المركز الإعلامي للأزهر: "الطيب" لم يتطرق مطلقا لحظر أو تحريم تعدد الزوجات
قال المركز الإعلامي للأزهر الشريف، إنه تابع ما أثارته بعض المواقع الإليكترونية وشبكات التواصل الإعلامي حول حلقة أمس الجمعة من برنامج "حديث شيخ الأزهر" المذاع على الفضائية المصرية، وما تضمنته الحلقة من حديث حول مسألة "تعدد الزوجات".
وبحسب البيان الذي صدر اليوم، شدد المركز على أن فضيلة الإمام الأكبر لم يتطرق مطلقا إلى تحريم أو حظر تعدد الزوجات، بل سبق لفضيلته أن قال، خلال كلمته أمام مؤتمر الإفتاء العالمي، في 17/10/2016، نصا: "وأبادِرُ بالقولِ بأنَّني لا أدعو إلى تشريعاتٍ تُلغي حقَّ التعدُّدِ، بل أرفُضُ أيَّ تشريعٍ يَصدِمُ أو يَهدِمُ تشريعاتِ القرآنِ الكريمِ أو السُّنَّةِ المُطهَّرةِ، أو يَمسُّهمَا من قريبٍ أو بعيدٍ؛ وذلك كي أقطعَ الطريقَ على المُزايِدِينَ والمُتصيِّدين كلمةً هنا أو هناك، يَقطَعونها عن سِياقِها؛ ليتربَّحوا بها ويتكسَّبوا من ورائها". ولكنِّي أتساءلُ: ما الذي يَحمِلُ المُسلمَ الفقيرَ المُعوِزَ على أن يتزوَّجَ بثانيةٍ -مثلًا- ويتركَ الأولى بأولادِها وبناتِها تُعاني الفقرَ والضَّياعَ، ولا يجدُ في صَدْرِه حَرَجًا يردُّه عن التعسُّفِ في استعمالِ هذا الحقِّ الشرعيِّ، والخروجِ به عن مقاصدِه ومآلاتِه؟!".
وأضاف: انصب حديث فضيلته، خلال حلقة أمس الجمعة، على فوضى التعدد وتفسير الآية الكريمة المتعلقة بالموضوع، وكيف أنها تقيد هذا التعدد بالعدل بين الزوجات، كما رد فضيلته على الذين يعتبرون أن تعدد الزوجات هو الأصل.
نرشح لكم: شيخ الأزهر: تعدد الزوجات الذي نراه في حياتنا المعاصرة أغلبه يتضمن أشكالا من الظلم للمرأة
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن تراثنا يتضمن وجهات نظر مختلفة في فهم "اشتراط الكفاءة في الزواج"، فالبعض يرى أنه لا بد أن يكون الشاب في نفس المستوى الاجتماعي للفتاة، لكن الفهم الأقرب للنصوص الصحيحة هو أن الكفاءة تكون في الدين، بمعنى التقوى، وهي لا تعني التزام المسجد أو اللحية فقط، إنما التقوى تعني الأخلاق كاملة، فلا يمكن أن يوصف شخص بأنه تقي وهو ساقط في ميزان الأخلاق.
وأضاف فضيلته، خلال برنامجه الأسبوعي على "الفضائية المصرية"، أن ما يؤسس الحياة الزوجية الصالحة ليس المال أو الجاه، وإنما هو الدين الذي يشكل البوصلة الوحيدة التي تصحح مسار الأسرة باستمرار، لكن شريطة أن نفهم الدين بمعناه الصحيح وليس بالمعنى المبتذل الآن، وهو التدين الشكلي، فالتدين الحقيقي هو المتضمن للأخلاق؛ لأن الدين والأخلاق وجهان لعملة واحدة، فالذي يكذب أو يخون أو يظلم ليس متدينا ولو كان يقضي اليوم كله في المسجد.
وأوضح الإمام الأكبر أن مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلما للمرأة وللأولاد في كثير من الأحيان، وهي من الأمور التي شهدت تشويها للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية، لذا علينا أن نقرأ الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ "مثنى وثلاث ورباع"، وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها.
وتساءل فضيلته: هل المسلم فعلا حر في أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة على زوجته الأولى؟ أم أن هذه الحرية مقيدة بقيود وشروط؟ بمعنى أن التعدد "حق مقيد" أو نستطيع أن نقول إنه رخصة، والرخصة تحتاج إلى سبب، فمثلا الذي يقصر الصلاة رخصته مشروطة بالسفر، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة، فالتعدد مشروط بالعدل، وإذا لم يوجد العدل يحرم التعدد، والعدل ليس متروكا للتجربة، بمعنى أن الشخص يتزوج بثانية فإذا عدل يستمر وإذا لم يعدل فيطلق، وإنما بمجرد الخوف من عدم العدل أو الظلم أو الضرر يحرم التعدد، فالقرآن يقول: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
وشدد شيخ الأزهر على أن أولى قضايا التراث التي تحتاج إلى تجديد هي قضايا المرأة، لأن المرأة هي نصف المجتمع، وعدم الاهتمام بها يجعلنا كما لو كنا نمشي على ساق واحدة، مؤكدا أنه لا يوجد تشريع أو نظام توقف واهتم بقضية ظلم المرأة مثلما توقف القرآن ومثلما توقفت الشريعة الإسلامية، فمن يقولون إن الأصل في الزواج هو التعدد مخطئون، وعلى مسؤوليتي الكاملة، فإن الأصل في القرآن الكريم هو: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".