خاص| "الفجر" فوق السقالات توثق مراحل "الترميم الدقيق" لزخارف سقف طنبغا المارداني
إن عملية الترميم الدقيق للزخارف والألوان في الآثار بشكل عام وفي الآثار الإسلامية بشكل خاص، ليست بالعملية البسيطة أو الهينة، وإنما هي عملية شاقة ولها عدة مراحل تشبه إلى حد كبير عمليات التجميل الدقيقة المصحوبة بتقويمات وصيانات عدة.
ورصدت كاميرا بوابة الفجر الإلكترونية عمليات الترميم الجارية في سقف جامع طنبغا المارداني في شارع باب الوزير، وهي عملية دقيقة للغاية تتعلق بالنقوش على الخشب وإعادتها أقرب ما يكون لحالتها الأصلية.
وصاحبت "الفجر"، الدكتور محمود حلمي أخصائي ترميم وقائد المجموعة في جامع المارداني، أثناء همليات الترميم الجارية في سقف الجامع، وعلى ارتفاع ما يقرب من 9 أمتار بدأ الحديث حول المراحل التي تتم على العناصر الزخرفية وكيفية إعادتها للحياة مرة أخرى.
وعن المرحلة الأولى من الترميم الدقيق للزخارف في سقف الجامع قال حلمي في تصريحات خاصة لبوابة الفجر الإلكترونية، إنها تتمثل فيما يسمى بالتنظيف الميكانيكي والتي تعني تنظيف كل نقش يدويًا حيث يقوم المرمم بإزالة الأتربة ثم إجراء ما يسمى بالإسعافات الأولية والتي فيخا يثم تثبيت الألوان بمواد كيميائية بنسب محددة مثل مادة البيرميل المخفف بنسبة 5 %.
وأضاف حلمي ثم تأتي المرحلة الثانية، والتي تتمثل في رد القشور التي انفصلت عن الجدار، وبالطبع الخشب مكون من طبقات بعضها فوق البعض، والطبقة العليا هي التي تحمل النقوش، ومع الوقت والزمن تبرز القشرة وتأتي عملية رد القشور التي تعيدها إلى موضعها، والقشور التي لا تستجيب يتم معالجتها بالسبتيولا الحرارية، وهي عبارة عن نصل مفلطح من الأمام يتم الضغط به فوق النقش بعد وضع فاصل بينهما.
وأكمل حلمي ثم تأتي المرحلة الثالثة وهى الفواصل، حيث يتم معالجتها بأحد طريقتين، لو أن الفقد كبير فيتم استكماله بنفس الخامة وهي الخشب العزيزي، ولو كان الفقد بسيط نستخدم خشب البلس وهو نوع من الخشب الذي يستجيب يستجيب للضغط، فهو لين فلو الفاصل ضغط عليه ينطغط، ولو اتسع ينتفش معه، وبالطبع يكون ذلك بالسنتيمرات.
وأشار حلمي إلى أن الشروخ الضيقة نستخدم فيها بودرة الخشب مع مادة لاصقة، ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي التنظيف، حيث يتم حذف كل الزوائد الناتجة عن الترميم، ثم يعقب ذلك الريتاتش وهو لا يعني إعادة التلوين، وإنما التنظيف حتى يظهر اللون، ثم تأتي مرحلة العزل للسقف كاملًا ضد الرطوبة والحرارة بالبارولويد المخفف.
يذكر أن الدكتور خالد العناني وزير الآثار كان قد قام بزيارة لجامع طنبغا المارداني، في أكتوبر 2018، لمتابعة أعمال الترميم الجارية به، حيث جرى توقيع مذكرة في نهاية مايو الماضي بين وزارة الآثار ومؤسسة الأغا خان - مصر للخدمات الثقافية - مصر، لترميم مسجد الطنبغا، والمذكرة تهدف بشكل أساسي إلى تنفيذ مشروع ترميم المسجد، الممول من الاتحاد الأوربي وشركة آغاخان، تحت عنوان "التراث الثقافي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية".
ومسجد طنبغا المارداني، هو أثر يرجع العصر المملوكي، وتم انشاءه عام 740هـ، ويقع في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر، وقام ببنائه الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله الماردانى الساقي، المعروف بالطنبغا الماردانى أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وتم بنائه على نمط المساجد الجامعة.
يتوسطه صحن تحيط به أربعة أروقة، أعمقها وأكبرها ذلك الرواق الذي يأخذ اتجاه قبلة الصلاة، وللمسجد ثلاثة أبواب وتوجد على يسار المدخل مئذنة مكونة من ثلاث دورات، وللمسجد قبة بثمانية أعمدة جرانيتية تسبق المحراب.
وتتوسط الصحن نافورة رخامية، وهي منقولة من جامع السلطان حسن ضمن أعمال لجنة حفظ الآثار العربية على المسجد، وواجهة الرواق الشمالي مغطاة برخام نقش عليه تاريخ الإنشاء، وباقي أجزاء حائط القبلة مغطى بوزر من الرخام الدقيق المطعم بالصدف.
ومسجد طنبغا المارداني، به العديد من العناصر الأثرية النادرة والتي تكاد تكون مقصورة على جامع الطنبغا، إضافة إلى الطرز الكتابية سواء الموجودة على الحجاب الخشبي لظلة القبلة، أو على حوائط المسجد.