جيهان حلمي تكتب: (مصرى موظف الدليفرى - نعم فيها جدعان)

ركن القراء

جيهان حلمي
جيهان حلمي


قبل اسبوعين كنت بشارع فى مصر الجديدة وفجأة سمعت صوت اصطدام كبير فرايت دراجة موتسيكل تتطاير امامى  بعدما اصدمت بصخرة كبيرة فارتمى شخص لاعلى ثم ارتطم ارضا وسارعت عليه وبنفس الثوانى وجدت حولى وحوله مجموعة من الشباب وكنا كلنا شغفين لنرى ماحال المصاب واذا بنا نجد شاب من شباب توصيل الطلبات (موظف دليفرى) مرتمى بجانب دراجته  وهو ملوى بجسده  دونما اى حركة و من كثرة قلقى انا والشباب كان كل مننا يحاول ان يكلمه فى آن واحد وهو لا يستوعب شىء.

وقد حاولنا ايفاقه بعدة طرق والى ان بدا يتحرك قليلا ويفيق شيئا فشيئا  فنطقنا جميعنا الحمد لله و بدأ يتأوه من الالم ويعافر ان يحرك اى من يديه او رجليه محاولا ان يشد ازر نفسه  ليتملك تليفونه المحمول باصابعه ليتحدث به.

وطلبنا منه الاينشغل بالاتصال واننا سنقوم نحن بنقله الى اقرب مستشفى وسنتصل بمكان عمله الا انه كان يلوح بيده ليقول لنا لا مستكملا محاولة  الاتصال وكنا نعتقد انه يتصل باسرته الا اننا بعد حوالى عشر دقائق على الاكثر وجدنا ثلاثة شباب من زملاءه بالعمل فى احدى المطاعم قد اتوا  وكانوا فى غاية الشغف عليه كل منهم يتحدث معه ليطمئنوا على حال زميلهم.

وقد بهرنى مجموعة الشباب سواء من تجمعوا معى حول الشاب المصاب او زملاءه  بالمهنة فرأيت رد فعلهم وكأنه فرد من عائلة كل منهم وليس فقط قلق زملاء على زميلهم ، و كم كان  قلق مجموعة الشباب على وجوهم على مواطن شاب غريب عنهم انما ربما ان يكون مكافحاً بحياته مثلهم او اكثر منى ومنهم.

وحينما اقترحت اى من المستشفيات اقرب وجدت الكل يتحاور معى ويقترح واثناء ما كنا نقرر ( معاً ) ماذ سنفعل ولان كل من زملائه  بدراجات ومنهم  من سيقود  دراجته فكنا نفكر ونتكلم بكلمات سريعة متداخلة ومن سينقله بسيارته.

ففاجئنا الشاب المصاب انه لن يذهب بسيارة احد وطلب ان ينقل بواسطة تاكسى و تعجبت لقراره فكلمته وحاولت اقناعه بانه اكثر من شاب يريد اصطحابه الا انه رفض واصر على ان ينقله الشباب الى تاكسى وقد كان بالفعل وقام الشباب بحمله الى داخل تاكسى.

ولفت انتباهى فى  اخر لحظات  حينما تحدثت مع الشاب بعد مارفض ان ياخذ اى مبلغ ربما يحتاجه للعلاج  بالمستشفى وباصرار شديد كان رافضاً.

وبينما كنا ندعو له الشفاء وبدات السيارة تتحرك فرايت وجهه المبتسم لنا بابتسامة مشرقة جميلة وهو يشكرنا لمساندتنا له ثم ذهب به سائق التاكسى.

وبعدما ذهب و انتهى  الحال بخير وحمدا لله ، فكرت فى هذا النموذج من الشباب الذى شاغلنى الاطمئنان على حالته  حتى ان اعرف اسمه فقررت انى اسميه فى ظل كلماتى اسم اخر غير اسمه الذى لم اعرفه فاسميته  (مصرى).

ويكفينى قولا انه  شاب مصرى مجتهد يكافح فى حياته سعيا للقمة العيش وربما وكما نعلم نماذج مثله كثيرين يحملون اعباء اسرهم على اكتافهم 

مصرى شاب يرفض وبمنتهى الاصرار المساعدة من اى احد حتى وهو فى  ظل ظروف قاسية وواقع بحادثة وحيدا وهو عامل متواضع  الراتب شاب كل راس ماله هو كرامته واجتهاده .

ايضا سعدت وانا اتذكر  لملمة الشباب حوله للمساعدة بشغف على انسان غريب عنهم وقع بحادث ويتعاملوا معه وكأنه  فرد من عائلتهم  ومدى خوف زملائه عليه 

واعلم جيدا ان هذه ليست ظاهرة على شباب مصر الجدعان مساعدة اى غريب من يقع فى حادث يقفوا معه ويساندوه 

ولكنى قد خرجت من تلك الواقعة بأمرين فتعالوا معى لاستعرضهم عليكم ولنفكر معاً ...

اول امر انى اطرح تساؤل وهو هل الشاب مصرى موظف الدليفرى يكفل له جهة عمله كافة الضمانات الصحية والمادية التى تعد اهم حقوقه كمواطن معرض لحادثة كبيرة تدمر حياته كلها وبالتاكيد سيتاثر بها عائلته فلا يجدوا حتى  القوت اليومى او العلاج لاى منهم
  وتساؤل آخر هل المسئولين بحكومتنا يقومون بالاشراف والمراقبة على اماكن العمل لضمان حقوق هؤلاء الشباب الكادحين  ؟؟ ام لا ؟؟

الامر الثانى 
اطرح ايضاً تساؤل اين نماذج الشباب المكافح من مثل نموذج الشاب مصرى من الساحة الاعلامية كمواطن عادى اى كان عمله او حرفته فمن الممكن ان ننتقى منهم النماذج الجميلة ويعلم فى ذلك المعديين للبرامج الاعلامية  اذن فاين المواضيع الهامة واين الجديد الهادف لديهم ؟؟ 
وبدلاً من فبركة مكشوفة لدى المتيقظين والاقبح بالامر انها تمس مواطنين بسطاء كما شاهدت وبكل اسف يحدث هذا فعليا ً فى احد القنوات الشهيرة وتحت مظلة اعلامنا
فاذن نحن نحتاج باعلامنا ان نسلط الضوء على نماذج من الشباب المكافح ذو القيم الطيبة الشهمة ولهم ان يقدموا ذلك  باشكال متعددة جاذبة لجمهور المشاهدين من الشباب بفئتهم العمرية المتفاوتة 
ولنبحث دائماً بالاعلام ونجتهد بحثاً عن نموذج الشاب المكافح ونشعره باهميته خاصة فى بداية حياته اذا كان نموذج متميز طموح فى ظل ظروف بيئية صعبة وليفتح له الاعلام مداركه لينجح و لييتطور بحاله.

ويكون تسليط الاعلام على تلك النموذج المشرف فى اطار هدفين اولهم تحقيق نظرة احترام وتقدير كافة المواطنين لمثل هؤلاء الشباب بوظائهم او حرفهم المتواضعة وهذا حق لهم.

ثانيا ان نوعية تلك البرامج يكون هدفها الاخر هو اعطاء الامل والشعور بالرضا لدى فئة الشباب المماثلة لتلك الظروف الصعبة.

وهذا حقهم من الاعلام وحقهم من الدولة العمل على استراتيجية احد غايتها تحقيق التحفيز النفسى الايجابى لهم بجانب الدعم لضمانتهم الحقوقية بكافة انواعها.

وفى النهاية لابد ان نتظامن معاً لتنمية الفرد واخص بالاكثر الفئات المطحونة من الطبقة تحت المتوسطة والطبقة الدنيا ايضاً (هام جداً).

اذ ان تنمية الفرد هى حلقة من حلقات تنمية منظومة المجتمع باكمله وحتى يبقى دائما فيها جدعان وليكن شعارنا (معاً مستقبلنا احلى).