من دار الشفا لمعهد ناصر.. حكاية أسرة ذاقت مرارة الموت بحادث محطة مصر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


 

اجتاح الذعر قلب نورا محمود محمد، عقب سماعها أنباء نشوب حريق بمحطة مصر-إثر انحدار جرار وردية رقم 2302 واصطدامه بالصدادات الخرسانية بنهاية الرصيف رقم (6)، محدثًا انفجارًا هائلًا، التهم جثامين 20 مواطنًا، وإصابة 43 آخرين- مهرولة تبحث عن أسماء أسرتها بين الأسماء المعلنة في المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي "كان نفسي ما شوفش أسمائهم في الورق لكن أخوية الوحيد وعيلة خالي ٤ بينهم".


 

تلتقط صاحبة الثلاثين ربيعًا، أنفاسها بصعوبة، مسرعة صوب شقيقة أبيها، فاطمة عبد الهادي، لتبلغها بالحادث، بعد مرور ثلاث ساعات من حدوثه لتبدئا رحلتهما من البساتين حتى مستشفى معهد ناصر بشبرا "كانوا رايحين يفرحوا ويقضوا الواجب في فرح ابن عمهم.. لكن قدر ربنا كان أكبر من كل شئ" تقولها والدموع تنهمر على وجنتيها وعزاؤها الوحيد أن شقيقها صاحب الواحد وعشرين ربيعًا، نجى من الحادث ببعض الإصابات "الحمدلله اطمنا على واحد لسه أربعة"، محاولة وقف حالة الهلع التي انتابت عمتها وجعلتها صامتة عن الحديت لبرهة-بعد رؤية شقيقه-عامل رخام- بعد خروجه من العناية المركزة ونقله في غرفة في الطابق الثالث. 

 


 


 

وتلتقط السيدة الستينية، أطراف الحديث من نجلة أخيها "مش هطمن غير لما اشوف كل عيالي بعيني". لحظات معدودة كانت أشبة بالجحيم، مرت عليها وهي تنتظر أمام غرفة الشاب العشريني وهشام فتحي حافظ، نجل أخيها الأكبر، والذي فقد ابنته الكبرى مروة التي كانت بالصف الأول الثانوي وابنه محمد البالغ من العمر ما يقرب من سبع سنوات، على شريط السكة الحديد بالمحطة "عيلة كاملة ادمرت.. هشام كان صنايعي رخام قد الدنيا وماشي جنب الحيط وبيجري على رزق ولاده اللي طلع بيهم من الدنيا.. وساب سوهاج واستقر هنا علشان يقدر يسعد عيلته.. لكن مفرحش وعيله ضاعوا منه في لحظة وماروحناش لسه نشوف جثثهم.. قولنا نلحق الأحياء".

 


 


 

تقطع حديثها إحدى الممرضات التي وعدتها بالدخول لرؤية أبنائها، منتعله حذائها الأسود، مرتبكة وهي تمر بين جموع الواقفين، حتى رأت محمد محمود، واطمئن قلبها بعض الشىء عليه، وخرجت وهي تتمتم "لسه هشام نفسي اطمن عليه والمسه بايدي"، وظلت تتنقل بين ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ متسائلة عن حال ناهدعبد العال، زوجة هشام التي تمكث في مستشفى دار الشفا بالعباسية، وعن أحفادها التي راحوا ضاحية الحادث عسى أن يهدي أحد للجواب، لكن جميعهم كانوا مشغولين بمتابعة حالتها هاتفيًا بعدما وزعوا أنفسهم مابين معهد ناصر وبينها "لسه في الرعاية ياحاجة والممرضات طمنتنا وهنرجع ليها تاني "يقولها أحد أحفاد فاطمة ﻓﻲ ﺁﺳﻰ.

 

 


 


 

اصطف شباب العائلة حول فاطمة، لطمأنتها أن كل الأمور ستمضي بخير، بينما كانت نورا تحاول أن ترى هشام ابن عمها، لاسيما وأنها لم تراه منذ أسبوع بعدما عاد من سوهاج "خايف يكون الوداع الأخير"، وتقولها وهي شاخصة بصرها صوب غرفة ابن عمها "دخلوني أشوفه عامل إيه ومحتاج إيه لو عاوز دم شباب العيلة هنا واصحابه"، حتى استجاب إليها أحد أفراد الأمن، بعد أن أكدت لها إحدى الممرضات أن وزارة الصحة وفرت كافة أنواع فصائل الدم لكافة المصابين، وهو ما أشار إليها أيضًا خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة "الوزارة تمتلك مخزونا استراتيجيا ولا يوجد أي نقص في فصائل الدم"، وأن الإصابات تتراوح بين حروق الدرجة الثانية والثالثة، ما عدا خمس حالات فقط في حالة حرجة للغاية.