د. بهاء حلمي يكتب: أهمية منظومة الأمن والسلامة بالسكك الحديدية
تتميز السكك الحديدية فى كل دول العالم بأنها من أكفأ وسائل النقل وأكثرها أمانا، وتؤكد ذلك الدراسات الإحصائية الأمريكية والأوروبية التى تشير إلى أن عامل الأمان فى السكك الحديد يبلغ حوالى 111 ضعفا بالنسبة للنقل على الطرق.
كما تتميز بدقة المواعيد، وأنها وسيلة مريحة وتعطى للركاب مجال للحركة، وتسمح باستخدام وسائل الاتصال عبر الشبكات بسهولة وتتميز أسعار التذاكر بأنها أقل تكلفة من وسائل أخرى مما يجعلها وسيلة جذب للمسافرين لوفرها الاقتصادى، لهذا تعتبر السكة الحديد وسيلة نقل استراتيجية بالنسبة للكافة فى جميع الأوقات على الرغم من وقوع بعض الحوادث المؤلمة والتى راح ضحيتها العشرات من الضحايا.
وعلى هذا القدر من الأهمية تأتى منظومة الأمن والسلامة بالسكك الحديدية على رأس أولويات العمل ومتطلبات تشغيل القطارات كونها تمثل إجراءات الحماية لملايين الركاب يوميا.
وترتكز تلك المنظومة على أربعة محاور رئيسية وهي: إعداد وتأهيل العنصر البشرى، الاعتماد على التقنيات الحديثة، التدريب على خطط الإخلاء والإسعاف فى حالة الطوارئ، رفع مستوى الوعى لدى شرائح المجتمع تجاه إجراءات السلامة فى حالات الحوادث والكوارث.
فالعنصر البشرى يشكل حجر الزاوية فى تشغيل مرفق السكة الحديد وهو عامل الأمان الأول فى منظومة الأمن والسلامة، مما يتطلب إعادة تقييم جميع العاملين المعنيين بتشغيل القطارات سواء كانوا فى وظيفة سائق قطار أو مساعد أو مراقب برج أو حركة أو غيرها من الوظائف المؤثرة فى تشغيل القطارات وذلك من خلال لجان علمية طبية متخصصة تشكل من أساتذة الجامعات والكليات العسكرية لتحديد مدى ملاءمة القدرات الصحية والنفسية لطبيعة العمل فى مجال قيادة وتشغيل القطارات، وإعداد برامج وحقائب تدريبية اعتمادا على الأجهزة ومساعدات التدريب الحديثة لمحاكاة الواقع بغرض رفع كفاءة الأداء، ورفع مستوى التعامل مع قضايا السلامة وفقا للمعايير الدولية.
على أن يواكب ذلك رواتب وحوافز مجزية للقائمين بتشغيل القطارات للتغلب على مشكلة عزوف الشباب عن الالتحاق بهذا العمل وبما يسمح بإعداد كوادر مستقبلية.
وتشكل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة أحد معايير السلامة الدولية على القطارات مثل نظم الإشارات والاتصالات التى تحقق تنظيم حركة القطارات وتحديد مواقعها ومراقبة مؤشرات السلامة أثناء سيرها بواسطة شبكة من الإشارات وأبراج الاتصالات والألياف البصرية ومراكز المراقبة والتحكم فى المحطات، وهناك أجهزة متطورة للإنذار المبكر لاكتشاف العيوب الفنية والميكانيكية فى القطارات وكذا أنظمة التحكم الإيجابى عن بُعد بواسطة التشغيل الآلى والتحكم اوتوماتيكيا بتغيير سرعة سير القطارات أو خطوط سير الحركة للحيلولة دون وقوع حوادث اصطدام القطارات، وأنظمة تسجيل الأحداث للتعامل معها للحد من تأثير الاخطاء البشرية التى تتسبب فى وقوع الحوادث.
وتساعد هذه التكنولوجيا على تقليل: الحوادث وحالات التأخير وتكاليف التشغيل وزيادة طاقة واستيعاب خطوط السكك الحديدية وتوفير الأمان والسلامة للركاب ولكافة عناصر التشغيل.
أما بالنسبة للتدريب على خطط الحماية المدنية والإخلاء والإسعاف فى حالات الطوارئ والكوارث يشكل أحد الإجراءات الرئيسية لتحقيق منظومة الأمن والسلامة بكافة المنشآت الاستراتيجية والحيوية والمهمة وعلى الأخص بمرفق السكة الحديد فيما يعرف بالتدريب على سيناريوهات لأزمة وهمية لتدريب القائمين على تشغيل القطارات وغرف المراقبة والعمليات وجميع العاملين بمحطات السكك الحديدية على خطط الإخلاء وتحديد دور كل عنصر، وما يجب اتباعه أثناء حدوث الأزمة لحماية الارواح والممتلكات والتأكد من كفاءة وفاعلية واستخدام الوسائل المتاحة لمواجهة المخاطر بشكل مهنى، وتقويم الأداء والدروس المستفادة بعد انتهاء تلك التدريبات.
وعلى جانب آخر فهناك التجارب الوهمية بغرض تدريب العاملين والجمهور على حد سواء فى الأوقات التى تسمح بذلك للتوعية والتلقين بما يجب اتباعه من تعليمات وأساليب علاج وإخلاء المصابين مع توثيق تلك التجارب أسوة بما يتم من تجارب على خطط الإخلاء بالعديد من المدارس والجامعات وبعض المستشفيات والبنوك وغيرها.
ويعتمد المحور الرابع على رفع مستوى الوعى لدى جميع شرائح المجتمع تجاه تدابير وإجراءات السلامة فى حالات الحوادث والكوارث من خلال التوعية المستمرة بوسائل الإعلام وتوزيع المنشورات والوسائل الإيضاحية لإرشاد المسافرين بما يجب اتباعه من إجراءات.
وعلينا الاتفاق بأن الحفاظ على أمن وسلامة المسافرين هو التزام وواجب إنسانى وأخلاقى وقانونى لا يقبل المساومة أو التأخير، إلا أنه فى ظل المرحلة الانتقالية لتحقيق منظومة الأمن والسلامة بعناصرها المختلفة فقد يرى فتح قنوات التواصل اللاسلكى فيما بين قائدى ومهندسى القاطرات ومسئولى إرسال الارشارات والتوجيهات والمحطات، وأن يرافق سائق القطار مساعدا له ومسئول آخر عن توثيق الاتصالات بكل رحلة، مع إمكانية الاستعانة بعناصر شركات الأمن الخاصة للقيام بهذه المهمة لفترة حتى يمكن إنشاء شركات أمن متخصصة تتبع مرفق السكك الحديدية لمتابعة ومراقبة التشغيل مع الاستعانة بأجهزة تسجيل الأحداث داخل كابينة القاطرة، وتزويد العربات بميكرفون لإذاعة التعليمات اللازمة للمسافرين طوال رحلة القطار.