لمدة 26 عامًا.. "ظريفة" بنت الأصول تعمل في صناعة الأقفاص بالأقصر (صور)
"بنت الأصول"، مصطلح يطلق على السيدات اللاتي لا يحملن أزواجهن فوق طاقتهم، ندر سماعه في السنوات الأخيرة، مما جعل قاعات محاكم الأسرة تنتشر بها قضايا الخلع، لعدم تحمل الزوجات ضيق الحال بالأزواج، على عكس ما فعلته سيدة أقصرية بعد مرض زوجها، لتعمل في صناعة الأقفاص، لعلاجه وتربية أبناءهما.
"ظريفة محمد جيلاني"، سيدة تعيش في قرية الحلة بمركز اسنا، جنوب محافظة الأقصر، داخل منزل متهالك لا يصلح للعيش الآدمي، بدأت العمل في صناعة الأقفاص بالأجر، منذ 26 عامًا، لمرض رب الأسرة، حيث جعلتها "عزة النفس"، لا تحتاج لسؤال الغير، وتكافح لعلاج زوجها وتربية أطفالهما.
تزوجت ظريفة صاحبة الـ 57 عامًا، في سن مبكر كمثيلاتها من بنات الصعيد، بسن الـ21 عامًا، ورزقت بـ4 أطفال "بنتين وولدين"، ليصاب رب الأسرة بعد 8 سنوات من الزواج بفشل كلوي، وتبدأ رحلة الكفاح بالعمل في صناعة الأقفاص من سعف وجريد النخيل، للمساهمة في علاج الزوج وتربية الأطفال.
ولم يمر عامان من مرض الزوج، حتى وافته المنية، ويترك لها إرثا ثقيلًا من المسئولية تجاه الأطفال الأربعة، الذين عملت على تربيتهم داخل مسكن لا يصلح للاستخدام الآدمي، ليس به دورة مياه، أو أثاث، الأمر الذي زادها إصرارًا على مواصلة تعليمهم، حيث حصل ثلاث من أبنائها على شهادات دبلوم متوسط، وآخر إعدادية، ومساعدتهم في الزواج لتتبقى معها فتاة واحدة تكافح عليها لتجهيزها عند الزواج.
ورغم امتلاك ظريفة مهنة حرفية، إلا أنها طوال هذه السنوات لم تستطع أن تمتلك مشروعًا خاص بها في هذا المجال يدر عليها دخلًا، حيث تشير إلى أنها تعمل من الباطن لصالح تجار آخرين، بداية من السابعة صباحًا حتى حلول ظلام الليل، لتتقاضى أجرًا ضئيلًا على ذلك بقناعة تامة ورضاء.
ومدت مؤسسة ميدان الجنوب للتنمية بالأقصر، يد العون لظريفة، بالتعاون مع مديرية التضام الاجتماعي بالمحافظة، في إطار تنفيذ مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، "حياة كريمة"، حيث أعلن أشرف الهلالي رئيس مجلس أمناء المؤسسة، عن البدء في إعادة بناء منزلها بإنشاء دورة مياه آدمية، وسقف للمنزل المتهالك الذي تعيش فيه، إضافة إلى توصيل المياه له بعد التنسيق والحصول على موافقة شركة مياه الشرب والصرف الصحي، وذلك تقديرا لمجهودها طوال العقود الماضية ومعاناتها في تربية أبنائها بعد وفاة زوجها والعمل في مهنة صناعة الأقفاص التي تصعب على الكثير من الرجال.
وأوضح، أنه من المقرر توفير ٥ آلاف جريدة نخيل للسيدة كبداية لمشروع خاص بها، بعد أن كانت تعمل باليومية في صناعة الأقفاص، كما ستقدم لها مساعدات عينية اخرى مساهمة من المؤسسة لكى تتغلب على مشاق وظروف المعيشة الصعبة.
وأشار إلى أنه تم إدراج اسمها ضمن أسماء الأمهات التي سيتم تكريمهن، من مختلف الدول في يوم عيدهن السنوي، بالمهرجان الدولي السادس للأم المثالية في رحاب جامعة كفر الشيخ بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية ومنظمة الأيسيسكو.