أبوالغيط: الأوضاع العربية تواجه تحديات صعبة على مختلف الجبهات

عربي ودولي

السيد أحمد أبو الغيط
السيد أحمد أبو الغيط - أرشيفية


قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط إن الأوضاع العربية تواجه تحدياتٍ صعبة على مختلف الجبهات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ولا زالت بعض دولنا تعيش أزماتٍ ممتدة لها تبعاتٌ إنسانية وأمنية تتجاوز حدودها، وتُلقي بظلالها على الوضع العربي برمته وثمة جهودٌ مخلصة لتسوية هذه الأزمات.

 

وأضاف الأمين العام في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة ١٥١ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، أن هناك اقتناعا متزايدا لدى مختلف الأطراف بأن الحلول العسكرية لن تحسم هذه النزاعات ذات الطبيعة الأهلية، وأن الحلول السياسية وحدها هي الكفيلة بتحقيق استقرار على المدى الطويل يحفظ للدول وحدتها واستقلالها، وجميعنا يعرف أن التئام جراح المجتمعات التي مزقها الصراع والاحتراب الداخلي تستلزم وقتاً وصبراً ونفساً طويلاً.

 

وأوضح أبوالغيط أن التحديات الخطيرة تستدعي استجابات في ذات المستوى، وقد تواتر خلال الشهور الماضية عددٌ من الإشارات والعلامات على استجابة عربية في مستوى التحدي، وأن انعقاد القمة العربية التنموية الرابعة ببيروت خلال شهر يناير الماضي، وبعد ست سنواتٍ كاملة من الغياب، هو محطة هامة من دون شك، ذلك أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بمعناها الشامل، تظل جسراً لا بديل عنه للخروج من الأزمات، وبوابة للدخول إلى العصر.

 

أضاف الأمين العام أن الشعوب والحكومات العربية على حدٍ سواء أدركت أنه لا استقرار من دون تنمية شاملة تلمس مختلف أوجه حياة المواطن العربي، وتُعالج مواطن الضعف والخلل فيها، وترتقي بها وتُحسن نوعيتها، وأن استعادة دورية القمة التنموية هي مؤشرٌ لا ينبغي إغفالُه على استعادة العمل العربي المشترك لحيويته وانتظام مساراته وتنشيط آلياته بعد سنوات تأثرت فيها هذه المسارات بواقع إلحاح الأزمات.

 

وأكد إن انعقاد القمة العربية- الأوروبية في شرم الشيخ الشهر الماضي يعد مؤشرٌا آخر على استعادة الجسد العربي لعافيته وحرصه على الانخراط النشط مع التجمعات والتكتلات العالمية فهذه القمة، التي عُقدت للمرة الأولى، حققت نجاحاً في التقريب بين منطقتين مركزيتين في الجغرافية الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم.

 

وأشار إلى أن العالم العربي يُقدر الشراكة مع الجانب الأوروبي، كما يُقدر دور الاتحاد الأوروبي وثقله الاقتصادي على الصعيد الدولي، وقد مثلت هذه القمة فرصة ممتازة لحوار صريح بين الجانبين حول أولويات كل طرف والاتفاق على أجندة المستقبل.. معتبرا أن استقرار المنطقة العربية مهم لاستقرار الفضاء الأوروبي، ولا تخفى دلالة عنوان البيان الختامي الصادر عن القمة: "في استقرارنا نستثمر"، إن الاستثمار في هذا الاستقرار يقتضي تبني رؤية طموحة والتزامات مشتركة من الجانبين، ولا شك أن هذه القمة، الأولى من نوعها، تضع اللبنة الأولى في صرح شراكة واسعة وعميقة بين منطقتين تحتاجان لبعضهما البعض، ويرتكز ازدهار وأمن شعوبهما على تمتين أواصر تعاونهما وشبكات العلاقات المؤسسية بينهما في كافة المجالات.

 

وقال أبوالغيط : ربما ساد اعتقادٌ بين الكثيرين بأن أزمات العرب صرفتهم عن قضيتهم الأخطر؛ القضية الفلسطينية .. ورأيي أن هذا التصور لا يعكس الواقع، بقدر ما يُعبر عن أمنيات البعض في طمس القضية وتمييعها، فالقضية الفلسطينية حاضرةٌ في مكانها في صدارة الأولويات العربية، لأننا نُدرك جيداً أن الاستقرار الدائم في المنطقة يتحقق فقط بتسوية عادلة تُفضي إلى انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

 

وأضاف إننا نُراقب الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بقلق وانزعاج بالغين، ونُذكِّر بأن غياب العملية السياسية مستمرٌ منذ سنوات، فيما الأوضاع على الأرض تتجه كل يوم إلى تصعيد الضغوط وتكثيف القمع والتضييق على الشعب الفلسطيني، وللأسف فإن هذه الإجراءات، وآخرها ما يجري في القدس الشريف من إبعادٍ للقيادات الدينية والسياسية، قد عطلت المسار السلمي فعلياً لأكثر من عامين انتظاراً لخطةٍ سلام أمريكية لم نر منها سوى إجراءات تعسفية ضد الفلسطينيين وحقوقهم.

 

ودعا جميع الدول الصديقة إلى الالتفات إلى خطورة استمرار الوضع في الأراضي المحتلة على هذا النحو، وقابليته للانفجار إن لم يجرِ استئناف عملية سياسية ذات مصداقية ولها إطار زمني محدد، تُفضي إلى حل نهائي للصراع، وتفتح الباب أمام علاقات حسن جوار وتعاون في المنطقة بأسرها.

 

وقال الأمين العام للجامعة العربية: "إننا نتطلع جميعا إلى قمة ناجحة في تونس نهاية هذا الشهر.. ونأمل أن تضعنا هذه القمة على بداية طريق الخروج من الأزمات، واستعادة الاتزان للوضع العربي بعد سنوات مؤلمة كلّفت الأمة كلها الكثير من أمنها واستقرارها ومقدراتها.