أبرز الأزمات التي تعانيها إيران على مستوى اقتصادها المحلي
استعرض تقرير إخباري أبرز الأزمات التي
تعانيها إيران على مستوى اقتصادها المحلي طوال عام كامل، بالتزامن مع قرب حلول السنة
الفارسية الجديدة (تبدأ 21 مارس).
ورجح التقرير صعوبة خروج طهران من عثرتها
الاقتصادية التي وصلت لحد "الاحتضار"، والتي تقف عائقا أمام أي محاولات للنمو
وتحسين الأوضاع.
وسلطت إذاعة راديو زمانه (ناطقة بالفارسية
وتبث من هولندا) في تقرير لها الضوء على اشتداد أزمات الاقتصاد منذ بدء شح العملة الصعبة
وتراجع سعر الريال الإيراني بمعدل الثلث أمام الدولار الأمريكي، واتخاذ الحكومة الإيرانية
عدة قرارات متشنجة في مسعى للسيطرة لكن دون جدوى.
وتجاوز سعر بيع الدولار الواحد حاجز
150 ألف ريال إيراني طوال فصل الصيف الماضي، حيث تدنت العملة الإيرانية تاريخيا إذ
بلغ الدولار الأمريكي 193 ألف ريال في سبتمبر الماضي، في حين اكتفت حكومة طهران بتحديد
سعر الصرف الأجنبي عند 42 ألف ريال إيراني، وفقا للتقرير.
واستغل تجار ومستوردون إيرانيون هذا القرار
للحصول على حزم نقدية حكومية من العملة الصعبة، غير أن الأمر فتح بابا واسعا أمام المضاربة
تجاريا والفساد بسوق العملة الحرة، فضلا عن ظهور العديد من السماسرة داخل أغلب الأسواق
بشكل غير مسبوق.
ووصل حجم الأزمة النقدية في طهران إلى عزل
محافظ المصرف المركزي الإيراني السابق ولي الله سيف بعد اتهامات له بالفساد، قبل أن
يحظر سفره للخارج بعد اعتقال مساعده لشؤون العملات الأجنبية وإيداعه رهن السجن.
ونجح عزل سيف وإحلال بديله عبدالناصر همتي
في الحد نسبيا من سرعة سقوط سعر الريال الإيراني فترة وجيزة لكن لم يستمر الأمر طويلا
رغم اتخاذ قرار آخر باستبدال اليورو محل الدولار في التبادل التجاري مع أطراف أجنبية،
غير أن الأوضاع المضطربة بقيت على حالها.
وفشلت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني
في الوصول بمعدلات النمو الاقتصادي إلى أكثر من 1%، إضافة إلى توالي انسحاب مستثمرين
أجانب وشركات كبرى وصغرى في قطاعي السيارات والطاقة من الأسواق المحلية لانعدام الجدوى
الاقتصادية.
وتزايدت نسب البطالة في قطاع السيارات الإيراني
على وجه الخصوص، حيث تراوحت نسب العاطلين عن العمل بسبب التدهور الاقتصادي الناجم عن
الفشل الحكومي بين 250 ألف و500 ألف شخص.
وعجزت شركات محلية في قطاعي الطاقة والنفط
عن الوفاء بالتزاماتها حيال تنفيذ مشروعات بعد خروج شركات عملاقة أبرزها توتال الفرنسية،
قبل أن تضطر أغلب هذه الشركات التي تدير بعضها مليشيا الحرس الثوري إلى وقف العمل جزئيا
وكذلك فصل آلاف العمال تعسفيا.
عمق أزمة طهران المأزومة اقتصاديا بلغ حد
إفلاس عدد من المؤسسات المالية وإدماجها في مصارف محلية وأيضا صناديق تقاعد حكومية،
فضلا عن ارتفاع حجم الاستدانة من البنك المركزي واللجوء إلى ضخ حزم نقدية من خلال طباعة
عملات ورقية، بينما احتج مئات المودعين على فقدان مدخراتهم البنكية.
واتسعت الهوة الطبقية بشكل لافت بين الإيرانيين
بعد زيادة حجم الفئات المندرجة أسفل خط الفقر طوال السنة الفارسية التي تنقضي 20 مارس
الجاري، حيث وصلت أعداد الفقراء إلى حد الجوع قرابة 12 مليون شخص، والفقر النسبي
45 مليون شخص، والفقر المدقع نحو 33 مليون شخص، بينما أحجمت مراكز بحثية حكومية عن
إصدار تقارير جديدة في هذا الصدد.
تداعيات هذه الأزمات الاقتصادية ألقت بظلالها
على عاتق الطبقة المتوسطة والموظفين الحكوميين في المقام الأول، بينما تحول التدهور
الاقتصادي إلى فرصة لتسلق فئات أخرى قريبة الصلة من نظام طهران واستغلال هذه العلاقات
في التربح من فروق أسعار النقد الأجنبي وكذلك البضائع والسلع المحلية.
واضطرت العديد من الأسر المتوسطة والفقيرة
إلى الاستغناء عن عشرات الأصناف من سلالها الغذائية، بينما نجحت الطبقات الأكثر ثراء
في نقل مدخراتها من النقود السائلة إلى بنوك أجنبية وكذلك شراء العقارات الفخمة في
بلدان أخرى هروبا من التأزم الاقتصادي الخانق.
وذكر تقرير راديو زمانه أن القرارات الحكومية
حيال أزمات الأجور داخل شركات القطاع الخاص لم تجدِ نفعا على المدى القصير أو حتى الطويل،
حيث احتج المئات من عمال شركات عتيقة لإنتاج السكر، والفولاذ لعدة أشهر في إقليم الأحواز
الواقع جنوب البلاد.
وتعاني إيران من أزمات اقتصادية متعددة
في طريقها للتصاعد بحلول السنة الجديدة، في ظل انخفاض الطلب العالمي على مشتريات النفط
الخام ومكثفات الغاز إلى أقل مستوى، بينما من المرجح إدراج طهران على اللوائح السوداء
لمجموعة العمل المالي الدولية بعد أن تعرقلت تشريعات برلمانية تخول الانضمام إليها
مؤخرا، وفقا للتقرير.
واستطرد التقرير أن التحليلات على المستوى الرسمي تحذر من اندلاع احتجاجات شعبية جديدة بسبب يأس الناس من تحسن الأوضاع الاقتصادية الراهنة، إلى حد موت أملهم في حكومة حسن روحاني العاجزة.