"ما خفي كان أعظم".. نجاح وشهرة واسعة يتسببان في إقالة مدير معهد القلب (تقرير)

أخبار مصر

الدكتور جمال شعبان
الدكتور جمال شعبان


أصدرت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، صباح أمس الخميس، قرارًا أثار غضب وسخط الوسط الطبي بأكمله، بإقالتها الدكتور جمال شعبان، عميد المعهد القومي للقلب، وتعيينها الدكتور محمد أسامة، رئيس قسم جراحة القلب بالمعهد، بدلًا عنه، مديرًا لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد.

القرار جاء رُغم ما يتمتع به "شعبان"، من شهرة واسعة في الوسط الطبي، وشعبية كبيرة بين شباب الأطباء، فهو أحد أهم القيادات في معهد القلب والهيئة العامة للمعاهد والمستشفيات التعليمية، ولذلك كان خبر إقالته صدمة للجميع، حيث يشهد له بالنزاهة وعدم التقصير في أداء واجبه المهني.

تظاهرة نسائية اعتراضًا على إقالة مدير معهد القلب

عقب صدور قرار الإقالة، نظمت مجموعة كبيرة من الممرضات والعاملات في المعهد القومي للقلب، تظاهرة داخل المعهد، اعتراضًا منهن على صدور قرار الإقالة للدكتور جمال شعبان.

قرار الإقالة مخططًا له منذ فترة طويلة

وأوضحت مصادر داخل وزارة الصحة، أن نجاح "شعبان" لم يُعجب الوزيرة، بخاصة وأن هناك حالة من الحب الشديد، يتمتع بها، سواء داخل المعهد أو خارجه بين منظمات المجتمع المدني والمهتمين بالقطاع الصحي، وكذا وسائل الإعلام".

المصادر لفتت إلى أن "قرار الإقالة مخططًا له منذ فترة طويلة، وكان سيصدُر عاجلًا أم آجلًا".

تضامن الأطباء

قرار الوزارة، صاحبه تضامن عدد كبير من الأطباء بمعهد القلب، مع العميد المقال، وكتب بعضهم تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تضامنا معه.

الدكتور عادل فريد، نائب مدير المعهد السابق، قال إنه "شيء غير متوقع وعلى غير اتجاه الأمور بالمعهد الذي في عهده تضاعف عدد القساطر من ٥٠ إلى أكثر من ٨٠ في اليوم وأمس، وصل لـ ٩٩ قسطرة ما بين تشخيصية وعلاجية وعمليات القلب المفتوح من ٧ يوميا لـ١٠ عمليات كبار و٢ أطفال يوميا وأمس بلغ ١٢ كبار و٢ أطفال.

وتابع: "أرقام لم تحدث في المعهد من قبل رغم صعوبة العمل للنقص الشديد في التمريض والتخدير، وازداد عدد المترددين على العيادات والاستقبال لتوفر الأدوية رغم نقصها بالأسواق وحسن المعاملة والنظافة الملحوظة حتى وصل معدل المرضى المترددين على المعهد ما بين عمليات وقساطر وعيادات واستقبال لمليون مريض سنويا وهو رقم خرافي وسيل من ورش العمل وزيارات الخبراء الأجانب والمصريين المغتربين".

ومن ناحيته، قال الدكتور محمد سيد الدراوي، استشاري القلب والقسطرة بمعهد القلب القومي، إن "الجميع صدموا بإقالة الدكتور جمال شعبان، من إدارة المعهد، وإن الرجل لم يقصر في أداء واجبه أبدًا، وكان يعمل من السابعة صباحًا، وأغلق عيادته من أجل مباشرة العمل في المعهد".

وأكد أن، الدكتور جمال شعبان لم يقصر في قوائم الانتظار، وأي تأخير يكون عائدًا لوزارة الصحة بسبب قرارها، والأطباء يعملون من 7 صباحًا إلى 9 مساءً من أجل قوائم الانتظار، والمعهد أنجز الكثير في حالات قوائم الانتظار"، مضيفًا، أن الدكتور جمال يعمل فوق طاقته ولا يوجد أي تقصير تسبب فيه.

تعليق الوزيرة بعد إقالة مدير المعهد

ومن ناحيتها قالت وزارة الصحة والسكان، على لسان متحدثها، في بيان صحفي، إن قرار الوزيرة، جاء بعد مذكرة عرضت عليها من الدكتور أحمد محيي القاصد، مساعد الوزيرة لشئون الطب العلاجي والمشرف على غرفة قوائم الانتظار، توضح عددًا من الأخطاء رصدتها لجنة مشكلة من الغرفة المركزية لمتابعة إنهاء قوائم الانتظار بمعهد القلب القومي.

كلمة السر "قوائم الانتظار"

وأشارت الوزارة إلى وجود عددًا من العمليات الجراحية، التي تم تأجيلها بمعهد القلب، من دون سبب أو مبرر لمرضى يعانون من ويلات المرض، وفي أمسّ الحاجة إلى إجراء التداخلات العاجلة، الأمر الذي حتم اتخاذ هذا القرار حرصا على صحة وسلامة المرضى، لافتًا إلى أن اللجنة تبينت خلال بحث شكاوى المرضى، وجود 3598 مريضا لم يسجلوا من خلال المعهد، ضمن منظومة قوائم الانتظار، ما يؤجل إجراء جراحاتهم العاجلة.

وأضافت أن اللجنة تبينت أيضًا، أن عدد العمليات التي أجريت في الفترة من 1 يناير 2019 وحتى 5 مارس الحالى 79 عملية جراحية فقط من أصل 660 حالة مسجلة على منظومة قوائم الانتظار، علمًا بأن الطاقة الاستيعابية لعمليات القلب المفتوح بالمعهد تبلغ 240 حالة شهريًا.

تكليف المدير الجديد

الوزارة أوضحت أن الوزيرة، وجهت بتوزيع الحالات المؤجلة بمعهد القلب إلى مستشفيات الزيتون التخصصى، وزايد التخصصى، ومبرة مصر القديمة، لإجراء التدخلات الجراحية العاجلة، حرصًا على سرعة إجراء جراحاتهم فى أسرع وقت ممكن، كما كلفت المدير الجديد لمعهد القلب بسرعة إنهاء العمليات المؤجلة للمرضى بدون سبب، وتسهيل إجراءاتهم، حرصًا على صحة وسلامة المرضى.

وأردفت أن وزيرة الصحة شددت على أنه لا تهاون في حق المرضى، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية كافة، حيال تلك المخالفات التي هددت حياة المرضى بسبب التقاعس والتقصير الذي شهده المعهد خلال الفترة الماضية، مؤكدة أنها ستتابع مجريات التحقيق للتأكد من توقيع أقصى العقوبات على جميع المقصرين فى أداء عملهم.

أول تعليق لـ"شعبان" بعد إقالته

وفى أول تصريحات صحفية مقتضبة له بعد صدرو قرار وزيرة الصحة بإقالته، صباح أمس الخميس، قال "شعبان"، إن معهد القلب أكبر مكان يعمل في العالم حيث يعمل على مدار الـ24 ساعة.

وأضاف تعليقا على بيان وزارة الصحة بإقالته واتهامه بالتقصير في عمله، إن المعهد أجرى 253 عملية خلال شهر واحد وهذا يوافق المتوقع والمعتاد.

ووجه العميد المقال حديثه للمتحدث باسم وزارة الصحة قائلا: "كيف سمح له ضميره يقول إني مقصر، وإحنا أكبر مكان بيشتغل في العالم؟، دا جنون!!".

مصالح خاصة وراء إقالة عميد معهد القلب

وفي السياق ذاته، استنكر محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، قرار الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، بإقالة الدكتور جمال شعبان عميد المعهد القومي للقلب.


وقال "فؤاد" في تصريحات خاصة: "كلمنا ممثلين عن المجتمع المدني، ولجنة الصحة بالبرلمان، وقالوا سنبحث ذلك في اجتماع مع الوزيرة يوم الأحد المقبل".


وتابع: "هناك صدمة عنيفة في أوساط المعاهد التعليمية بسبب القرار، وكذلك في أوساط تعمل بمجالات الصحة، ليس معقولا معهد وصلت قائمة الانتظار فيه إلى صفر، وهناك رضاء عن الخدمات المقدمة، أن تتم إقالة مديره".

وأضاف: لا أستبعد وجود يد للمصالح الخاصة، لوجود أكثر من 3 مراكز علاجيه خاصة أغلقت أبوابها، نتيجة جهود المعهد، كما أن نقص المستلزمات مسؤولية وزارة الصحة وليس الأطباء.

مطالبة لرئيس الوزارء بإعادة مدير معهد القلب لمنصبه

كما طالبت جبهة الدفاع عن مستشفى العباسية للصحة النفسية، بوضع معايير واضحة وعادلة لاختيار المديرين، وأخرى لتقييم أعمالهم وأسباب الاستغناء عنهم، وذلك حتى لا يَعزُف الأكفاء عن تولي القيادة في ظل عدم الاستقرار بالمنظومة، والفردية في اتخاذ القرار.

وأضافت، أن الجبهة كفصيل من المجتمع، وجزء من العاملين بوزارة الصحة، مهتم بشئونها ومتواصل مع العاملين في مختلف مستشفياتها وقطاعاتها، فوجئت بخبر الإقالة، على عكس المتوقع من تكريم وحفاوة بمدير أشاد بمجهوداته المرضى قبل العاملين، وشهد المعهد في شهور توليه الإدارة طفرة وتطويرا ملموسا.

واتنتقدت الجبهة، هذه الطريقة في تعيين وإقالة مديري المستشفيات، والتي تعتمد على قرار فردي دون دراسة أو معطيات لاتخاذ القرار، مناشدة رئيس مجلس الوزراء التدخل لتصحيح الأمر والعدول عن هذا القرار.

كواليس ما قبل إقالة مدير معهد القلب

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، كواليس أسباب قرار الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، إقالة الدكتور جمال شعبان عميد المعهد القومي للقلب.

وقال النشطاء: إن "الجولة المفاجئة التي قامت بها الوزيرة للمعهد نهاية فبراير الماضي، شهدت مناوشات من جانب هالة زايد، وتصعيدًا ضد المدير".

وأضاف النشطاء: "الوزيرة قالتله أنت وسخت المعهد لما جيت.. المعهد مكنش كدا، فرد الدكتور جمال: حضرتك كدا بتهدمي مجهود عمال وتمريض وأطباء بكلامك دا".

وعلقت الوزيرة: "متنساش نفسك أنت بتكلم وزيرة"، وهنا رد الدكتور جمال، قائلا: "وزيرة على عيني وراسي يا فندم بس كلام سيادتك لا ينطبق على أرض الواقع.. أنا مستلم المعهد خرابة".

تكريم جمال شعبان وتلقيبه بالمتميز قبل ساعات من إقالته

ومن الأشياء التي تشهد للدكتور "شعبان" بالتفاني والإخلاص في العمل، وقبل الإقالة بأيام معدودة، كرمته جمعية القلب المصرية، والتي تضم كبار أساتذة القلب في مصر من مختلف الجامعات المصرية، في 5 مارس الماضي، وأطلقت عليه لقب شخصية العام، والطبيب المتميز، لما يبذله من جهد وتفانٍ في عمله، وذلك قبل يومين من إقالة وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد له.

وخلال حفل التكريم، قال الدكتور جمال شعبان، إنه بفضل دعوات والدته المرحومة وصل لما هو عليه بعد مشوار من العمل والمثابرة والجد والاجتهاد والعمل ليلا ونهارا.

وأضاف أنه يعمل من السادسة صباحا داخل معهد القلب ويتواجد بين العمال والتمريض ويستمع لشكاوى المرضى لإزالة أسبابها، مؤكدا أن الجميع يعمل لصالح المنظومة الصحية في مصر.

ونجح مدير معهد القلب المقال في أن يجعل غرف العمليات تعمل لمدة 16 ساعة يوميًا، وأنهى قوائم الانتظار طبقًا لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقضاء على قوائم الانتظار للمرضي خلال 12 شخص، وقضى على البيروقراطية والروتين، ورفض أن يكون استكمال أوراق العلاج أولًا، واستبدل تلك الجملة بـ"العلاج أولًا"، لحين استكمال الأوراق من أجل انقاذ المواطن.

وكانت قد شكلت وزيرة الصحة والسكان لجنة لاختيار عميد جديد للمعهد، وذلك للمرة الأولى فى سبتمبر الماضي، حيث أنه كان من المعتاد الاختيار دون تحديد اختبارات.

وكانت أصدرت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، قرارًا بتعيين الدكتور جمال شعبان، أستاذ القلب عميدًا للمعهد القومي للقلب، خلفًا للدكتور أحمد فتحي، بتاريخ 10 سبتمبر الماضي.

يذكر أن وزارة الصحة والسكان، أعلنت عن صدور قرار وزيرة الصحة بإنهاء تكليف الدكتور جمال شعبان، كمدير لمعهد القلب القومى، وإحالته للتحقيق العاجل، نظرا لتقصيره في مهام عمله، وتكليف الدكتور محمد أسامة، رئيس قسم جراحة القلب بالمعهد، بديلًا عنه.