حلاوتهم تعود لمنزلها.. وابنتها تروي اللحظات الأولى بعد تحسن صحتها: لم تتذكر إلا أنها أقوى من الإرهاب
بينما استقرت على سريرها، أدارت بأعينها إلى منزلها الذي كادت أن تقين بأنها لم تكن تعود إليه، متحسسه أيدى نجلتها الصغرى التي إرتمت في أحضانها ليذوب خوفها، فلم يكن عقل تلك الصغيرة يستوعب ما حدث.
ففي صباح يومها المعتاد، خرجت السيدة "حلاوتهم" لشراء أغراضها، وما إن لامست قدميها حارة منزلها في ثنايا منطقة الدرب الأحمر، سبق صوت الانفجار خطوتها، فارتمت على الأرض ولم تشعر بشيء.
لم يكن مشهد السيدة "حلاوتهم" وهي تحمل أغراضها عاديًا، فظهورها قبل دوى الانفجار الذي أحدثه الإرهابي المرصود من قبل قوات الأمن، جعلتها بطلة تلك الحادثة إلى أن لقبت بـ "سيدة الأكياس".
وما إن صدع الانفجار الذي أحدثه الإرهابي حارة السيدة، تبعته الإسعاف وقوات الأمن، لتنتقل "سيدة الأكياس" إلى المستشفى في الوقت الذي اعتقد أن يفصلها عن منزلها دقائق معدودة، لتعود إلى زوجها ونجلتيها.
ساعات قاضتها "حلاوتهم" في المستشفى نُزعت خلالها شظية من أسفل ظهرها، وجُبست ساقها، وعادت بوعيها لتدرج ما حدث لتحمد الله على أن قبضة قوات الأمن كانت أكبر من أى إرهاب.
وعقب استقرار حالتها الصحية، خرجت "سيدة الأكياس" إلى منزلها في محاولة الاندماج منذ صباح أمس مع عالمها من جديد، إلى أن إرهاقها كان أكبر، فلم يمر 48 ساعة على خروج السيدة، وكانت امتنعت عن الكلام، هي تدرج أن حالتها الصحية لم تكن تستدعى كل هذا إلى أن تذكرها تلك اللحظات الصعبة لم يمر مرور الكرام عليها.
فتقف نجلتها الكبرى تترقبها من بعيد لتتيقن استغراقها في النوم، وتتمنى لو أن تخلق أحديثها معها من جديد، ولكن كلامها كان محدودًا بأنها بخير ولكنها تحتاج قسط من الراحة.
فـ "سيدة الأكياس" بسيطة مثل منزلها الذي لا تكاد معالمه تظهر من البطاطين والمفروشات التي تزين المحل الكائن أسفله، ولا تختلف ابنتيها عنها كثيرًا فتنبع البراءة من أعينهما، "مشكلة ماما نفسية أكبر منها صحية.. محتاجة وقت ترتاح"، تقولها نجلتها الكبرى وهي تروي الساعات التي تلت خروج والدتها من المستشفى.
تروي الفتاة أن والدتها فور خروجها كانت بصحة جيدة وتتمنى أن تتكلم، إلى أن الحديث عن الحادث يجعلها في حالة ليست بعادية، فتتصدع أذانها بصوت الانفجار الذي تتخيله من جديد، مما جعل الحقن المهدئة هي وسيلتها لكي تخطف ساعات قليلة من النوم.
"فضلت تصوت".. هكذا تحكي الفتاة عن ما حادث صبيحة اليوم مع والدتها، عقب العودة للحديث عن الحادث، فهي تريد أن تتجاوز تلك اللحظات وكأنها لم تكن، ليكون نزع الجبس من ساقها هو آخر ما يربطها بها، ولا تتذكر سوى إنها كانت أقوى من الإرهاب.
وإن كانت حالة "سيدة الأكياس" طبيعية على كل من يمر بمثل موقفها، إلى أن وقوعها بها، يقلق نجلتيها وزوجها، فكان تفكيرهما بأن يتركوا منزلهما لبعض الوقت لكي تأخذ "حلاوتهم" قسط من الراحة.
وكما لو كان أهالي حارة "سيدة البلكونة" يكرسان وقتهما لتوفير لها الجو الملائم، فسرعان ما اختفت معالم الحادث بالمكان، وعادت الحياة من جديد إلى طبيعتها، ويتفاخر الكبير والصغير بالسيدة العظيمة، فما إن يقال إسمها يتسارع الجميع بتحديد منزلها، ضاربين بكف على آخر عن ما حدث داخل حارتهما الهادئة التي لا يعلو فيها صوت سوى ضحكاتهم، فالجيران هناك يعلم كل منهما الآخر ولا تهدأ قلوبهم إلى بالاطمئنان على بعضهما البعض.