أول تحدٍ لمجلس "الصحفيين" الجديد.. حالة رفض واسعة لـ جزاءات "الأعلى للإعلام"
لم ينتهِ الحديث حول لائحة جزاءات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، التي وصفها البعض بأنها "سيئة السُمعة"، وتفرض مساحات من التضييق على وسائل الإعلام والصحفيين، وأثارت خلال الساعات القليلة الماضية جدلًا واسعًا داخل أروقة نقابتي الصحفيين والإعلاميين، تمسكت خلالها النقابتين بحقهما في خوض الطريق القانوني لرفضها.
وليست هي المرة الأولى التي تُثير فيها هذه اللائحة جدلًا كبيرًا بهذا الشكل، ولكن
شرع المجلس الأعلى في تسريب مسودتها النهائية قبل إصدارها، يناير الماضي، مما أثار
البلبلة داخل الوسط الصحفي والإعلامي، ثم خرج الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد رئيس
المجلس لينفي صلته بها أو الانتهاء من تشكيلها، وبعد أيام ناقشها المجلس في
اجتماعه بشكل رسمي.
وكان تقدم نحو 600 شخصية عامة بمذكرة رسمية، شملت بيان وتوقيعات، إلى المجلس الأعلى ونقابة الصحفيين، لرفض اللائحة آنذاك، اعتبرها الموقعون "امتداد طبيعي لقوانين إعدام الصحافة" التي أقرها البرلمان مؤخرًا، مُعتبرين أنها الحلقة الأخيرة في مسلسل يستهدف مصادرة حرية الرأي والتعبير وكل مساحة متاحة للكلام.
كما تقدم الصحفيون بمذكرة أخرى للمجلس، موقعة من 400 صحفي من أعضاء الجمعية
العمومية للنقابة، رفضًا لها، وذلك قبل مناقشة نقابة الصحفيين وإصدار ملاحظاتها،
التي لم يُعمل بها قبل خروجها للنور بشكل نهائي.
وفي مفاجأة "من العيار الثقيل" أصدر المجلس الأعلى هذه اللائحة، دون أن
يعمل بملاحظات نقابتي الصحفيين والإعلاميين، مما اعتبره الصحفيون والإعلاميون
"صدمة ومفاجأة مدوية".
وتعتبر أزمة هذه اللائحة هي أول تحدٍ لمجلس نقابة الصحفيين الجديد، برئاسة الكاتب
الصحفي ضياء رشوان، وذلك بعد ساعات قليلة من فوزه بمقعد النقيب، فأبى المشهد أن
تستريح النقابة قليلًا، وبدأ اندلاع النيران من جديد.
حملة توقيعات رافضة وحلقة نقاش
لـ عمومية 'الصحفيين'
وكان أطلق عدد من أعضاء
الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، حملة توقيعات جديدة، لرفض اللائحة، مؤكدين أنها
تأتي استمرارًا للهجمة على حرية الصحافة، ومحاولة جديدة لتكميم الأفواه والتعدي على
حق أصيل لنقابة الصحفيين في محاسبة أعضائها.
وقال الصحفيون في بيانهم، إن هذه اللائحة جاءت بالمخالفة لمواد الدستور رقم 70، و71،
و72، و77، ولقانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، وما تضمنته جميعها من حقوق ثابتة ومستقرة
للصحفيين وللنقابة دون غيرها في مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني.
وتابع البيان: "تلك
اللائحة هي استكمال لمشهد فرض الصمت العام وتحويل الإعلام إلى مجرد ناقل للبيانات الرسمية،
بل ووصل الأمر إلى صفحات التواصل الاجتماعي التي يزيد عد متابعيها عن 5 آلاف متابع
في مشهد، يوضح نية القضاء على أي صوت وينهي على ما تبقى من مساحة للحصافة تصل إلى حد
تجريم ممارسة المهن،ة إلا في حدود ما تتفضل به الجهات صاحبة الشأن على الصحفيين".
وأضاف الصحفيون أن هذه
اللائحة تفرض عقوبات هادمة لمبدأ أن لا عقوبة إلا بنص قانوني، فقد أعطت للمجلس الحق
بفرض عقوبات مالية بقرار إداري، ووصل الأمر في أحد مواد اللائحة لفرض غرامة 5 ملايين
جنيه، بادعاء حماية الملكية الفكرية.
وأعلن الصحفيون بنهاية
بيانهم، نيتهم رفع دعوى قضائية خلال الأيام القليلة المقبلة، للطعن أمام محكمة القضاء
الإداري ضد هذه اللائحة.
ويعقد غدًا عدد من أعضاء الجمعية العمومية، حلقة نقاش حول لائحة الجزاءات التي أصدرها
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أمس، وذلك بحضور عدد من أعضاء مجلس النقابة، لبحث
التصعيد.
نقيب الصحفيين: سوف نسلك كل
السُبل القانونية
وقال الكاتب الصحفي ضياء
رشوان نقيب الصحفيين، إنه بعد ما أثارته بعض مواد اللائحة من لغط واعتراض واسعين في
أوساط الجماعة الصحفية المصرية عمومًا وأعضاء نقابة الصحفيين خصوصًا، فإن نقابة الصحفيين
في تشكيلها الجديد، نقيبًا ومجلسًا، سوف تناقش كل مواد هذه اللائحة فور الانتهاء من
تشكيل هيئة مكتبها، في ضوء تقرير الملاحظات الذي سبق لمجلس النقابة في تشكيله السابق،
الذي أقره في جلسة 8 يناير 2019، وقام بإرساله للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وأضاف في بيان له، أن النقابة
ستقارن اللائحة التي تم إصدارها بالملاحظات التي تضمنها التقرير المشار إليه، والذي
وافق عليه مجلس نقابة الصحفيين بإجماع الحاضرين، وما تم الأخذ به منها وما تم تجاهله.
وشدد "رشوان"
على أن النقابة سوف تكون رأيها النهائي في هذه اللائحة وفقًا لمواد الدستور، وخصوصًا
المواد 70، و71، و72، و77، ولقانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، وما تضمنته جميعها من
حقوق ثابتة ومستقرة للصحفيين وللنقابة دون غيرها في مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة
نشاطهم المهني.
وأنهي "رشوان"
بيانه بأن النقابة سوف تسلك كافة السبل القانونية للتأكيد على هذه الحقوق الدستورية
والقانونية المقررة لها، وامتناع أي جهة عن الافتئات عليها أو منازعتها فيها، فاتحة
أبوابها لأي حوار جاد لتحقيق هذا.
جمال عبدالرحيم: تخالف الدستور
والقانون
وقال جمال عبدالرحيم عضو
مجلس نقابة الصحفيين، إن البعض ربما لا يعرف أسباب إصدار السُلطة التنفيذية للوائح
التنفيذية والتنظيمية عقب إقرار البرلمان للقوانين ونشرها في الجريدة الرسمية، موضحًا
أن اللوائح سواء التنفيذية أو التنظيمية، تصدرها السلطة التنفيذية بهدف تفسير نصوص
القوانين وتنظيم العمل الداخلي وإصدار القرارات اللازمة وفقا للنصوص القانونية.
وأضاف في تصريحات صحفية،
أن القانون لا يجب أن يخالف النصوص الدستورية، وبالتالي قياسًا عليه، يجب ألا تخالف
اللائحة النصوص القانونية، مؤكدًا أن لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم
الإعلام، هي والعدم سواء، نظرًا أنها تخالف نصوص الدستور والقانون.
وتابع: "أعتقد أن
الزملاء والأصدقاء الأعزاء بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فاتهم الاطلاع على نص المادة
94 من القانون 180 لسنة 2018 قبل إصدار لائحة الجزاءات، علاوة على أنهم تجاهلوا ملاحظات
نقابة الصحفيين على اللائحة".
وسرد "عبدالرحيم"
الفصل التاسع من الإجراءات والجزاءات التي يجوز للمجلس اتخاذها حال مخالفة المؤسسات
الصحفية والإعلامية.
مادة (94)
يضع المجلس الأعلى لائحة
بالجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات
الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة حال مخالفة أحكام
هذا القانون، وإجراءات التظلم منها.
وتعتبر هذه اللوائح جزءًا
لا يتجزأ من التراخيص أو الموافقات الصادرة أو غيرها من التصرفات والإجراءات والأعمال
بين المجلس الأعلى وتلك الجهات
ويجوز أن تتضمن هذه اللائحة
ما يأتي:
1- إلزام المؤسسة أو الوسيلة
بإزالة أسباب المخالفة خلال مدة محددة أو إزالتها على نفقتها.
2- توقيع الجزاءات المالية
المنصوص عليها في حالة عدم الالتزام بشروط الترخيص.
3- منع نشر أو بث المادة
الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز
توقيع أى من تلك الجزاءات أو التدابير إلا في حالة انتهاك أي مؤسسة صحفية أو إعلامية
للقواعد أو المعايير المهنية أو الأعراف المكتوبة (الأكواد)، وبعد إجراء الفحص اللازم
من المجلس الأعلى، ويكون توقيع الجزاء بقرار مسبب.
ويتم إخطار النقابة المختصة
لاتخاذ الإجراءات اللازمة في المخالفات التي تقع من أحد أعضائها، بمناسبة توقيع المجلس
أحد الجزاءات على إحدى الجهات الخاضعة للمجلس، وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات
التأديبية في مواجهة الشخص المسؤول عن المخالفة وفقًا لقانونها.
ولذوي الشأن الطعن على
هذه الجزاءات أو التدابير أمام محكمة القضاء الإداري، ولا يقبل الطعن إلا بعد تقديم
التظلم منه إلى المجلس الأعلى.
سعد عبدالحفيظ: الطعن أولى
خطواتنا
وقال محمد سعد عبدالحفيظ
عضو مجلس نقابة الصحفيين، إنه بالتنسيق مع عدد من أعضاء مجلس النقابة، وعدد من المحامين،
تم الاتفاق على الطعن على لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
أمام القضاء الإداري، باعتبارها قرار إداري صادر من المجلس الأعلى للإعلام.
وأضاف في تصريحات صحفية،
أنه سيتم عرض موضوع الطعن على أول اجتماع لمجلس النقابة بتشكيله الجديد، مطالبًا الجمعية
العمومية أن ينتبهوا لخطورة ما جاء في تلك اللائحة، مؤكدًا أنها ستقضي على ما تبقى
من صحافة في مصر.
عمرو بدر: ستقضي على ما تبقى من
المهنة
وقال عمرو بدر عضو مجلس
نقابة الصحفيين، إن هذه اللائحة ستقضي على ما تبقى من مهنة الصحافة، واصفًا إياها بـ"اللائحة
المتعسفة"، مؤكدًا أنها تحاسب المؤسسات على النَفس، وتحمل اتهامات فضفاضة من نوعية
"التعصب والكراهية والفسق والفجور وإهانة مؤسسات الدولة وإهانة الأديان.. إلخ".
وأضاف في تصريحات
صحفية: "اللائحة المتعسفة تفرض غرامات تصل إلى ٢٥٠ ألف جنيه، وتجيز إغلاق المؤسسات
الصحفية بشكل مؤقت أو دائم، فضلًا عن أنها تجاهلت كل ملاحظات النقابة والرفض الواسع
للصحفيين".
محمود كامل: كارثية وستظل هي والعدم
سواء
وقال محمود كامل عضو مجلس
نقابة الصحفيين، إن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تجاهل مطالب مجلس نقابة الصحفيين،
والمقترحات المُقدمة له بمذكرة موقعة من ٤٠٠ صحفي، وأصدر لائحة الجزاءات "الكارثية".
وأضاف في تصريحات صحفية،
أن هذه اللائحة ستظل هي والعدم سواء، مؤكدًا أن النقابة ستسلك كل الطرق القانونية لإسقاطها.
الإعلاميين: تدفعنا للجوء إلى
ساحة القضاء
وقال محجوب سعده سكرتير
عام نقابة الإعلاميين، إن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تجاهل ملاحظات نقابة الإعلاميين
على لائحة الجزاءات التي أصدرها أمس، والتي تحمل تناقض وتعارض كبير مع اختصاصات النقابة،
ودورها المنصوص عليه في القانون 93 لسنة 2016 والقانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة
والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مؤكدًا أنه يمثل تعدي صريح على اختصاصات النقابة،
ويتنافى مع الدور الذي أُنشئ من أجله المجلس، وعلاقته التكاملية مع النقابات المهنية.
وأضاف أنها تخالف الماده
٨ في فقرتها الأخيرة والمادة ٢٣ والمادة ٢٧ من هذه اللائحة القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم
الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مادتيه "٧٠ الفقرة رقم ٥"
و"94"، واللتين نصتا على: "إخطار النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات
اللازمة في المخالفات التي تقع من أحد أعضائها بمناسبة توقيع المجلس أحد الجزاءات على
إحدى الجهات الخاضعة للمجلس الأعلى، وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات التأديبية
فى مواجهة الشخص المسؤول عن المخالفة وفقًا لقانونها "، أي أن القانون اعطى حق
معاقبة وتأديب الصحفي أو الإعلامي إلى نقابته المختصة بعد اتخاذ الإجراءات القانونية،
مع ضمان كافة حقوقه القانونية المنصوص عليها بقانون نقابته.
وأكد "سعدة" أن إصرار المجلس على ظهور هذه اللائحة بهذا الشكل، يؤدى إلى وجود خلافات بينه وبين النقابة، مما يدفعها إلى اللجوء لساحة القضاء لتصويب أخطاء هذه اللائحة، لافتًا إلى أنه سيتم دعوة مجلس النقابة للاجتماع لمناقشة الإجراءات التي ستتخذها النقابة في هذا الشأن.