العملات الرقمية... هل ستصبح العملات السائدة في العالم أم هي في طريقها للانهيار؟!
العملات
الرقمية هي تلك العملات التي ليس لها أي أساس مادي ولا يمكن تداولها بين الأشخاص
بصورة مادية واضحة فهي عملات افتراضية، ولكنها عبارة عن شفرات إلكترونية
وخوارزميات معقدة لا يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها، لذلك فهي عملات لا مركزية،
أي أنها لا تخضع لأي من الحكومات أو المنظمات العالمية. وتتحدد قيمة تلك العملات طبقا لمبدأ
العرض والطلب أي أنها تتزايد قيمتها كلما زاد الإقبال عليها والتداول فيها والعكس
صحيح. وأكثر أنواع تلك العملات شهرة هي
البيتكوين، الإيثيريوم، البيتكوين جولد، البيتكوين كاش، اللايتكوين.... إلخ.
ازداد
الطلب على تلك العملات في الآونة الأخيرة، وبناء عليه ارتفعت أسعارها بطريقة
ملحوظة. فقد ارتفع سعر البيتكوين على سبيل المثال في الحادي عشر من
ديسمبر لعام 2017 إلى 19400 دولار أمريكي، لكنه سرعان ما هبط عن
تلك القيمة وظل هو وباقي العملات الرقمية في الهبوط إلى أن وصلت إلى المعدلات
الحالية والتي تعتبر عالية نسبيا حيث يبلغ متوسط سعر البيتكوين الحالي 4000 دولار
أمريكي تقريبا.
بعد ذلك
الارتفاع الحاد في أسعار العملات الرقمية و كثرة تداولها ثم هبوطها مرة أخرى بنسبة
كبيرة مما كانت عليه، اختلفت الآراء حول مستقبل تلك العملات. فيرى البعض أن تلك العملات بلا مستقبل
وأنها في طريقها للانهيار في حين يرى البعض الآخر أن
مستقبل
العالم في تلك العملات برغم ما تمر به من تقلبات. وفيما يلي نستعرض أي التنبؤات بتلك
العملات هو أقرب للصواب:
تحذر أغلب
الحكومات مواطنيها من التعامل بتلك العملات الافتراضية، فقد حذرت الولايات المتحدة
الأمريكية من التعامل بها وشبّهتها بالفقاعة التي يمكن أن تنفجر في أي وقت وتتسبب
في خسائر كبيرة كما حدث في الأسواق المالية التقليدية قبل عشر سنوات. وقد
حذرت أيضا هيئة سوق المال البريطانية المستثمرين من أنهم قد يخسرون كل أموالهم إذا
اشتروا بعملات إلكترونية.
وما حدث
مؤخرا من هبوط قيمة تلك العملات إلى ما يزيد
عن 50% من
أعلى قيمة لها، ثم استمرار الهبوط إلى أن وصلت إلى قيمتها الحالية، جعل الكثيرين
يتوقعون صحة ما حذرت منه الحكومات وأن ذلك الهبوط القياسي ما هو إلا بداية للسقوط
الحر وانهيار قيمة تلك العملات كليا. ويشكل الاتجاه إلى العملات الرقمية
والتداول بها خطرا على الاقتصاد القومي للشعوب حيث ستتضاءل قيمة العملة المحلية
نظرا لقلة الإقبال عليها وفي المقابل تزداد قيمة العملة الرقمية، ولذلك فقد قامت
بعض الدول مثل كوريا الجنوبية بحظر تداول تلك العملات و التحقيق مع ستة بنوك بسبب
تداولهم في تلك العملات.
وما يزيد التوقعات حول ذلك الانهيار
هو افتقار
بعض الطبقات في المجتمعات حول العالم إلى ثقافة تداول تلك العملات، حيث يتطلب
الأمر من الشخص أن يقوم بإنشاء محفظة إلكترونية مثل محفظة بلوكشين وإكسابو وغيرهما
ليجمع بها عملاته كما يجب أن يقوم بمتابعة منصات
التداول العالمية لمعرفة قيمة العملات والتغيرات التي تطرأ عليها وأيضا المواقع الإخبارية. أيضا
إرسال واستقبال العملات الرقمية قد يستغرق بعض الوقت، فغالبا ما تستغرق يوما أو
يومين للإرسال من محفظة إلى أخرى، إلا إذا قام المرسل بدفع مبلغ مالي يعتبر بسيطا
بالنسبة لسعر العملة الرقمية نفسها ليستفد بسرعة الإرسال في المقابل. كل
تلك الأسباب بالإضافة إلى حظر العديد من الحكومات لتداول تلك العملات تجعل قضية
انهيار العملات الرقمية أمرا محتوما لدى البعض.
على الجانب
الآخر، فيرى البعض أن ما حدث في أسواق العملات الرقمية هو فقط مجرد أزمة حادة ككل
الأزمات التي تواجهها الأسواق التقليدية، وأن تلك العملات ستتعافى وتعود كما كانت
من جديد، حيث أن كل ما
تنشره الأخبار بشأن هبوط تلك العملات يعتمد بشكل
أساسي على عامل التداول وليس له أي علاقة بالعامل التكنولوجي وفوائد تلك العملات
ونظام البلوكشين الذي تعتمد عليه أشهر العملات الرقمية وأكثرها تداولا مثل
البيتكوين والإيثيريوم واللايتكوين والذي يتيح تحويل الأموال إلى جميع أنحاء
العالم في غضون خمس دقائق فقط مقابل مبلغ بسيط جدا وليس بنظام السويفت المعروف لدى
جميع البنوك، فجميع ما يقال عن انهيار تلك العملات يعتبر لا أساس له من الصحة لأنه
مبني على أساس المضاربات والقيمة التي ترتفع في الأسواق بسرعة.
وما تمر به
تلك العملات في الآونة الأخيرة يشابه تماما ما حدث في التسعينيات حينما ظهرت شركات
مثل سيسكو وأمازون وكوالكوم وحينما ظهرت فقاعة الإنترنت، ونحن نعلم ما حدث
للإنترنت بعد ذلك و ما هي عليه تلك الشركات الآن. بجانب ذلك فقد كان من المتوقع
هبوط قيمة تلك العملات هبوطا كبيرا نظرا
للارتفاع السريع الذي صعدت به قيمتها.
فلو أخذنا
البيتكوين كأشهر مثال على تلك العملات فنلاحظ أن قيمته قلّت في ديسمبر من كل عام
بداية من 2014 وحتى 2017 بنسبة تتراوح بين 25% إلى
40%، وفي فبراير من
كل عام من تلك الأعوام السابقة استعاد البيتكوين قيمته.
كل ذلك بجانب نظام التشفير الذي تعتمد عليه تلك العملات، وهو
الأمر الذي يجعل اختراق تلك العملات أمرا من أصعب الأمور في الحياة، والحالة
الوحيدة التي يحدث فيها الاختراق هي اختراق المحفظات الإلكترونية، وهذا أمر يرجع
إلى حماية المستخدم نفسه وليس إلى نظام التشفير. وقد تواجدت في الولايات المتحدة
الأمريكية وبعض الدول الأوروبية ماكينات لسحب وإيداع البيتكوين كاش والدفع والشراء
به من الأماكن التي تتيح التعامل به.
أما
بالنسبة لعامل الضرائب والقوانين المتشددة بالنسبة للمستثمرين، فتمتلك العملات
الرقمية الميزة في تلك الحالة لأنها توفر نوعا من الحماية لهؤلاء المستثمرين. ومن
المتوقع أن يكون هناك عودة لارتفاع قيمة تلك العملات مرة أخرى لكنها لن تكن بنفس
السرعة التي رأيناها من قبل، وطبقا لما سبق توضيحة فإن تلك العملات من المتوقع أن
يكون لها مكانة كبيرة جدا في السوق العالمية مستقبلا.