوبي.
في يوليو/تموز
عام 2017، وقعت "توتال" صفقة بمليارات الدولارات لتطوير حقل الغاز الضخم،
ليصبح أول عقد مهم تبرمه طهران مع شركة نفط أوروبية خلال أكثر من عقد زمني. لكن بعد
عام، أعلنت المجموعة الفرنسية انسحابها من البلاد بسبب العقوبات الأمريكية.
يعود تاريخ العقوبات
الأمريكية على إيران إلى عام 1979، عندما جمدت إدارة الرئيس جيمي كارتر الأصول الإيرانية
ردا على أزمة الرهائن، التي احتجز فيها 52 أمريكيا لأكثر من عام داخل السفارة الأمريكية
في طهران.
وزاد ضغط العقوبات
نهاية التسعينيات وبداية الألفينات تحت سيطرة إدارتي كلينتون وبوش، ردا على مضي طهران
في برنامجها النووي ودعمها لتنظيم حزب الله الإرهابي، وعندما وصل الرئيس الأمريكي السابق
باراك أوباما إلى السلطة، رأى في العقوبات وسيلة لوضع حد للأمر، عبر الوصول بإيران
إلى طاولة المفاوضات وإبرام اتفاق لتقليص عملياتها لتخصيب اليورانيوم والسماح بدخول
المفتشين الدوليين، وهو ما لم تلتزم به إيران.
مع وصول الرئيس
دونالد ترامب إلى السلطة، أعلن انسحاب البلاد من الاتفاق النووي، وعودة فرض العقوبات
على طهران التي فاقمت الأوضاع الاقتصادية للبلاد. وبدأ تنفيذ أول جولة للعقوبات في
7 أغسطس/آب، لتطال قطاعي الطيران والسيارات الإيراني، بالإضافة إلى تجارتها بالذهب
والعملات. ثم الجولة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني لتطال النظام المالي وقطاعي النفط
والشحن.
وفق أرقام منظمة
البلدان المصدرة للبترول "أوبك" الصادرة في وقت سابق، بلغ إنتاج إيران النفطي
في نهاية مايو/أيار 2018 نحو 3.822 مليون برميل يوميا، وبدأ بالتراجع تدريجيا ليسجل
3.79 مليون برميل يوميا في يونيو/حزيران الماضي.
واعتبارا من يونيو/حزيران
الماضي، بدأت شركات نفطية وغيرها عالمية، تتخارج تدريجيا من السوق الإيرانية، امتثالا
للعقوبات الأمريكية، من بينها: توتال الفرنسية، وميرسك تانكرز الدنماركية، وجنرال إلكتريك
وبيجو وسيمنز الألمانية.
كثيرًا ما يشار
إلى دور الحرس الثوري في الاقتصاد غير الشفاف على أنه عائق أمام الاستثمار، وأن مشاركتهم
في قطاع الطاقة قد تعقد المحاولات الإيرانية لاستئناف العمل مع الشركات العالمية حال
رفع العقوبات.
تشكلت مليشيا الحرس
بعد الثورة الإيرانية عام 1979 كقوة عسكرية تستهدف حماية نظام الملالي، الذي يقبع على
قمته رجال الدين المتشددين، وعملت بالتوازي مع القوات المسلحة النظامية في البلاد،
وتزايدت نفوذه وقوته خلال حرب العراق في الثمانينيات، وأدرت برنامج الصواريخ الباليستي
في إيران، فضلا عن عمليات الاستخبارات الخاصة به وقوته الاستطلاعية.
وفي أعقاب حرب
الثمانينيات، سمحت السلطات الإيرانية للحرس بالتوسع في مؤسسات ومشروعات خاصة رغم طابعه
العسكري، حيث تضطلع شركات ومؤسسات المليشيات حاليا بأعمال مثل تدشين الطرق، والموانئ،
وإدارة شبكات الاتصالات، وإجراء حتى جراحات العيون بالليزر.
وتحدث محللون عن
أن حجم مشروعات المليشيا كبير، وتقول مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، التي تتخذ من واشنطن
مقرا لها وتنتقد إيران، إن الحرس يهيمن على "ما بين 20 و40% من الاقتصاد"
في البلاد من خلال نفوذ كبير على ما لا يقل عن 229 شركة.
ووفقا لتقرير سابق
لوكالة "بلومبرج"، تمتلك المؤسسة العسكرية الإيرانية؛ لا سيما الحرس الثوري،
حيازات اقتصادية واسعة في قطاعات البناء والطاقة والبنوك والتأمين والاتصالات في إيران.
وأشارت إلى أن
الحرس الثوري، الذي يخضع للعقوبات الأمريكية منذ عقود، يهيمن على واحدة من أكبر شركات
البناء في البلاد، وهي مؤسسة "خاتم الأنبياء" للإنشاءات التي يعمل فيها
135 ألف موظف، وتم التعاقد معهم لبناء بعض أكبر مشاريع النفط والغاز للحكومة.