في ذكرى ميلاده.. كيف رسم محمد علي باشا ملامح مشروعه التحديثي لمصر؟

تقارير وحوارات

محمد علي باشا
محمد علي باشا



اتسم بحبه للحياه وتميزه بالنشاط، حتى استطاع أن يعتلي عرش مصر، بعد أن رسم صورتها المستقبلية في عهده، فعندما تولى ولاية مصر أدرك تمامًا أنه لم يتول أمر ولاية عادية، فمصر كانت من أهم وأخطر الولايات في الدولة العثمانية، إنه مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، والذي ولد في مثل هذا اليوم.

لم يكن حلم محمد علي، عند ولايته لمصر أن يكون واليا عاديا، يقضي سنة أو عدة سنوات ثم يترك مصر لينتقل إلى ولاية جديدة ولكنه أدرك مبكرًا أن مصر مؤهلة لتصبح قاعدة لدولة حديثة له ولأولاده، لذا في ذكرى ميلاده، تستعرض "الفجر"، انجازاته وكيف رسم ملامح مشروعه التحديثي الكبير؟، فيما يلي.

خلال فترة حكمه، استطاع أن ينهض بمصر عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا، مما جعل من مصر دولة ذات ثقل في تلك الفترة، واستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية، بخبراء أوروبيين، فضلاً عن الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات، في الثلاثينات من القرن التاسع عشر.

وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية، سياسته التعليمية والتثقيفية الحديثة، فقد آمن بأنه لن يستطيع أن ينشئ قوة عسكرية على الطراز الأوروبي المتقدم، ويزودها بكل التقنيات العصرية، وأن يقيم إدارة فعالة، واقتصاد مزدهر، يدعمها ويحميها، إلا بإيجاد تعليم عصري، يحل محل التعليم التقليدي.

التعليم المدني
وبدأ أولاً بتأسيس المدارس العليا "الكليات"، وإيفاد البعثات لها لكي يقوم المتخرجون من هذه المدارس بمسئولية التعليم في المراحل الدراسية الأولى. وخلال المدة من عامي 1813  و 1847  أوفد محمد علي بعثات لإيطاليا و فرنسا و انجلترا للتعليم و اكتساب الخبرات اللازمة، و كانت البعثات في أول الأمر لدراسة الفنون العسكرية و بناء السفن و الملاحة و تعلم الهندسة و الميكانيكا و أصول الري و الصرف، ثم أرسلت البعثات فيما بعد لدراسة القانون والسياسة من طلاب الأزهر إلي النمسا و انجلترا.

قانون العلاقات بين الدوائر الحكومية
كما وضع للحكومة نظاماً انطلاقاً من فكرة الدواوين الاستشارية التي أقامتها الحملة الفرنسية و تمشياً مع أفكاره في البناء و الإصلاح، فكون الديوان العالي التي انحصرت مهامه في التداول مع أعضائه في الشئون المتعلقة بالحكومة قبل الشروع في تنفيذها، ولرئيس الديوان، نائب محمد علي، سلطة واسعة في كافة شئون الحكومة.

وفي عام 1837،  أصدر محمد علي القانون الأساسي لتنظيم العلاقات بين الدوائر الحكومية و اختصاصاتها، وفي أواخر حكمه عام 1847 ميلادية  ألف ثلاث مجالس جديدة هي المجلس المخصوص للنظر في شئون الحكومة الكبري و تشريع اللوائح و القوانين، و المجلس العمومي و الجمعية العمومية للنظر في شئون الحكومة العمومية التي تحال إلي كل منهما.

منشآته المعمارية
ولن يكتفي محمد علي، عند هذا الحد فكان أول من اختط أحياء شبرا وروض الفرج عندما شق شارع شبرا سنة 1808 ليربط بين القاهرة و قصره الذي بناه في شبرا الخيمة، وكذلك المصانع المنتشرة فيها.

 ومن أهم منشآت محمد علي المعمارية قصره، و قصري الجوهرة و الحرم في القلعة، كما أنشأ سبيلين، سبيل طوسون في حارة العقادين أنشائه سنة 1820 م صدقة علي روح ابنه طوسون، و سبيل اسماعيل في النحاسين الذي بناه سنة 1828 صدقة علي روح ابنه اسماعيل الذي توفي في السودان، و من أشهر منشآته أيضًا مسجده الذي يعرف باسمه في القلعة و الذي صممه علي الطراز التركي و يشبه مسجد السلطان أحمد باستانبول.

الزراعة
واعتنى بالريّ وشق العديد من الترع وشيّد الجسور والقناطر، كما وسّع نطاق الزراعة، فخصص نحو 3,000 فدان لزراعة التوت للاستفادة منه في إنتاج الحرير الطبيعي، والزيتون لإنتاج الزيوت، كما غرس الأشجار لتلبية احتياجات بناء السفن وأعمال العمران، وفي عام 1821، أدخل زراعة صنف جديد من القطن يصلح لصناعة الملابس، بعد أن كان الصنف الشائع لا يصلح إلا للاستخدام في التنجيد.

مشروعات صناعية
وقام بإنشاء مشروعات صناعية، حيث قام بإرسال البعثات التعليمية للخارج وقام بتعيين خبراء أجانب لتدريب الجيش المصري، وغيرها من المشاريع ذات الطابع الانفتاحي على العالم، وخاصة بعد العُزلة الطويلة التي عاشتها مصر في زمن العثمانين والمماليك في عام 1831.