باحث أثري يكشف لـ "الفجر": قدماء المصريين أول من احتفلوا بـ "عيد الأم"
قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن قدماء المصريين أول من عرفوا الإحتفال بـ "عيد الأم"، وكان بداية ذلك في عهد الدولة القديمة واستمر حتى عصر الدولة الحديثة.
واشار عامر في تصريحات خاصة لبوابة الفجر الإلكترونية، أن ذكر عيد الأم والنص عليه ورد في أكثر من بردية من برديات كتاب الموتى، خاصة كتابي "آبي" و"نبستي"، فلقد اهتم المصريون القدماء بحث أولادهم على طاعة الوالدين وبخاصة الأم والتي خصها الأقدمين بكثير من الوصايا والتعاليم.
وأضاف عامر أن هذه التعاليم تلقن النشأ عن ما هية دور الأم وضرورة الإحسان إليها وطاعتها، وكانت "إيزيس" هى أم لجميع المصريين بل ورمز لمصر وكان الإحسان إليها والتقرب لها من الأعمال الجليلة، واعتبرت "إيزيس" رمز الأمومة والمثل الأعلى لكل أم حيث صُورت جالسة تحمل وليدها "حورس" وهو يلتقم ثدي أمه ليرضع منها سائل الحياة.
وأكمل عامر، أنه كان لـ "إيزيس" عيد سنوي يحتفل فيه المصريون بها، وهو أقدم عيد أم في الوجود وكان يُحتفل به في مواكب الزهور التي تطوف المدن المصرية حيث حمل ذلك اليوم العديد من الأسماء منها "يوم الأم المقدسة" و"يوم أم الوجود" و"يوم الأم الجميلة"، وكذلك يوم "أم الحياة"، ويعتقد كثير من علماء الآثار أن ذلك اليوم يوافق الاحتفال ببداية فصل الربيع في ٢١ من مارس.
وتابع "عامر" أن المصريون القدماء اعتبروا تمثال "إيزيس" التي تحمل ابنها "حورس" وترضعه رمزًا لعيدها فيضعونه في غرفة الأم، ويحيطونه بالزهور والقرابين، ويضعون حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس، كما أن الملوك حرصوا على ضرورة تلبية حاجات النساء، ويتضح ذلك في نقوش الحكمة التي عثر عليها على إحدى البرديات للحكيم "بتاح حتب".
وأضاف عامر أنه في تلك النقوش يوصي بتاح حتب بحفظ قيمة الأم قائلًا: "إذا كنت عاقلا فأسس لنفسك دارا وأحبب زوجتك حبًا جمًا وآتها طعامها وزودها بالثياب وقدم لها العطور لينشرح صدرها، فهى حقل مثمر لصاحبه وإياك ومنازعتها ولا تكن شديدا عليها فـ باللين تستطيع أن تمتلك قلبها واعمل دائما على رفاهيتها ليدوم صفاؤك".
وأشار عام أن المرأة بشكل عام كانت تتمتع بمكانة متميزة في المجتمع المصري القديم، وتمتعت بحقوق اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية مساوية للرجل قبل أكثر من خمسة آلاف عام، وتشهد آثار مصر القديمة بلوحتها ونقوشها الرائعة هذه المكانة المتميزة فهي الأم التي تحظى بالإحترام والتبجيل، والفتاة والزوجة التي تخضع لقوانين أخلاقية صارمة ولكنها في نفس الوقت تعبر عن أرائها بحرية ولا تحرمها أيضا من أن تحظى بالتقدير والإحترام، كما أن المرأة المصرية القديمة تمتعت بأهلية قضائية كاملة وكان لها إستقلالها المالي عن الرجل وكان بإمكانها أن تدير ممتلكاتها الخاصة وتدير الممتلكات العامة بل وإن تمسك بزمام الأمور في البلاد.
ومديح إيزيس شكل جانب كبير من الثقافة العامة لدى جموع الشعب –والكلام لعامر- فأخذوا في تمجيدها لما لها من صفات يجب أن تتحلى بها كل امرأة في الذكاء والحكمة والصبر، وحلت "إيزيس" في أفئدة المصريين من كافة الطبقات، وحملوا آيات الإجلال والتوقير ل "إيزيس" العظيمة، بل وأصبحت محور المجتمع بأسره الذي تتمركز حوله الأماني والتمنيات كافة، وأقيمت من أجلها المعابد، وبجلها الأغريق والرومان وأصبحت الصورة المثالية للأم هي صورتها على هيئة امرأة جالسة تضع الطفل حورس على ركبتيها.