مختار محمود يكتب: نفسيّة معالي الوزيرة
وزارة "الصحة والسكان".. ابتلتها الأقدار بوزيرة محدودة الإمكانات العلمية والإدارية. هبطتْ علي الوزارة فى لحظةٍ غادرةٍ. الوزيرة لا تمتلك سجلاً علمياً حافلاً. كانت تعمل فى بلاط "شريف أبو النجا"، الذى أسند إليها إدارة أكاديمية غير مرخصة وغير معترف بها علمياً. يعلم القاصى والدانى أن معالى الوزيرة تمكنتْ من تقزيم الوزارة شديدة الأهمية، حيث لم يكن فى جعبتها فور تعيينها سوى إلزام الأطباء بأداء النشيد الوطنى كل صباح للارتقاء بالخدمة الطبية فى المستشفيات. ولولا مبادراتُ رئيس الجمهورية مثل: "100 مليون صحة" و"نور حياة"، ما عرف شخصٌ واحدٌ اسم هذه الوزيرة التى أثارت غضباً عارماً، نهاية الأسبوع الماضى، بإقالتها طبيب القلب المعروف الدكتور جمال شعبان من عمادة معهد القلب بإمبابة. الطبيب المُقال بقرار وزارى بائس..يعرفُ اسمَه العامة والخاصة منذ عشرين عاماً على الأقل، فيما لم يكن اسم الوزيرة معروفاً حتى يوم استوزارها. لجنة الصحة بمجلس النواب اتهمت الوزيرة، على خلفية قرارها الأخير، بأنها دأبتْ على تجريف الوزارة من الكفاءات، واستبدالهم بآخرين تسهل السيطرة عليهم!!
ربما للمرة الأولى منذ فترة طويلة.. يتفق أطياف محتلفة على رأى واحد، حيث أجمع مقربون من الحكومة ومعارضون لها وشعب الشوسيال ميديا العظيم، على رفض القرار وتسفيهه، والتعاطف مع الطبيب المُقال، الذى لا يختلف اثنان على كفاءته وإنسانيته، وهما صفتان، ربما لا تعرف معالى الوزيرة عنهما شيئاً مذكورًا.
ما فعلته الوزيرة لا يجب أن يكون موقفاً عابراً يمرُّ مرور الكرام، ولكنه كاشفٌ عن الطريقة التى تُدار بها الأمور داخل المؤسسات الحكومية، إذ إن كثيراً من القرارات يكون مشوباً بالانتقام وتصفية الحسابات وخلط الأوراق، ولا يُغلب المصلحة الوطنية على ما سواها.
هذا التعسف فى اتخاذ القرارات لا يؤدى فى النهاية إلا إلى مزيد من التدهور والتراجع إلى الخلف، فمعهدُ القلب لن يستفيد شيئاً من الإطاحة بعميده السابق، وقد يعود سريعاً إلى سيرته الأولى التى كان عليها قبل شهور قليلة، فيسكنه الإهمال ويفترش المرضى الطرقات.
الوزيرة، التى لا تسمح لها مؤهلاتها العلمية بافتتاح عيادة خاصة، إذ إنها لم تحصل سوى على دبلومة فى تخصص النساء والتوليد، لا يجب أن تتعامل مع كبار الأطباء ومشاهيرهم من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة والتكريمات المحلية والعالمية، على هذا النحو الساذج. هذا لا يليق بمنصبها الرفيع وبمؤهلاتها المحدودة، ولا يصحُّ أن يكون أسلوباً فى التعامل مع علمائنا الذين يجدون التقدير والاحترام فى الخارج، ويفتقدونه فى وطنهم، بسبب " عُقد النقص".
تخيلوا مثلاً.. لو أن طبيب القلب المعروف البروفيسور "مجدى يعقوب" لم يسافر إلى الخارج وحقق ما حققه من شهرة عالمية، ربما كانت وزيرة مثل هذه الوزيرة اضطهدته يوماً ما وأطاحت به من منصبه، وحرضت صبيَّها والمتحدث الرسمى لها بأن يُشهِّر به فى وسائل الإعلام ويتهمه بالتقصير والإهمال!!
ما فعلته الوزيرة وما سوف تفعله لاحقاً، يجعل من اقتراح برلمانى بإخضاع أصحاب وصاحبات المناصب الحكومية الرفيعة للاختبارات النفسية الدورية، أمراً مُهماً، حتى لا نُفاجأ يوماً ما بهجرة الكفاءات النادرة، تاركين خلفهم وزيرة الصحة وصبيَّها وأمثالهما.