منال لاشين تكتب: موظفون وحيتان فى الحكومة
موظف يحصل على 2 مليون سنويا من أرباح الشركات.. و6 ملايين موظف يبحثون عن الأجر المكمل
الاستشارات والأعمال المؤقتة لا تزال خارج عباءة قانون الحد الأقصى للأجور
الرقم القومى يمنع التلاعب وشركات قطاع الأعمال بلا رقيب
التخطيط تتدخل لحل أزمة الأجر المكمل لكل العاملين بالدولة
أنا من عائلة موظفين، أو بالاحرى أبى وأعمامى وأخوالى وكل عائلتى من طبقة الموظفين إلا قليلا، وعلى الرغم من أن معظم جيلى من العائلة خرج من الميرى، إلا أننى لم ولن أنكر فضل الميرى فى حياتى، فلولا وظيفة أبى الحكومية لما استطعت أن أعيش وأتعلم وأنتقل من طبقة الموظفين إلى القطاع الخاص، ولذلك أنا مع تحسين أوضاع الموظفين قلبا وقالبا.. مع رفع الظلم عنهم ماليا ومعنويا.
1- موظفون وحيتان
على الرغم من قانون الحد الأقصى للأجور وعلى الرغم من أن القانون طبق على رئيس الجمهورية والوزراء ورئيس الحكومة، رغم هذا وذاك فإن عدداً قليلاً من موظفى الحكومة لم يطله سيف قانون الحد الأقصى، ومن ناحية المبدأ أنا ضد قانون الحد الأقصى، ولكننى مع تطبيق القانون على الجميع، وقد أتاحت اللائحة التنفيذية لقانون الحد الأقصى ثغرات دخل منها حيتان الموظفين ذوو المهارة العالية جدا فى اقتناص مال الدولة. ومن أهم الثغرات فى اللائحة التنفيذية أنها لم تدخل أرباح وبدلات مجالس إدارات الشركات ضمن الحد الأقصى للأجور فى الحكومة.
ولا يجب أن نتهاون مع هذه الثغرة، لأنها مكنت بعض الموظفين من الحصول على ملايين الجنيهات من أموال الدولة بدون وجه حق. وهؤلاء الموظفون يعيشون فى الظل. دوما فى الظل وإن كانوا بارزين فى مكاتب الوزراء أو المكاتب الفنية أو مسميات أخرى تنتشر فى بعض أو بالأحرى معظم الوزارات، ويتم اختيار هؤلاء الموظفين كممثلين للجهة أو الوزارة فى مجالس إدارات الشركات التابعة لها، وذلك سواء المملوكة بالكامل للدولة أو التى تساهم فيها الدولة بحصة، ويحصل الموظف على بدلات حضور مجلس الإدارة، ويحصلون على أرباح سنوية توزع على أعضاء مجلس الإدارة، وهذا وضع قانونى، ولكنه ظالم، وأدى إلى أن يتجاوز دخول بعض الموظفين فى الدولة 2 مليون فى العام وأحيانا 3 ملايين.
وقد حاول مجلس الوزراء أن يتدارك هذه الأزمة السرية فأصدر رئيس الحكومة الأسبق المهندس ابراهيم محلب قرارا بحصول الجهة أو الحكومة على الأرباح والبدلات على أن تقوم كل جهة بتخصيص مكافأة للموظف الذى يمثل الجهة، ولكن هذا القرار لم يفعّل بصورة كبيرة على أرض الواقع. كما أن هذا القرار منقوص لأنه سمح لموظف واحد أن يمثل الوزراء أو الجهة فى أكثر من شركة.
وبعيدا عن أرباح الشركات فإن خروج شركات قطاع الأعمال والهيئات الاقتصادية من عباءة قانون الحد الأقصى، وعادت أجور بعض كبار الموظفين بها إلى سابق عهدها من فوضى التفاوت الرهيب فى أجور الموظفين، وخاصة فى ظل غياب معايير العدالة والكفاءة فى نسبة من اختيار القيادات.
بل إن رئيس إحدى الشركات القابضة رفض تنفيذ قانون الحد الأقصى وأقام دعوى ضد الحكومة وكسب القضية.
وآخر ثغرات قانون الحد الأقصى هو اقتصار تطبيق الحد الأقصى على من يعمل بأجر فقط، وبهذه العبارة خرج المستشارون والعاملون بشكل أو عقود مؤقتة مع الجهات الحكومية المختلفة.
2- أزمة الأجر المكمل
وإذا خرجنا من أزمة الثغرات فإن هناك أزمة طاحنة بالنسبة للأجور داخل منظومة وقانون الحد الأقصى للأجور، وأشهر مشكلة يعانى منها الموظفون الآن هى أزمة الأجر المكمل.
فقد قرر قانون الخدمة المدنية أن هناك أجرين للموظف. الأجر الوظيفى يشمل الأجر الأساسى والبدلات المستمرة والعلاوات سواء التى تم ضمها أم لم تضم، وهناك أيضا الأجر المكمل وهو الحوافز التى تقررها الجهة للموظفين، ولكن ما حدث كان ظالما وكارثيا، فقد اختارت أن تنظم الأجر المكمل بشكل منفرد وليس بشكل مجمع لكل الموظفين، وهكذا بدأ تطبيق الأجر المكمل الذى ينصف الموظف بسرعة السلحفاء، حتى إن الجهات التى تم تطبيق الأجر المكمل بها لم تتعد 21 جهة فقط، وقد أدى هذا الوضع المختل إلى ظلم ملايين الموظفين الذين لم تقر وزارة المالية الأجر المكمل لها، وتجرى الموافقة على الأجر المكمل فى كل جهة من خلال لجنة تضم وزارة المالية وجهاز التنظيم والإدارة ووزارة التخطيط، وزادت شكوى عدد كبير من الموظفين من أن أجورهم انخفضت بعد تطبيق قانون الخدمة المدنية، وذلك خلافا لكل التعهدات الحكومية فى البرلمان والبرامج، وكانت الحكومة قد تعهدت بألا يتضرر أى موظف فى الحكومة أو المحليات من قانون الخدمة المدنية بتخفيض أجره، ومع الأسف فقد تم استغلال هذا التعهد فى بعض الجهات التى تعد على أصابع اليد وأسرعت بالانتهاء من تنفيذ الأجر المكمل لهذه الجهات.
3- تدخل رئاسى
وكان من البديهى أن يؤدى هذا الوضع إلى غضب الموظفين، وقد وصل هذا الغضب إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولذلك قرر الرئيس العمل بالمقترح الأول لوزارة التخطيط، وهذا المقترح يشمل استكمال إجراءات الأجر المكمل لكل جهات الدولة، وبذلك يتم حصر أو عمل مسح كامل لكل الجهات فيما يتعلق بالأجر المكمل، وبذلك تتم مساواة كل الموظفين سواء فى مستويات الأجور المكملة من ناحية أو توقيت تطبيق وصرف الأجور المكملة من ناحية أخرى، وما تقوم به الآن لجنة من جهاز التنظيم والإدارة هى مراجعة ودراسة كل مقترحات الأجر المكمل المرسلة من جميع الجهات، وبعد ذلك يبدأ عمل اللجنة الثلاثية من الجهاز وكل من المالية والتخطيط للموافقة على الأجر المكمل، ولقد حث الرئيس السيسى الوزراء على سرعة الانتهاء من أعمال هذه اللجنة حتى تنتهى أزمة أو معضلة أو الغاز الأجور فى الدولة.
4- كلمة السر
وأعتقد أن القضاء على ظاهرة الخلل والظلم فى منظومة الرواتب يبدأ بتطبيق الرقم القومى فى صرف الرواتب والأجور. لأن استخدام الرقم القومى فى صرف الأجور سيمنع التجاوزات التى تحدث الآن فى بعض الحالات. خاصة حالة صرف مكافأة للموظفين من أكثر من وزارة أو أكثر من جهة، وهذه ظاهرة لم ولن يستطيع قانون الخدمة المدنية أو لائحته التنفيذية أن تواجهه أو استخدام هذه الثغرة للتهرب من الحد الأقصى للأجور، وهذه الظاهرة موجودة بنسب مختلفة فى العديد من الوزارات والجهات الحكومية، ولن ولم تنته هذه الظاهرة إلا إذا واجهنا الحقيقة وأخذنا من الرقم القومى للموظف مدخلا أساسيا ووحيدا لصرف أى رواتب أو حوافز أو أرباح أو بدلات من أى جهة حكومية.
ومن ناحية أخرى وإذا كنا نسعى للعدالة بين موظفى الدولة وضمان الحفاظ على أموال الدولة، يجب أن نجرى تعديلا تشريعيا. هذا التعديل التشريعى يحرم ممثل أى جهة حكومة فى مجالس إدارات الشركات من حصة الأرباح، على أن تذهب الأرباح إلى الجهة وليس ممثل الجهة، ويكتفى ممثل الجهة ببدلات حضور جلسات مجلس إدارة الشركة.
يجب أن نوقف فوضى تفاوت الأجور داخل الجهاز الإدارى إلا من خلال الكفاءة وليس مجرد الانتماء إلى وزارة ما أو جهة تعمل فى مجال الجباية.
فإذا أردنا أن نخرج طاقات الموظفين، فإن أول خطوة هى تحقيق العدالة فى الأجور بين كل موظفى الدولة.