أحمد إبراهيم يكتب : عيد الأم

ركن القراء

عيد الأم
عيد الأم


كنت كعادتي أجلس متفرداً متأملاً في صخب العالم ومادية الحياة ,

حتى طرأ بذهني وطرق أبواب قلبي سؤال باغت حواسي !

"من أكثر شخص يحبك بتلك الحياة؟"

ولأني شخصٌ قضى أعماراً في دراسة العلوم الطبيعية اعتدت أن لكل شيء كمية ووحدة قياس تساءلت ما هي وحدة قياس المحبة؟

أهي الأفعال والمواقف أم التضحية أم الشعور أم غيرهم !

يتأرجح ذهني بين الكيف والكم بين ما كان وما أمكن ..

لأصل إلى " methodology  " علم المنهجية .

فماذا يمكن أن تقاس عليه بقية الأشياء؟

تصل بكل سهولة إلى أن وحدة قياس المحبة هي الأم .

لن أسرد هنا ديباجة معتادة عن شهور الحمل ووهنها أو سنوات الرضاعة , فنحن معاشر الرجال لا نعيش هذه الآلام ولا نعرف وقعها !

لكننا نعرف تماماً الشخص الوحيد الذي يتحمل حماقاتنا دون تذمر ,الذي يعطي بلا انتظار المقابل .

لكن الشباب منذ قديم الأزل يعيش في صراع الأجيال فعقولنا مختلفة وزماننا له صبغة أخري والمسافة بينا أفكارنا شاسعة ,

لكن هذا ليس مبرراً للجفاء فهي تقبلك رغم كل ما أنت عليه من سوء بل وتزيد على القبول حباً .

ونعرف قصة ذلك الرجل الذي جاء يستأذن رسول الله بالجهاد . فقال له النبي : ألك أم ؟ قال نعم .. فقال له رسول الله : ” إلزم رجلها فثّم الجنة ” ..

فأي دين علينا ليُفضل رده على الجهاد في سبيل الله!

فهنيئاً لمن ترى عيناه هذه المحبة المتجسدة في كل صباح .

أما من حرمه الله الأُم فاللهم رفقاَ بقلبه وعوضاً لربيع عمره الذي حصدته ..

لقد فقد المأوى من شقاء الحياة وعناءها ,

وحرم من حصن حصين وَمَنعَةٍ ,

وخسر البوصلة ووحدة قياس المحبة ...