الدستورية تكشف عن أسباب منح الجيش والشرطة حق التصويت في الانتخابات

أخبار مصر

الدستورية تكشف عن
الدستورية تكشف عن أسباب منح الجيش والشرطة حق التصويت في الا

أعطت الملاحظة التي أبدتها المحكمة الدستورية العليا بمصر على قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الذي أرسله إليها مجلس الشورى، الحق لمليون و63 ألف و500 عسكري وشرطي بالتصويت في الانتخابات، وذلك في خطوة غير مسبوقة في تاريخ مصر، ليضافوا إلى جداول الناخبين المسجل بها أكثر من 50 مليون ناخب مصري.

ووفقا لتقديرات غير رسمية استنادا لمصادر عسكرية مصرية ومراكز أبحاث غربية منها المعهد الدولي للدراسات الاسترتيجية iiss ، فإن عدد من سيسمح لهم بالتصويت من الأمن المركزي (مجندون بقوات فض الشغب التابعة للداخلية) حوالي 325 ألفا، ومن أفراد وزارة الداخلية حوالي 240 ألفا، ومن وحدات الجيش 438 ألفا و500 شخصا، ومن الحرس الجمهوري (قوات عسكرية تابعة لرئاسة الجمهورية) 60 ألفا، بما يفوق إجمالا المليون ناخب.

وفيما لم يتطرق الدستور الجديد لمشاركة الجيش والشرطة في التصويت في الانتخابات التي جرى العرف في مصر على عدم مشاركتهم، قالت المحكمة الدستورية العليا أمس في ملاحظتها التي تعد ملزمة لمجلس الشوري بحسب الدستور، إنه لا يجوز حرمان أى مواطن من ممارسة حقه الدستوري في الانتخاب متى توافرت فيه شروطه، إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرر موضوعي مؤقت أو دائم، يرتد في أساسه إلى طبيعة حق الاقتراع، وما يقتضيه من متطلبات ، بحسب نص ملاحظات المحكمة التي نشرتها اليوم.

كما أن حق المواطنة يستلزم المساواة بين المواطنين في الحقوق، والواجبات العامة، ولا يجوز تقييده أو الانتقاص منه إلا لمبرر موضوعي، ومن ثم يكون حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية طوال مدة خدمتهم بسبب أدائهم لهذه الوظائف، رغم أهليتهم لمباشرتها ينطوي على انتقاص من السيادة الشعبية، وإهدار لمبدأ المواطنة فضلاً عن خروجه بالحق فى العمل عن الدائرة التي يعمل من خلالها وهو ما يعد مخالفة لمواد الدستور ، بحسب ملاحظات المحكمة.

ورغم أن الدستورية العليا (التي يمنحها الدستور المصري سلطة الرقابة السابقة على القوانين)، كان لها أكثر من ملاحظة أمس على القانون، إلا أن الملاحظة الخاصة بتصويت رجال الجيش والشرطة هي التي أحدثت جدلا كبيرا، حيث كشفت تصريحات خاصة حصل عليها مراسل الأناضول من الحكومة وقيادات بالمعارضة المصرية وحزب الحرية والعدالة الحاكم وخبراء عسكريين، عن تباين الآراء حول تلك الملاحظات.

حاتم بجاتو، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، وعضو المحكمة الدستورية السابق، علق على ملاحظة المحكمة قائلا: إن المحكمة الدستورية رأت أن الانتخابات حق دستورى يشمل الجميع، ولا يمكن أن يحرم أحد بحكم عمله ويجب تطبيق ملاحظات المحكمة دون التفاف ، إلا إن بجاتو أعرب في الوقت نفسه عن اعتقاده بضرورة أن ننأى بالجيش والشرطة عن العمل السياسى ، مؤكدا أنه ضد تصويت الجيش والشرطة فى الانتخابات - من وجهة نظره الشخصية .

وقال النائب عصام العريان، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى: هل سيسمح بدخول كاميرات تليفزيونية ومراقبين داخل معسكرات الأمن المركزى والثكنات العسكرية لتصوير عمليات الاقتراع؟.

وتساءل أيضا: هل ستسمح القوات المسلحة (الجيش) للمرشحين بالحصول على أسماء الناخبين من أفراد تلك القوات وأماكنهم ؟.

وطالب العريان في تصريحه للأناضول، المحكمة الدستورية بتحديد وتنظيم آلية تصويتهم، موضحا أن حزب الحرية والعدالة شكل لجنة قانونية لدراسة قرار المحكمة.

وشدد العريان على ضرورة الفصل بين السماح للجيش والشرطة بالتصويت، وبين اعتبارات الأمن التى تفرضها القوات المسلحة على ثكناتها.

واتفق رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوسط (المقرب من الحزب الحاكم)، محمد عبد اللطيف مع ما ذهب إليه العريان، وقال: يجب أن يكون رجال الجيش والشرطة بعيدين عن أي موقف سياسي أو حزبي، وأعتقد أنه سيكون هناك اعتراض من القوات المسلحة على هذا الموضوع .

وتابع: المفروض أن أبناء القوات المسلحة هم حماة الشرعية ويبنغي ألا يكون لهم انحيازات سياسية، لأن هذا ليس في مصلحة البلد .

وتساءل عبد اللطيف، مستنكرا: هل من حقي أنا أو غيري كمرشح، دخول وحدات القوات المسلحة والشرطة، لأقنع الأفراد بمنطقي السياسي لينتخبوني؟ .

من جانبه، وصف محمد الصغير رئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية (إسلامي) ملاحظة المحكمة الدستورية بـ غير المنطقية ، قائلا: كيف أمنحه حق التصويت وأمنعه من الترشح؟ .

وأوضح أن الهدف هو إيجاد كتلة تصويتية موجهة، فالجيش والشرطة مؤسسات قائمة على السمع والطاعة، فيصبح لدينا مرشح شرطة ومرشح جيش، وهذا ينسف الحياة السياسية .

واتفق مع الآراء السابقة جورج إسحاق القيادي بجبهة الإنقاذ التي تقود المعارضة المصرية، حيث وصف ملاحظة المحكمة الدستورية بأنها: أمر خطير للغاية وغير مقبول .

وقال: الجهات السيادية لابد وأن تبقى محايدة وليس لها أي أنشطة سياسية ، مشيرا إلى أن تلك الجهات وفي مقدمتها الجيش والشرطة إذا تدخلت في صراع الانتخابات فتلك مسألة في غاية الحساسية والخطورة ولابد من تقويمها بأي شكل من الأشكال .

ولفت إسحاق إلى أنه من حق أي مواطن أن يباشر حقوقه السياسية ولكن يبقى هذا الأمر غير مقبولا مع الجهات السيادية خاصة أن تلك الجهات ولا سيما القوات المسلحة والشرطة هي التي تؤمن عملية الانتخابات وتبقى طرفا محايدا فيها ، متسائلا: كيف تؤمن تلك الجهات العملية الانتخابية وفي الوقت نفسه يكون لديها حق التصويت؟ .

وشاركت قوات من الجيش المصري رجال الشرطة في تأمين الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت عقب ثورة يناير 2011.

وعلى عكس رأي إسحاق، يرحب محمد أبو الغار القيادي بجبهة الإنقاذ بتصويت الشرطة والجيش، قائلا: هم يصوتون في كل العالم، فما المشكلة في تصويتهم بمصر .

ووصف أبو الغار ،الاعتراض على ملاحظات الدستورية بأنها نوع من التلكؤ ، موضحا أن الإخوان المسلمون يعلمون أن القانون سيرفض، وسيتلكئون في التعديل وفقا لهذه الملاحظات، لأنهم لا يريدون خوض الانتخابات في الوقت الراهن لتدهور شعبيتهم .

من جانبه، قال أحمد إمام عضو المكتب السياسي بحزب مصر القوية إن هذه الملاحظة جاءت بسبب الصياغة الركيكة للدستور (الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء شعبي نهاية العام الماضي)، والتي جعلته يحمل أكثر من تفسير .

وتوقع إمام الكثير من المشاكل التي يثيرها هذا الدستور مستقبلا، لأن اللجنة التي قامت على كتابته لم تكن على درجة عالية من الكفاءة .

وشدد إمام على رفضهم لتصويت الجيش، مشيرا إلى أن موقف حزب مصر القوية هو إبعاد الجيش عن السياسة، ليبقى مؤسسة محايدة تحمي الوطن.

لكنه في المقابل، لا يرى أن ما ينطبق على الجيش يمكن تطبيقه على الشرطة، وقال: ليس لدينا مشكلة في تصويت أعضاء الشرطة على اعتبار أنها هيئة مدنية وليست عسكرية .

الخبراء العسكريون بدورهم حذروا من خطورة هذه الخطوة غير المسبوقة ، وقال اللواء عادل المرسي، رئيس القضاء العسكري السابق: السماح للجيش بالتصويت، يؤدي لانشغاله بالسياسة، والآراء السياسية محظورة داخل المؤسسة العسكرية .

وتساءل المرسي: وحين أسمح لأفراد هذه الهيئات بالانتخاب، هل سأسمح للمرشح بدخول الثكنات للدعاية الانتخابية .

ويتفق اللواء علا عزالدين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا مع الرأي السابق، وقال: أرى بحكم انتمائي للمؤسسة العسكرية أن هذا التوجه سيضر بالوطن أكثر مما يفيد .

وتابع: حرمان أفراد القوات المسلحة من التصويت ليس انتقاصا من حقوقهم، ولكن لأن طبيعة عمل المؤسسة هو أن تظل على الحياد من أجل الصالح العام .

من جانبه، أشار الخبير الاستراتيجي محمد بريك إلى ما أسماه الأخطار التي يمكن أن تنجم عن السماح بتصويت أفراد الجيش .

وأوضح بريك: تصويت العسكريين يؤدي لتسييس المؤسسة، وهذا قد يؤدي لنتيجتين، الأولى تقليل التماسك الاحترافي للجيش بين أفراده، وزيادة فرص تدخله السياسي، مما قد يقود مستقبلا لدرجة عالية من الطموح السياسي