سامى جعفر يكتب: انتبه !.. بطارية الاستقرار يمكن أن تنفد
درجة استقرار أى بلد فى العالم، يمكن أن تزيد أو تنقص، وفق عوامل كثيرة ومتشعبة، ولكنها فى جميع الأحوال، تحدياً يجب توخى الحذر الشديد فى التعاطى معها، خصوصاً فى بلد شرق أوسطى مثل مصر، تتقلب أهواء مواطنيه بشائعة، وينزعجون من الحقائق، وينسون سريعاً أن وطنهم لا يزال متماسكاً رغم وجوده فى قلب العواصف.
أى نظرة بسيطة على مصر مجتمع ودولة تكشف بوضوح أن الوطن على حافة الاستقرار، وأنه من المتوقع أن تستمر هذه الحالة لمدة أطول فى أحسن الأحوال، وفى أسوأها يمكن أن تتعرض البلاد مجدداً لأحداث ثورية أو تعيش أجواء متوترة وهو احتمال قائم وقريب.
ولا يمكن تحميل أى جهة مسئولية هذا الموقف، باستثناء الدولة، لأن مهمتها الحفاظ على مجتمعها الذى يمثل قوتها ومخزونها الاستراتيجى، ولذا عليها أن تدفع الأمور دائماً فى اتجاه طمأنة المجتمع وأن تتخذ من الإجراءات والخطوات التى تعمل على فك الاختناقات السياسية والاجتماعية، بدلاً من التفريط فى رصيد ثقة المواطن فى مؤسسات دولته وفى الفرص المتاحة لجلب الهدوء إلى البلاد.
الاستقرار له ثمن وعائد، ثمنه أن تمنح الدولة حقوقاً لمواطنيها وأن يتسع صدرها لمطالبهم وآرائهم، ولا تضيّق بسهولة من الرأى المختلف والمخالف لتوجهاتها، حتى لا تضع شعبها فريسة الشعور بالقهر والتقييد.
أما العائد من هذه السياسات، فضخم جداً وعميق، وأول هذه المكاسب.. الحرية التى تزيد من التماسك الدخلى والولاء للوطن، وتخفض من درجة التوتر الاجتماعى والسياسى، كما أنها تُحسن من بيئة الاستثمار، الذى يضع فى حساباته مستقبل أى بلد، كما أن التوترات السياسية تتسبب فى فقدان الوطن لأرصدته المالية؛ إذ تدفع الأغنياء إلى نقل ثرواتهم إلى الخارج بدلاً من استثمارها لصالح الوطن والدولة، كما أن البيئة المضطربة تقيد من الاستفادة من الأفكار الإبداعية للطبقة الوسطى التى يصعب على شرائحها الأدنى نقل ثرواتها أو الهجرة إلى بيئة أفضل.
تحدى الاستقرار مستمر، وميزة هذا التحدى أن الاستجابة لمتطلباته ممكنة فى أى وقت، إذ إن الدولة كمؤسسة تملك خيارات متعددة، ويمكنها تحديد درجة التعامل والتعاطى مع المجتمع، أما أسوأ ما فى التعامل مع الموقف فهو أن بعض المؤسسات تعتقد فى فكرة آثمة، وأن الحاضر يمكن أن يستمر وأن يتحول إلى مستقبل، وهو تصرف كلّف مصر الكثير منذ سنوات قليلة ماضية.