مناطق جنوب القاهرة الأثرية: التكايا من وسائل العثمانيين للسيطرة وعصرهم كان مظلمًا بالنسبة لمصر
قال الدكتور مصطفى فوزي مدير شئون مناطق جنوب القاهرة الأثرية، إن الدولة العثمانية كانت ممتدة من النمسا إلى إيران إلى مصر، بل وشمال أفريقيا كله، بما في ذلك الحرمين الشريفين، وكان هم العثمانلية هو صبغ كل دولة يدخلوها بصبغتهم المعمارية.
وأشار فوزي في تصريحات خاصة لبوابة الفجر الإلكترونية، إلى أن سلاطين الدولة العثمانية اعتادوا على الإكثار من بناء المساجد والمدارس والتكايا، وقد بني في مصر 29 تكية عثمانية، وصلنا منهم 7 تكايا قائمة، والـ 22 تكية مندثرة، وأشهر التكايا القائمة، التكية المولوية في السيوفية، والجلشني في الخيامية، وتكية الشيخ سنان في درب قرمز قريبة من وكالة بازرعة، والتكية الرفاعية في أبو العلا، وتكية محيي الدين الرفاعي، وتكية ملحقة بمقام السيدة رقية ولا زالت قائمة بدورها إلى الآن.
وأضاف أن هذا كان هو السائد في هذا العصر، وهو الإكثار من المؤسسات ذات الطابع الديني، لإشعار مواطني البلدان التابعة للباب العالي بوجود الدولة، وسمي الطراز المميز لهذه المباني بالإمبراطوري، والمساجد فيه كانت عبارة عن قبة مركزية وأربع قباب ركنية، وأربع أنصاف قباب حولها، وحرم، والمدارس، كانت عبارة عن صحن مكشوف يحيط به أربع ظلات، يحيط بها غرف الطلبة، وفي الجهة الجنوبية الشرقية قاعة الدرس والتي تؤدي وظيفة المسجد أيضًا، وهناك بعض المدارس التي تحولت إلى تكايا مثل مدرسة السلطان محمود الكائنة في شارع بور سعيد بجوار مستشفى أحمد ماهر.
والعصر العثماني كان عصر إظلام في كثير من النواحي بالنسبة لمصر -والكلام لفوزي-، فقد أثقل هذا العصر كاهل المواطنين بالضرائب الباهظة، والتي ليس لها مردود على المواطنين، والعملية التعليمة فيه صارت قاصرة على تعليم المذهب الشافعي وهو مذهب الدولة الرسمي، كما كثرت المشكلات الاقتصادية إلى درجة أدت بالمصريين للثورة عدة مرات ضد الباب العالي.
وأكد أن عدد من المصادر وصفوا العصر العثماني بالاحتلال، حيث تدهورت فيه أحوال الدولة، وانعزلت مصر عن العالم لفترة قاربت الـ 400 عام، ولا أدل على ذلك من حالة المدارس التي تحولت إلى تكايا، فالمدرسة كما قلنا في العصر العثماني اقتصرت على تدريس العلم الشرعي، ومع الوقت تحولت إلى تكية، كمدرسة السلطان محمود الموجودة في شارع بور سعيد بجوار مستشفى أحمد ماهر فقد تحولت إلى تكية بعد أن كانت مدرسة.
وعن التكية يقول فوزي، إنها كانت مخصصة للدراويش، وهم الذاكرين لله تعالى، كل عملهم هو الانقطاع للتعبد والذكر، والتكية مصطلح قادم لمصر مع الدولة العثمانية، وفي العصرين الأيوبي والمملوكي، كان يوجد الخانقاة، وهي خاصة بالصوفية وإعداد المجاهدين، حيث كان لها دورين ديني وعسكري، أما التكية فكانت مخصصة للدراويش وفقط، وهو ما يدل على تدهور الحالة التعليمية من ناحية حيث تحولت وظيفة المدرسة القاصرة إلى تكية، وكذلك الحالة الدينية، التي تحولت من التربويات القويمة إلى مجرد شكل ظاهري وفقط.
وختم كلماته قائلًا إن هناك العديد من الأدلة الأثرية التي تعطينا انطباع عن ملامح العصر العثماني في مصر وأنه كان يعتبر مصر مجرد ولاية تابعة ليس أكثر، وهذا يظهر بجلاء على المباني الأثرية العثمانية التي تتسم بالفقر الزخرفي والمعماري، وما وصل إلينا عن الحالة الاقتصادية المتدهورة من خلال دراسة حالة المسكوكات "العملات المعدنية" في هذا العصر.
